مازالت العائلات العنابية مرتبطة بعاداتها وتقاليدها خلال الاحتفال بعيد الفطر، حيث تنطلق التحضيرات لهذه المناسبة الدينية خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان، فتحضّر الحلويات التقليدية في البيوت، ويكون المقروض سيد الصينية، ويتم تحضيره عادة من قبل المُسنات، وذلك حتى يكون فأل خير على العائلة. تجتمع النسوة يومين قبل عيد الفطر لتحضير المقروض وذلك بعد صلاة التراويح مباشرة. وتحضَّر هذه الحلوى التقليدية من عجينة التمر أو الغرس التي تتبَّل ببعض المنكهات منها القرفة، ثم تُترك جانبا لمدة 24 ساعة، وبعدها يتم طهيه في الفرن أو يُقلى، حسب الرغبة. وحسب لالة فطيمة فإن المرأة العنابية معروفة بتحضيرها للحلويات التقليدية، فهي مازالت محافظة على تراث بونة رغم توفر شوارع المدينة وأحيائها على محلات تحضير الحلوى بشتى أنواعها، ولكنه أمر غير مستحب لدى المرأة العنابية، التي اعتادت تحضير الحلويات بنفسها وتقديمها صبيحة العيد في صينية خاصة. وتضيف أن عيد الفطر مناسبة مفتوحة لتقديم الصدقات للفقراء؛ من خلال إعداد صينية الطمينة والبراج وتوزيعها على المحتاجين أو حتى التصدق بها للمساجد، وهي عادة حميدة تعتمدها العائلات بالمنطقة منذ سنوات، لدرجة أنها تصل إلى التنافس بين النسوة. كما يتبادل الجيران أطباق الحلوى فيما بينهم ويتم تقديم العيدية للصغار عند المعايدة، وخلال الأيام الأخيرة من رمضان يتوافد الصائمون على الحمّامات الشعبية خاصة منها «حمام العقبة»، الذي يفتح أبوابه طيلة اليوم للرجال، وتخصَّص الفترة المسائية للنساء. والكل يعتبرون أن الذهاب إلى الحمّام بمثابة تطهير للأجسام من الذنوب والمعاصي، وهم بذلك يستعدون لمناسبة عيد الفطر. وتفضّل بعض العائلات العنابية في أول يوم من عيد الفطر المبارك، الذهاب إلى المقابر، فيما هناك من تقيم «وعدات» في أول يوم عيد بأحد مقامات الأولياء الصالحين للتبرك بهم والتصدق على زوار المقام وتعزيز أواصر التسامح والتآخي بين الجيران والأهل. يوم العيد تحضّر النسوة أكلا خاصا للمناسبة؛ حيث يتم تحضير طبق الشخشوخة أو الثريدة المرصّعة بالحمّص واللحم، وتقدَّم بعد صلاة العيد مباشرة للعائلة والجيران وحتى الأقارب، وهي من العادات الراسخة لدى الأسر العنابية. وبعد الشخشوخة توضع صينية القهوة والشاي المتبوعين بالحلويات التقليدية، مثل الكعك والمقروض العنابي والبقلاوة إلى جانب الزلابية وحلوى الشامية والمكسرات. ومن عادات أهل عنابة خلال عيد الفطر تقديم الهدايا للعروس المتزوجة حديثا من طرف أهل زوجها، وهو دليل على أن العائلة راضية عنها؛ لأنها خدمتهم طيلة الشهر الكريم، وبعد ثلاثة أيام تذهب العروس رفقة حماتها إلى بيت أهلها للمعايدة عليهم. أما بالنسبة للفتيات على وشك الزواج فإن أهل الخطيب يقدّمون لها هدية العيد بعد 4 أيام من حلول هذه المناسبة الدينية فيما يعرف باسم «المهيبة».. هذه هي عادات سكان بونة الأصليين، الذين مازالوا يفتخرون بتقاليدهم ويعتبرونها من التراث العريق وتاريخ الأجداد.