تشهد الأسواق الشعبية بالعاصمة على غرار أسواق عديدة عبر الوطن مع بداية النصف الثاني من الشهر الفضيل، وعلى غير عادتها في هذا الشهر، إقبالا متميزا على مادة السمك وعلى الخصوص سمك السردين، الذي أصبحت أسعاره في متناول المستهلك ذي الدخل المحدود والمتوسط مقارنة بأسعار اللحوم بمختلف أنواعها. عكس الأيام الأولى من شهر رمضان الكريم، عرف سوق السمك انتعاشا ملحوظا بتحول اهتمام العديد من المستهلكين نحو أسواق السمك وعلى الخصوص سمك السردين، بعد أن قرروا أن يديروا ظهرهم للحوم الحمراء منها ولحم الدجاج، التي لم تعد جيوب العديد من المستهلكين تحتمل لهيبها. فرغم تراجع تجارة السمك في الأيام الأولى من رمضان، حيث اضطر التجار في كثير من الحالات إلى رمي سلعهم التي تعرضت للتلف جراء عرضها لساعات طويلة دون أن تلقى من يقتنيها، عرفت بعض الفضاءات المخصصة لبيع السمك بأسواق العاصمة كسوق باش جراح الشعبي، انتعاشا ملحوظا أعاد الأمل والطمأنينة إلى الكثير من الباعة الذين سجلوا خسارة ملموسة في مداخلهم بمجرد حلول شهر رمضان. وخلال تجولنا بهذا السوق المعروف بأسعاره المعقولة والمنخفضة، خاصة منها أسعار الخضر والفواكه، والذي جعله يخرج بها عن المألوف حتى في رمضان، سجلنا انتعاشا لم تعرفه الأيام الأولى من الشهر، الذي اقتصر فيه الإقبال على الخضر وبدرجة اقل على الجزارين الموزعين على طول الشارع الرئيسي لباش جراح، حيث يعرض مئات التاجر الفوضويين سلعهم. وقد أكد لنا احد باعة السمك، أن هذا الإقبال على السردين كان متوقعا خلال النصف الثاني من هذا الشهر، بسبب عجز رب العائلة عن اقتناء اللحم كل يوم، مما يجعل العديد من العائلات تفكر في بدائل له من جهة، لأن الإمكانيات المالية لم تعد تسمح، ومن حجة أخرى بغرض التغيير والتنوع في تذوق مخلف اللحوم. وينبهنا هذا البائع إلى توفر بعض الأنواع فقط من الأسماك دون غيرها في سوق باش جراح. مؤكدا انه من المعقول جدا أن يفضل الباعة جلب ما يطلبه الناس أكثر.. و عليه فإن الصناديق المصطفة بهذا السوق تحتوي على السردين بدرجة أولى تليها الأصناف القليلة كسمك "الباجو"، أما الأسعار فتبقى في متناول الجميع وحتى المستهلك البسيط مقارنة باللحوم الأخرى، فالسردين يباع بسعر يتراوح بين 70 إلى 100 دينار والأنواع الأخرى تصل إلى غاية 250 دينار للكيلو. ... وتعود الحركية والنشاط إلى موانئ الصيد مثلها مثل الأسواق، تعرف المسمكات المتواجدة على مستوى الموانئ هي الأخرى، بعض الانتعاش بعد أن تراجعت بها خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، حيث بدا هذا التراجع ملموسا بعد أن كانت تشهد حركية تجارية كبيرة في مثل هذا الشهر من السنة، رغم أن هذا التراجع لم يؤثر بشكل كبير في أسعار السمك... فبميناء بوهارون الواقع بولاية تيبازة الذي يعد ثاني أكبر ميناء على المستوى الوطني، لم يتحمل التجار وباعة السمك ما يحدث لهم من تراجع لنشاطهم وللإقبال على استهلاك السمك خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، خلافا للسنوات الماضية التي كان فيها الميناء يعرف كثافة تجارية منقطعة النظير، حيث توافد عليه الزبائن من عدة ولايات خاصة المجاورة منها. وبينما يبرر البعض من الباعة هذا الوضع بقلة استهلاك السمك خلال بداية الشهر الكريم ليعود الإقبال عليه بعد ذلك، إلى الطبيعة الاستهلاكية للمواطنين، يرى آخرون أن اهتمام المواطن بالسمك مجددا لا يعني أن سوق السمك سيستمر في الانتعاش.. مبررا ذلك بقلة الأسماك وارتفاعها في السوق اللذين يبقيان السببين الرئيسيين لعدم وصول السمك إلى العديد من العائلات الجزائرية، التي تبقى عاجزة عن اقتنائه حتى وإن سجلت أسعاره بعض الانخفاض، خاصة وأن شهر رمضان تصادف هذه السنة مع الدخول المدرسي وأعباء الفواتير. وعلى عكس الأسواق وعلى سبيل المثال، لم يعرف سعر الكيلوغرام من السردين تراجعا بالموانئ رغم قلة الإقبال عليه في المرحلة الماضية من الشهر، حيث لم يبرح مستوى 150 دج بالنسبة للسردين المجمد، و200 دج بالنسبة للسردين الطازج، فيما فاقت باقي أنواع السمك 500 دج للكيلو ، لتبلغ حدود 700 و800 دج، في حين استقر سعر الجمبري الملكي في 2500 دج للكلغ الواحد.