نفى رئيس الحكومة وأمين عام التجمع الوطني الديمقراطي احمد أويحيى أمس، حل مؤسسات ترقية السكن العائلي، وأكد أن الإجراءات المتخذة لتصفيتها ترمي إلى تمكين الدولة من استرجاع الوصاية عليها. على عكس كل التقارير الإعلامية التي نقلت في الأيام الأخيرة نبأ حل مؤسسات ترقية السكن العائلي المعروفة اختصارا "او بي ال اف" أكد رئيس الحكومة أحمد أويحيى عدم اتخاذ أي إجراء في هذا السياق، موضحا أن كل التدابير المتخذة بشأن هذه المؤسسات تهدف الى تمكين الدولة من استعادة وصايتها عليها بعد اكتشاف خروقات في عملية تسييرها. وذهب إلى أبعد من ذلك حيث اتهم مديرين اثنين كانا على رأس مؤسستين بتحويلهما الى "ملكية خاصة" والمتاجرة بأموال الدولة لصالحهما و"تحولا إلى مسؤولين أقوى من الوزراء" . وأوضح أن تصريحاته بخصوص هذين المسؤولين لا يجب تسجيلها في خانة "التهديد" بل أن الدولة من واجبها إعادة تنظيم الأوضاع خاصة عندما يتعلق الأمر بتبذير المال العام. ولما سئل السيد أويحيى عن التحذيرات التي أطلقها الرئيس بوتفليقة في آخر اجتماع للوزراء تجاه الطاقم الحكومي يحذره من مغبة الاستمرار في "تبذير المال العام ويطالبهم بترشيد النفقات"، أكد أن هذا التوجه سيتم تجسيده في الميدان عبر تنشيط عمل المفتشية العامة للمالية، موضحا أن حالات التبذير التي سجلت اما أن تكون عن غير قصد أو بداعي الاختلاس، ولكن في كل الأحوال يبقى الفعل "اختلاسا" وانه من الواجب وضع حد لذلك، مؤكدا أن المشكل ليس في غياب القوانين ولكن في تطبيقها. ورأى انه من الضروري تكثيف العمل الرقابي على المال العام علما أن ما يقارب 5 آلاف صفقة يتم إبرامها في اليوم من تلك الخاصة بالبلديات الى تلك المبرمة على أعلى مستوى. وحذّر السيد أويحيي من أن انهيار أسعار البترول الى ما دون 70 دولارا سيشكل خطرا على الاقتصاد الوطني وعليه يجب التحرك على النحو الذي يسمح بترشيد النفقات اكثر والتخلص من "عقلية الطفل المدلل" الذي يبذر أموال والده، وتوعد بتطبيق القانون على جميع المسؤولين من خلال تنظيم حملات تفتيش ومراقبة تهدف إلى إعادة النظر في الكلفة الخاصة بإنجاز المشاريع، مسجلا مثلا أن أرصفة الشوارع يتم إعادة ترميمها أكثر من مرة في العام. وحول التعليمة التي أصدرها مؤخرا لمفتشية المالية لمراقبة الجمعيات الخيرية والعمل التضامني قال "من مسؤولياتي اتخاذ قرارات" في تأكيد على إصداره لتلك التعليمة، وإصراره على الذهاب بعيدا في معرفة مصير ملايير الدينار المخصصة للعملية التضامنية. وتناول السيد أويحيى بصفته رئيسا للجهاز التنفيذي ولحزب سياسي التحول الذي طرأ في استراتيجية الاستثمار المطبقة، وقال أن الرئيس بوتفليقة لم يقل بفشل الاستثمارات التي باشرتها الجزائر ولكن انتقد طريقة تسيير الملف، موضحا أن الثابت في ملف الاستثمار هو تمسك الجزائر بنفس الاستراتيجية أي الانفتاح وتحرير الاقتصاد لكن الذي تغير فيها هي طريقة التنفيذ أي المنهجية، كونه من حق الدولة أن تحتفظ على مصلحتها كما هو الشأن في الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا اللتين اتخذتا مؤخرا إجراءات تهدف الى حماية ودعم مؤسساتهما، وقلل من الآثار السلبية لقرار مشاركة الدولة في أي مشروع استثماري أجنبي بنسبة 51 بالمائة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية في بلادنا. واعتبر السيد أويحيى الذي تحدث مطولا عن الملف الاقتصادي أن الجزائر ليست في مأمن من الأزمة الاقتصادية العالمية وقال "النظام المصرفي الجزائري لن يتأثر مما حدث مؤخرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن الاقتصاد ليس في منأى عن تلك الأزمة". وحذّر في نفس السياق من الآثار السلبية لإنهيار سعر برميل النفط في الأسواق العالمية وقال أن هبوطه الى 70 دولارا يشكل خطرا على الاقتصاد وأن انهياره الى ما دون 60 دولارا سيكون كارثة، كون كل الاقتصاد الوطني اليوم بُني على أساس 64 دولارا للبرميل. وليؤكد خطورة الوضع على الاقتصاد الوطني أشار الى أن تكلفة زيادة الأجور بلغت 900 مليار دينار فيما لا تمثل الجباية العادية إلا 1000 مليار دينار، بينما تبلغ ميزانية التسيير 2500 مليار دينار ما يتطلب توفير 1500 مليار دينار حسب السيد أويحيى، الذي دعا الى ضرورة التفكير مليا في كيفية معالجة الوضع قبل أن يصيب الاقتصاد الوطني "مرض" يكون من الصعب معالجته. وكشف من جهة أخرى عن الأسباب الحقيقية التي دفعت الحكومة إلى فرض ضريبة على السيارات الجديدة، وأشار الى أن الهدف منها هو الحد من قيمة الواردات التي بلغت2.7 مليار دولار وهو رقم أكبر عن قيمة واردات الجزائر من القمح والحليب والأدوية وتوقع أن تصل فاتورة الواردات إلى 34 مليار دولار أواخر السنة الجارية.