كشف وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب لوح، أن الجزائر لم تدخر أي جهد لمحاربة آفة المخدرات، وهي تساهم بمختلف أطرافها لمحاربتها لاسيما وأنها أبدت عزمها من خلال انضمامها إلى فعاليات مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والشبكة الأورومتوسطية لمحاربة المخدرات. وجاء هذا على هامش الملتقى الدولي الذي انطلقت فعاليته، أمس، بقصر الثقافة بمدينة تلمسان تحت عنوان ظاهرة المخدرات آثارها إقليميا، عالميا وآليات مكافحتها. لوح أكد أن السوق غير الشرعية للمخدرات هي ثاني أكبر تجارة في العالم بعد تجارة الأسلحة بقيمة تتراوح بين 300 و500 مليار دولار أمريكي وهي مبالغ الإتجار بالكوكايين والهيرويين والقنب الهندي، دون باقي المخدرات، مشيرا إلى أن هذه العائدات الضخمة التي تدرها تجارة المخدرات هي التي تحفز عملية الاتجار بها. وأوضح المسؤول أن أرباحا تقدر ب200 مليار دولار سنويا تستغل في مشاريع فاسدة وتوجه لنشاطات أخرى غير مشروعة في العالم. ومقابل هذه الأرقام، يقول الوزير، هناك أرقام أخرى مرعبة وهي التزايد المستمر لعدد المستهلكين والمدمنين الذي وصل السنة المنصرمة، حسبما أصدره مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى 264 مليون شخص منهم 27 مليونا يعانون من مشكل الإدمان أغلبهم شباب والكثير منهم يوجدون في دول لا تحوز على الإمكانات اللازمة للتكفل بهم. مما يجعل من مشكل المخدرات، حسب الوزير، مشكلا مرتبطا بالصحة العمومية ويرتبط هو الآخر بمشاكل أكثر استعصاء وأكثر خطورة منها فقدان المناعة المكتسبة. وأرجع لوح مشكل المخدرات لخلفيات متعددة تعاني منها مختلف الدول مهما بلغت درجة تطورها لكن بدرجات متفاوتة، ومنها ذكر المتحدث المشاكل الاقتصادية، الاجتماعية عدم الاستقرار السياسي، الفقر، والبطالة، وهي كلها شجعت على إنتاج المخدرات واستهلاكها والاتجار بها. وقال وزير العدل أن إفريقيا تعد منطقة إنتاج للقنب الهندي وهي منطقة عبور للكوكايين، وقد أصبحت بعض البلدان بها من أكبر المنتجين للمؤثرات العقلية. ويحدث هذا في الوقت الذي ارتبطت فيه المصالح بين الجماعات الإرهابية والمتاجرين والمروجين ليكون القاسم المشترك بين هؤلاء هو الاستفادة من عائداته لبسط النفوذ والتهديد على المستوى الإقليمي والجهوي والعالمي. كما أعرب الوزير خلال الكلمة التي ألقاها بمناسبة افتتاح أشغال الملتقى عن أسفه للوضع الحالي، مشيرا إلى أن الأرقام والمؤشرات مرشحة للتفاقم في ظل الأوضاع الجيوسياسية الراهنة التي خلفها عدم الاستقرار السياسي في بعض المناطق من العالم، والتي أثرت على العلاقات الدولية، مشيرا إلى أن زيادة نشاط التهريب لها صلة وطيدة بعدم الاستقرار الأمني والسياسي التي تعيشها بلدان شمال إفريقيا والساحل، موضحا أنه أمام هذه الحقيقة المؤلمة ينبغي القول أن مشكل المخدرات بحكم انعكاساته لم يعد شأنا داخليا للدول بل أصبح جزءا من تلك المآسي التي لابد من أن تتحمل مسؤوليتها مختلف الدول. لأن الأمر يشكل تهديدا مشتركا ولأن التغلب عليه لا يتم بمعالجات فردية وإنما العمل وفق مخططات وطنية واستراتيجيات إقليمية تهدف إلى إيجاد حلول أمنية وقانونية واقتصادية لمحاربة هذه الظاهرة العالمية. وشدد الوزير أن الأمر يتطلب إرادة حقيقية لكل الأطراف السياسية الفاعلة لتغليب منطق السلم، لأن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن لكل سكان العالم لخدمة السلم والأمن الدوليين. على صعيد آخر أشار المتحدث إلى أن الحكومة أعدت استراتيجية وطنية شملت الجانب الوقائي والقمعي بمختلف المصالح المكلفة بهذه المكافحة، فالجزائر أولت عناية خاصة لمشكل الإدمان من خلال إنشاء مراكز لإزالة الإدمان، والتكفل به عبر الوطن. وقال الوزير أن الأمر لا يقتصر على الهيئات الرسمية فقط وإنما أيضا المجتمع المدني والجمعيات ووسائل الإعلام التي تساهم هي الأخرى بشكل كبير في التحسيس والوقاية من مخاطر المخدرات. كما سلط الضوء على مهام السلطة القضائية التي تم تعزيزها باعتبارها حامي الحقوق والحريات السياسية وهو ما جسده التعديل الدستوري الأخير الذي جاء تتويجا لسلسة من الإصلاحات حيث تم توسيع حقوق وحريات الفرد المحمية دستوريا. وفي الأخير عبر الوزير لوح عن أمله في أن يسلط الملتقى الضوء على الجوانب التي هي في حاجة لحث ودراسة معمقين. موضحا أن التسليم للقوانين سارية المفعول لما فيها القوانين الدولية أحاطت الظاهرة فهذا يعني ضرورة البحث عن مكان الضعف والقصور التي ما تزال موجودة والتي لا زال هذا الداء يتسلل من خلال المجتمع والعالم كله ويمس باستقرار وامن المجتمع وبكيان الدول في بعض الأحيان.