استجاب فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية أمس لمطلب نواب برلمان طبرق بتقليص عدد حقائب حكومته من 32 وزيرا إلى مجرد فريق وزاري مصغر. وقال فتحي بن عيسى، المسؤول في حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق المصالحة الوطنية ليوم 17 ديسمبر الماضي إن السراج سيعيد النظر في تشكيلة حكومته وسيكتفي بطاقم حكومي مصغر خلال العشرة أيام القادمة. يذكر أن 89 نائبا من أصل 104 الذين حضروا جلسة منح الثقة لحكومة السراج أول أمس بمدينة طبرق، عارضوا هذه التشكيلة وأمهلوه عشرة أيام لتقديم طاقم وزاري محدود العدد. وكان رئيس الحكومة الليبية في حاجة إلى تصويت 119 نائبا زائد واحد التي تمثل أغلبية ثلثي النواب المشكلين لهذا البرلمان المتكون من 176 مقعدا حتى يتمكن من مباشرة مهامه الحكومية. ويكون فايز السراج قد تنفس الصعداء أمس من منطلق أن برلمان طبرق الذي يحظى باعتراف المجموعة الدولية قد أعاد النظر في موقفه المبدئي الرافض لهذه الحكومة وطريقة تعيينها واكتفى فقط بإبداء معارضته لفائض الحقائب الوزارية، ضمن إشكالية يمكن لرئيس الجهاز التنفيذي الليبي باللجوء إلى حصر الحقائب في الوزارات الهامة والسيادية. ويمكن القول أن نواب البرلمان الليبي من خلال موقفهم فهموا أنهم فقدوا أوراق ضغطهم بعد أن انقسمت الطبقة السياسية الليبية ومختلف الفعاليات الأمنية بين مؤيد ومعارض لحكومة السراج وازداد موقفهم ضعفا بعد أن اشتدت الضغوط الدولية عليهم وزادت قناعتهم أن حكومة الوفاق أصبحت أمرا واقعا ويتعين عليهم تكييف موقفهم مع هذه المستجدات. وازداد موقفهم ضعفا أكبر وسط سيل التلميحات الغربية بضرورة القيام بتدخل عسكري في ليبيا بذريعة تزايد التهديدات التي أصبح يشكلها تنظيم الدولة الإسلامية على وحدة ليبيا وحتى على أمن الدول الأوروبية نفسها. واقتنع نواب برلمان طبرق وفق هذه المعطيات أن مقارعة الدول الكبرى بمواصلة موقف الرفض لن يجديهم نفعا بعد أن فقدوا تباعا أوراقهم المؤثرة وخاصة بعد أن وقع الشرخ حتى بين نوابه الذين أيد بعضهم حكومة السراج ووقعوا اتفاق المصالحة الليبية الذي رعته الأممالمتحدة وضغطت الولاياتالمتحدة ومختلف القوى الدولية من أجل إتمامه. وتفهم السراج أزمة هذه الهيئة النيابية، وهو ما جعله يسارع إلى تلبية شروط نوابها حفاظا لماء الوجه وحتى لا يظهروا أنهم فقدوا كل شرعية في نظر الرأي العام الليبي. ويمكن القول أن الأممالمتحدة ومعها القوى الكبرى وضعت من خلال الليونة التي أبداها نواب برلمان طبرق أول خطوة على طريق تشكيل حكومة ليبية تكون مفاوضا للدول ومختلف الهيئات. والمؤكد أن السراج سيؤكد ضمن هذا التطور على ضرورة رفع الحظر على تسليح الجيش الليبي حتى يتمكن من مواجهة تهديدات التنظيمات الإرهابية ولكن بعد أن يتم حسم إشكالية مصير اللواء خليفة حفتر الذي يصر على بقائه قائدا للقوات الليبية.