رفض نواب برلمان طبرق أمس منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج في قرار سيخلط حسابات هذا الأخير والأممالمتحدة والقوى الكبرى ويعيد الأزمة الليبية إلى نقطة البداية. وقال النائب، علي القايدي بعد انتهاء جلسة التصويت "إن أغلبية النواب صوتت ضد منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني ونطالب بتشكيل حكومة جديدة". وكان موقف الرفض الذي تبناه 89 نائبا من مجموع 104 الذين حضروا جلسة أمس من أصل 176 المشكلة له، كافيا لنسف جهود الأممالمتحدة وإعادة العملية إلى بداياتها. وكان يتعين على حكومة السراج الحصول على موافقة 119 نائبا زائد نائب واحد، بما يشكل أغلبية الثلثين من أجل الحصول على الضوء الأخضر لمباشرة مهامها كما تأمل الأممالمتحدة ودول الجوار والقوى الكبرى بهدف إخراج ليبيا من متاهة الفوضى الأمنية والفراغ الدستوري الذي تتخبط فيه منذ الإطاحة بنظامه السابق في أكتوبر 2011. ويكون نواب البرلمان المعترف به دوليا بمثل هذا الموقف قد أمسكوا "العصا من الوسط" كما يُقال بعد أن أيّدوا بطريقة ضمنية المسعى الأممي ولكنهم أبدوا معارضتهم للتشكيلة الحكومية التي اقترحها فايز السراج والتي اعتمد فيها على المحاصصة المناطقية ضمن مسعى لإرضاء كل الحساسيات والجهات. وهو موقف أراد من خلاله نواب برلمان طبرق بمثل هذا الموقف حفظ ماء الوجه هو الآخر وبطريقة ذكية إرضاء للرأي العام الليبي المؤيد له بعد الضغوط الكبيرة التي تعرض لها من أجل اتخاذ موقف يؤيد المسعى الأممي. وهم بمثل هذا الموقف يكونون أيضا قد ألقوا بالكرة في معسكر الموفد الأممي، مارتن كوبلر الذي سيجد نفسه مكرها على العودة إلى مدينة طبرق للتفاوض مع سلطاتها من أجل معرفة ما إذا كان شخص الوزير الأول فايز السراج هو الذي لا يلقى الإجماع أم أن الأمر يشمل كل الطاقم الوزاري المشكل من 32 وزيرا الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي. وإذا سلمنا بتصريحات النائب، الصالحين عبد النبي بأن البرلمان رفض حكومة الوفاق بسبب عدد وزرائها الكبير وأنه يطالب بحكومة مصغرة، فإن السراج بإمكانه البقاء على رأس الحكومة والقيام فقط بإعادة اختيار الشخصيات المشكلة لطاقمه الوزاري وأيضا تقليص عددهم. ولا يستبعد أن تكون حقيبة وزارة الدفاع التي آلت إلى المهدي البرغتي، أحد خصوم اللواء خليفة حفتر الذي زكاه برلمان طبرق على رأس الجيش الوطني الليبي ورفع درجته من رتبة جنرال متقاعد إلى قائد عام للجيش النظامي الليبي برتبة لواء، هي التي نسفت حكومة السراج بذريعة عدد أعضائها. وهو ما يطرح التساؤل حول ما إذا كان هذا الأخير سيبقى على رأس الحكومة واختيار خليفة حفتر وزيرا للدفاع بعد أن فرض نفسه كرقم لا يمكن القفز عليه في معادلة الترتيبات السياسية الأمنية في المشهد الليبي بفضل القوات التي يقودها في مدينة بنغازي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. واحتمال سيعيد جوهر النقاش بين الفرقاء الليبيين إلى بداياته، خاصة وأن حفتر لا يحظى بتأييد سلطات طرابلس التي عارضت كل فكرة لتوليه حقيبة وزارية بأهمية وزارة الدفاع.