أصبحت ظاهرة بيع الأسماك وعلى الخصوص السردين في الأسواق الفوضوية عبر الأحياء بواسطة الباعة المتنقلين وفي غير الفضاءات المخصصة لها أي المسمكات تنذر بالخطر على صحة المواطن، الذي بلغ به الأمر حد تعريض نفسه لأخطار التسمم دون أن يولي أي اهتمام لذلك، حيث يلجأ العديد منهم إلى بيع سلعتهم طوال اليوم تحت حر الشمس في غياب أدنى شروط النظافة والتكييف التي تحمي هذه المادة السريعة التلف من التعفن والفساد. ويتميز سوق السمك بالجزائر بفوضى عارمة تمتد جذورها من موانئ الصيد إلى الأسواق المحلية مرورا بالمسمكات التي لم تعد هي الأخرى تحترم شروط التكييف والنظافة وغيرها. والأخطر في كل هذا هو الإقبال الكبير للمواطنين على السمك المعروض للبيع خارج المسمكات وفي أماكن تنعدم فيها أدنى شروط النظافة والتكييف. ولأن السمك بكل أنواعه بما فيه السردين الذي لا نجده هوالآخر في كثير من الأحيان بأقل من 100 دينار للكيلوغرام يحاول الجزائري اغتنام الفرص لاقتناء شيء من السمك كلما أتيحت له فرصة شرائه بأقل الأثمان حتى ولوكان ذلك على حساب صحته. وقد سجلت" المساء" في خرجة لها إلى بعض أسواق العاصمة مشاهد مؤسفة تثير التساؤل والاستغراب أصبحت مع حلول فصل الصيف تشكل أكثر من أي وقت مضى خطرا حقيقيا على صحة المستهلك وسلامته مما يستدعي تدخلا فوريا وفعالا من قبل السلطات المعنية بالرقابة وبالدرجة الأولى المصالح البلدية. فهل يعقل أن يباع السمك في العراء وتحت أشعة الشمس الحارقة دون أن تتدخل أي جهة؟ وهل يعقل أن يجهل العدد الهائل من المواطنين الذين يقبلون على شراء تلك الأسماك في تلك الظروف الأخطار التي قد تلحقهم جراء استهلاك هذا السمك الذي يعتبر منتهي الصلاحية؟ وأين هو دور السلطات المحلية ومصالح الرقابة أمام هذه الكارثة؟ أتعمد شراء السمك في منتصف النهار لأستفيد من تخفيض السعر بمحاذاة السوق المغطى لبلدية الحراش حيث يتخذ عدد من باعة السمك فضاء لعرض سلعتهم ابتداء من ساعة مبكرة تصطف صناديق بها أنواع مما تشتهيه الأنفس من السمك فهذا الجمبري وذاك سمك موسى (صول) والمريلان والسالمون وهناك صناديق السردين الذي شاء احد الباعة تسميته ب"سمك الفقراء" أوذوي الدخل المحدود. وفي زحمة ألفها الناس في مثل هذه الأماكن حيث لا يتردد الباعة في مناداة الناس وإغرائهم بأسعار يقولون أنها لا توجد مثلها في مكان آخر تنبعث الروائح الكريهة من القمامات المتناثرة هنا وهناك وكأنها لا تزعج أحدا بعد أن أصبحت ديكورا لا بد منه في مثل هذه الأسواق بل في كل مكان داخل مدننا. شاهدنا أعدادا لا بأس بها من النسوة يتسابقن في طلب كيلو أو أكثر من السردين بعد أن خفض سعره من 100 إلى 40 دينار للكيلوغرام بكل بساطة لان الساعة كانت تقترب من الواحدة زوالا واحداهن أكدت لنا أنها لا تخشى شيئا لان هذا السردين الذي تحبه كثيرا لا يزال حيا وبالتالي فهو صالح للاستهلاك على حد قول هذه السيدة، التي بررت عدم ترددها في اقتناء السردين في ساعة متأخرة بأنها اعتادت على ذلك ومع ذلك لم تصب هي وعائلتها ولومرة بأذى. في حين قال احدهم انه مجبر على الشراء في هذه الفترة لان الأسعار في الصباح تكون ملتهبة والأمر حسب نفس المتحدث لا يتعلق بالسردين فقط وإنما بجميع أنواع السمك التي يلجأ معظم الباعة إلى خفض الأسعار في الساعة الأخيرة قبل المغادرة قصد التخلص من سلعته كاملة. ويعترف هذا الزبون أن الخطر موجود في مثل هذه الحالات لكن الناس "الله غالب عليها" تبحث عن الفرص التي تسمح لها باقتناء السمك بأبخس الأسعار. ويؤكد أحد الباعة من جهته أن السمك حقيقة لم يعد في متناول كل الناس الأمر الذي يجعل المستهلك في موقف لا يحسد عليه وهنا يغتنم بعض الباعة الفرصة لبيع كل ما لديهم من السمك حتى وان كلفهم البقاء إلى غاية ما بعد الزوال وهم يدركون أن السمك في تلك الفترة لم يعد صالحا للاستهلاك ولا تهمهم صحة الناس بالقدر الذي يهمهم ما يدخل جيبهم من أرباح "إنها مسألة ضمير لدى هؤلاء التجار ومسألة رقابة وصرامة من الجهات المعنية، يضيف نفس البائع الذي قال أن ما يفعله هو وبعض الباعة بعد نهاية الفترة الصباحية المحددة للبيع هو تنقية الأحسن مما تبقى للعودة به إلى المنزل لاستهلاكه مع العائلة والتخلص من الباقي للقطط الرفقاء الدائمين والأوفياء لهؤلاء. وحسب نفس البائع فان بعض الباعة يعرضون سمكهم إلى غاية الثالثة زوالا دون أن يزعجهم أحد وكان ما يبيعونه خضرا أوفواكه أوحتى ألبسة. وهوما لم يكن يحدث في سنوات مضت لأنه بكل بساطة كانت مصالح البلدية تمر بهذه الأسواق بعد نهاية الفترة الصباحية لتتلف ما تبقى من السمك بمادة كيماوية سائلة تفاديا لبيعها. خطر يجوب الأحياء ليست ظاهرة بيع السمك عبر العربات الصغيرة في الأحياء وليدة اليوم بل تعود إلى سنوات مضت فمن من العائلات الجزائرية القاطنة بالمدن الكبرى لم يسبق لها أن استهلكت سمكا اقتنته عند باب المنزل، ومع ذلك لم يحدث أن أصيب أحد بتسمم أو أي أذى. والسبب في ذلك هو أن الباعة في تلك الفترة كانوا يحترمون التوقيت يجوبون الأحياء في الصباح الباكر ويختفون قبل الساعة الحادية عشر أوقبل . أما الآن فنراهم لا يغادرون الحي الذي يدخلونه حتى يتخلصوا من الكمية التي جلبوها لبيعها واتخذوا من تخفيض السعر طعما لجلب حتى الذين لم تكن لهم نية شراء السمك قبل ساعات من ذلك والسبب هو السعر الذي أصبح 30 دينار للكيلوغرام. مديرية التجارة لولاية الجزائر: مراقبة سوق السمك ضمن أولويات برنامج الصيف ردا على الاستفسارات السالفة الذكر، أكد رئيس مكتب مراقبة الجودة وقمع الغش بالمديرة التجارة لولاية الجزائر السيد عبد الوهاب حرقاس ل "المساء" أن مسالة مراقبة أسواق السمك توجد في قلب البرنامج الذي أعدته مديرية التجارة والخاص بفصل الصيف، موضحا أن مصالحه تركز عند حلول كل صيف على اللحوم بصفتها مواد سريعة التلف بما فيها الحمراء والبيضاء والسمك. وكشف المتحدث أن لجنة خاصة متكونة من مصالح البيطرية والرقابة ومصالح الأمن قد تم إنشاؤها بطلب من الوالي المنتدب لباب الوادي لمراقبة مسمكة ولاية العاصمة وفحص كل ما يخرج منها من سمك نحو الأسواق الخارجية . وعن الباعة الذين ينشطون بالأسواق قال ممثل مديرية التجارة أن مصالحها تقوم بدورات مراقبة على مستوى كل الأسواق لإتلاف بعين المكان كمية الأسماك التي تضبط معروضة للبيع بعد منتصف النهار بواسطة منظف القريزيل، موضحا أن مصالحه تعمل بالتنسيق مع مكتب النظافة التابع لكل بلدية التي تبقى مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتكثيف الرقابة على الأسواق التابعة لها. وأما لدى الباعة الذين يعرضون السمك على حافتي الطرقات فهي من مسؤولية مصالح الأمن التي تراقبهم وإذا اقتضى الأمر تقدمهم إلى العدالة وينصح المواطنين وخاصة ربات العائلات بالامتناع عن الشراء من الباعة المتنقلين، الذين أكد رئيس مكتب مراقبة الجودة وقمع الغش بمديرية التجارة ولاية الجزائر أنهم ليسوا تجارا وليسوا مرخصين لبيع السمك أوحتى السردين. وحذر المتحدث أكثر من السمك الأزرق أي السردين الذي يجب التأكد من صحة ظروف بيعه والذي يعتبر السمك الأكثر استهلاكا عند غالبية الجزائريين. كما تعتمد مديرية التجارة على الحملات التحسيسية لمحاربة كل المظاهر المخالفة للقانون والتي من شانها إلحاق الضرر بالمستهلك وعلى الخصوص خطر التسممات التي تكثر في فصل الصيف. وكانت مديرية التجارة حسب السيد حرقاس قد نظمت ثلاث تجمعات جهوية بكل من أم البواقي والمدية ووهران.