تستقبل العائلات العنابية فصل الربيع بحلوى البراج والأكلات الشعبية، مثل إعداد طبق الثريدة والشخشوخة، وذلك احتفالا بأول يوم من الربيع. وتتعدد الجلسات العائلية إلى غاية منتصف شهر ماي؛ حيث تتحول المنتجعات السياحية والمروج الخضراء التي تتميز بها منطقة عنابة ذات التضاريس المختلفة إلى جانب موقعها الجغرافي الفريد من نوعه، إلى فضاء لقضاء لحظات رائعة مع الأهل والجيران والأقارب، الذين يفضلون التوجه إلى مناطق شطايبي وسرايدي؛ حيث تتزاوج الطبيعة مع البحر، وهناك من يعتبر الاحتفال بفصل الربيع فرصة للمّ الشمل وإقامة الوعدات بمقام رأس الحمراء وضريح سيدي عمار بوسنة، وهي كلها عادات يمارسها أهل بونة لتعزيز السياحة الروحية. ومن عادات سكان عاصمة أبي مروان الشريف، أنهم يخرجون عند نهاية الأسبوع باكرا إلى الحقول، حيث يُعِدون حلوى البراج وبعض الحلويات الأخرى، على غرار مقروض الصينية، وحتى أطباق الكسكسي والمقطفة والثريدة لتوزيعها على الفقراء والمساكين. ومن مميزات هذا الفصل أنه فأل خير على العزبوات واللواتي يتطلعن للارتباط في هذا الفصل. وفي سياق متصل، أكدت السيدة الضاوية أن الاحتفال بفصل الربيع يكون بحلوى البراج مع قطف بعض الزهور البرية وعشبة البرواق لرميها فوق أسطح المنازل، ليكون عام خير على العائلة، إلى جانب تحضير البراج بدقيق القمح وزبدة الأبقار الصحية وغرس التمر لمضاعفة الطاقة لدى الفلاحين، وتعويضهم عن الجهد المبذول خلال خدمة الأرض؛ لأن في هذا الفصل تضيف: "يكون المزارعون على موعد لزرع الطماطم الصناعية والخضروات الموسمية؛ باعتبار أن عنابة ذات طابع فلاحي بامتياز". ومن العادات الأخرى صناعة قرصات من الرغيف وتوزيعها على الأطفال؛ حيث يمرحون بها في المروج، ويشكلون حلقات تغلب عليها البراءة؛ إذ يُتعبهم الجري وراء العصافير والتمرغ في البساط الأخضر والتمتع بخرير المياه، وهو ما يساعدهم على كسر الرتابة السنوية. ويبقى الربيع سيد الفصول، ينزل ببركته على كل صغير وكبير لرسم أجمل الصور المتعلقة بالمساحات الربيعية، والتي تلتحف السماء بعيدا عن حركة الحياة وضجيج العمران والمدن الآهلة بالسكان والسيارات.