كشف، أمس، وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، عن الإعداد لإطلاق المرصد الوطني للمتاحف، الذي من مهامه تقديم تصوّرات لتحسين صورة المتاحف وخلق ثقافة متحفية في أوساط المجتمع، وذلك بعد تسجيل انغلاق هذه الهيئات على نفسها، وتأديتها دورا سلبيا في المجتمع بالرغم من وجود مبادرات تسعى لتغيير النظرة النمطية تجاهها، مشيرا إلى زمن العمل الثقافي بالمجان قد ولى لأنّه لا خيار لنا سوى الذهاب نحو تمكين الثقافة وجعلها عاملا أساسيا في التنمية. ميهوبي وهو يشرف على الانطلاق الرسمي لشهر التراث الذي يرفع هذه السنة شعار "التراث الثقافي والقيمة الاقتصادية"، أكّد أنّ "أوبرا الجزائر" ستكون نموذجا للعمل الثقافي بالمقابل، مضيفا أنّ البعد التجاري سيكون من بين رهانات وزارة الثقافة المستقبلية، وسيتمّ العمل على تنمية فكرة اقتصاد الثقافة كأساليب تطبيقية في الميدان. وأوضح الوزير خلال إشرافه على انطلاق أشغال الملتقى الدولي حول "التراث والرقمنة، فاعلون، تكوين وصفقات" بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، إنّ بعضا من مجالات الثقافة كالسينما والكتاب، تدرس منذ أكثر من أربعة عقود من الزاوية الاقتصادية باعتبار الاستثمارات التي تتطلبها تقتضي تمويلا مختلطا "عمومي وخاص"، مشيرا إلى أنّ الجزائر تعكف على إرساء الأطر القانونية اللازمة من أجل دعم الصناعات الثقافية أكثر فأكثر من قبل الاستثمار الخاص، إلا أنّه نادرا ما يجلب التراث الثقافي هذا النوع من الاستثمار بالرغم من أنّ عملية استغلاله يمكن أن تكون مصدرا هاما للثروات. وفي هذا السياق، جدّد ميهوبي دعوته للتخلي عن فكرة أنّ الدولة هي الكفيلة الوحيدة بقطاع الثقافة تمويلا وتنظيما، وتكريس فكرة أنّ الثقافة نتاج المجتمع، وأضاف أنّه لا بدّ من المرونة وإشراك المجتمع المدني في هذه العملية من منطلق أنّ رمزية الدول تتأسّس على القيم الثقافية والفكرية، وفي هذا الإطار، كشف ميهوبي عن لقاء ثان سيجمعه مع رجال الأعمال بداية شهر ماي المقبل لطرح الفكرة وتبادل الآراء وترتيب الأولويات. كما تحدّث ميهوبي عن دسترة الثقافة، حيث أكّد أنّه على ضوء الدستور الجديد الثقافة أصحبت بعد أن كانت من الكماليات، حقا، وهذا يفرض على الجميع مسؤولية تقديم ثقافة نوعية واستثمارية، إضافة إلى المحافظة على التراث الوطني المادي وغير المادي، وفي هذا السياق، أوضح الوزير أنّ الرقمنة عامل أساسي في تثمين التراث، وقال إنّه إذا كان على عاتق الدولة تحمل جزء هام من أجل القيام بمهامها الأساسية المتمثلة في حماية وصيانة تراثنا الوطني، فينبغي عليها دعم تثمين هذا التراث والعمل على الرفع من قدرته على جلب الجمهور وإشراك جميع الفاعلين في المجال على غرار المجتمع المدني. وأوضح أنّ تثمين التراث الثقافي يعني إضافة قيمة اقتصادية وقيمة وظيفية على القيمة الثقافية والقيمة الرمزية للتراث، وبتعبير آخر، هو المقابل المحتمل المقدّم من طرف المواطنين بهدف استفادتهم من منتوجات وخدمات ثقافية ذات جودة، وأضاف أنّ الشراكة الثقافية خاصة في مجال الرقمنة، جانب لا بدّ من دعمه لأنّه أحد المحاور الإستراتيجية للتثمين الاقتصادي للتراث الثقافي، مشيرا إلى سعي وزارة الثقافة لفتح مركز للتوثيق والمصادر التوثيقية لإرساء أرضية للتراث الثقافي، وقال "بادرنا إلى إنشاء بوابة الثقافة الجزائرية، ونحن اليوم نخوض معركة المحتوى والترويج لثقافتنا بإشراك المجتمع المدني المنتج، والجمهور الذي يمتلك هذا التراث، ولما لا الاعتماد على الفايسبوك لاسترجاع التراث"، مشدّدا على ضرورة أن يكون التراث في متناول الجميع من خلال الاستعانة بالخبراء والتقنيين وكذا المؤرخين والإعلاميين والجمعيات. وفي سياق متصل، أشار وزير الثقافة إلى أنّ الجزائر تسعى لتصنيف عدد من معالمها التراثية سواء المادية أو غير المادية، وأوضح أنّها تكسب كلّ سنة رهان أحد ملفاتها، ومن بين الملفات المرشحة للتصنيف لدى "اليونسكو" مهنة "القطارين"تقطير الزهور"، "كيالو الماء" وأيضا أغنية الراي. من جهته، أكّد المدير العام للمتعامل الأوّل للهاتف النقال "موبيليس" محمد حبيب أنّه في عصر التكنولوجيات الجديدة، على المتعاملين الاقتصاديين أن يعملوا على الرقي بالخدمة المقدّمة للزبائن، وتطوير المحتوى المقدّم لهم، مضيفا أنّه مع طغيان الانترنت على كلّ شيء خاصة من طرف الشباب، وقال "من المهم تطوير محتويات ترضي المستخدمين والاستثمار في المضامين عبر تسليط الضوء على الثقافة وتثمين التراث الثقافي الوطني". للإشارة، يشارك في الملتقى الدولي حول "التراث والرقمنة، فاعلون، تكوين وصفقات" خبراء وتقنيون من الجزائرفرنسا والمغرب، ويتزامن مع انطلاق شهر التراث ويعتبر فرصة للقاء الأساتذة والباحثين الجامعيين ورؤساء الجمعيات العاملة في مجال المحافظة على التراث والممتلكات الثقافية.