أسقط شريط وثائقي بثته قناة "فرانس 3" سهرة أول أمس الخميس القناع عن الوجه الحقيقي للعاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يسعى لتقديم نفسه على أنه ملك منفتح وملك الفقراء واليتامى.. لكن الشريط الوثائقي الذي حمل عنوان "الحياة السرية للملك محمد السادس" وخلال مدة تجاوزت الساعة وأربع دقائق كشف كيف بنى نظام المخزن نفسه وكرّس سلطاته بعد أن اشترى صمت المؤسسة العسكرية من جهة، وجعل من الفساد والرشوة والقمع أسلوبا في التعامل بين مختلف دواليبه. الشهادات الحية التي بثها خلصت إلى أن الفرق بين الملك محمد السادس ووالده الراحل أن هذا الأخير عرف بنظامه القمعي الذي يمارس التعذيب الوحشي في المعتقلات السرية ضد كل من يعارضه وانتهاج أسلوب التصفية الجسدية كما حدث مع المعارض المعروف مهدي بن بركة. غير أن محمد السادس يمارس نفس سياسة القمع لكن على طريقة القرن ال21 من خلال تضييق الخناق على مصادر التمويل وخنق الحريات وحرية التعبير والنشطاء الحقوقيين... الوثائقي عاد إلى سنوات الرصاص إبان فترة حكم العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني الذي عقد اتفاقا مع جنرالاته من أجل الإبقاء على سلطته، حيث قال على إثره مصطفى أديب ضابط سابق في الجيش المغربي (يعيش حاليا في المنفى بفرنسا) بأن "الحسن الثاني وبعد تعرضه لانقلابات عسكرية كادت تسقط بنظامه عمل على شراء صمت جنرالاته بفتح المجال لهم أمام الغنى الفاحش وقال لهم "اتركوا لي الحكم ولكم المال". جملة لخصت طبيعة مملكة مغربية أكدت شهادات من شاركوا في هذا الشريط من صحافيين مغربيين منفيين وأجانب أنها دليل قاطع على تفشي الفساد في دواليب المؤسسة العسكرية المغربية بضوء أخضر من القصر الملكي. ونفس العلاقة الوطيدة مع المؤسسة العسكرية حافظ عليها فيما بعد الملك الحالي محمد السادس الذي اعتلى العرش عام 1999 مباشرة بعد وفاة والده. وقدم الوثائقي إحصائيات على لسان الخبير الاقتصادي فؤاد عبد المومني أكد من خلالها "أن الجيش المغربي يكلف5.1 بالمئة من الدخل الخام في وقت لا يتجاوز فيه هذا المعدل العادي المعمول به عالميا 1.9 بالمئة". وليس ذلك فقط فبقدر الاهتمام الذي يوليه الملك محمد السادس للمؤسسة العسكرية حاول بالمقابل الظهور بمظهر الملك المنفتح وأب الفقراء والذي يسعى إلى تطوير بلاده من خلال الشروع بتنفيذ إصلاحات مست وثيقة الدستور فرضها ما اصطلح على تسميته بثورات "الربيع العربي" الذي هبت بعض نسماته على المغرب. لكنها مجرد إصلاحات أكد الشهود على غرار الأمير مولاي هشام ابن عم الملك محمد السادس والصحافي المغربي المعارض علي المرابط وزميله أحمد بنشمسي وغيرهم أنها "لم تأت بأي جديد بعد أن حافظ محمد السادس على كل صلاحياته". معدو الشريط الوثائقي تعمقوا أكثر في كشف جوانب من الحياة السرية للملك المغربي الذي قالوا: "أنه ، وعلى النقيض من والده، وجه اهتمامه إلى المجال الاقتصادي لكن بفائدة تصب على العائلة الملكية ومحيطها وليس على عامة الشعب المغربي الذي لا يزال 10 ملايين نسمة منه أي بما يمثل الثلث أميين يجهلون القراءة والكتابة في بلد ينادي مسؤلوه بالحرية واحترام حقوق الإنسان". وجاء في تقرير "فرانس 3" أن الملك الذي يملك مؤسسة ملكية تحت اسم "هولدينغ روايال" ورثها عن أبيه عمل على تطويرها لتستثمر في كل القطاعات دون استثناء، حتى في الطاقات المتجددة وقطاع البنوك وغيرها من المجلات الحيوية تجاوز رقم أعمالها 6 ملايير دولار. في وقت احتل فيه الملك المغربي المرتبة السابعة من حيث أثرياء العالم بثروة فاقت 7 ملايير دولار متجاوزا بذلك أمير دولة قطر. التقرير المصور عرج أيضا على العلاقة الوطيدة بين الرباطوباريس وفضح السر الكامن وراء سكوت باريس عن كل الخروقات والانتهاكات التي يقترفها النظام المغربي في شتى المجالات بسبب المصالح الفرنسية الكبيرة في المغرب. أوضح أن الطبقة السياسية في فرنسا تغض الطرف عن تجاوزات النظام الملكي المغربي حتى لا تتأثر مصالحها في هذا البلد. واعتبر أن هذه العلاقة اليوم أكثر صلابة بسبب حاجة فرنسا إلى المغرب في مجال محاربة "الإرهاب" وهي حجة قال عنها الكاتب الفرنسي جيل بيرو صاحب كتاب "صديقنا الملك" المثير للجدل "أنها لا تبرر صمت باريس عن تجاوزات النظام المغربي". التقرير نقل أيضا شهادات لمواطنين مغاربة تعرضوا للتعذيب بسبب انتقادهم للمخزن على غرار الملاكم المغربي زكرياء مومني الذي أكد تعرضه لأسوأ أنواع التعذيب لمدة أربعة أيام كاملة بأحد المعتقلات المغربية وتحت إشراف عبد اللطيف الحموشي رئيس المخابرات المغربية. كما تطرق أيضا إلى سياسة الابتزاز التي يمارسها النظام المغربي في مختلف معاملاته ونقل في هذا السياق شهادة الصحفية الفرنسية كاترين غراسيلي التي تورطت رفقة زميلها ايرك لوران في قضية ابتزاز بعد أن قبلا عرضا بالمال مقابل سكوتهما وتراجعهما عن نشر مقالات تنتقد السلطة الملكية في الرباط. للإشارة فإن معدو الشريط الوثائقي أكدوا أن فريق التصوير ومنذ الوهلة الأولى لبدء التصوير في المغرب تم إيقافهم من قبل أفراد الشرطة المغربية بالزي المدني ليتم في اليوم الموالي طردهم.