اشتهر سكان مدينة البليدة منذ القديم بعدة مهن توارثوها، من بينها مهنة تقطير الورود التي تصارع من أجل البقاء ولو كرمز من رموز التراث الشعبي لمدينة الورود. "المساء" التقت بشخصية ترعرعت على حب هذه المهنة، الحاجة حياة الصغير رئيسة جمعية "الوئام والعمل" في ولاية البليدة، حدثتنا عن أهم نشاطات جمعيتها وبالخصوص عن مهنة تقطير الورود، فكان هذا الحوار. ❊ ما هي أهم نشاطات الجمعية؟ — أهم نشاطات الجمعية؛ الأعمال التطوعية وتعليم مختلف المهن والحرف التقليدية للمنخرطات، على غرار الخياطة والطرز وصناعة الحلويات، بالإضافة إلى مهنة اشتهرت بها مدينة الورود، تتمثل في تقطير الورود. ❊ حدثينا عن مهنة تقطير الورود. — للأسف مهنة تقطير الورود بدأت تندثر شيئا فشيئا، خاصة مع التطور في جميع المجالات، إلى جانب عزوف الشباب عن تعلمها. وهي مهنة تعنى بتقطير الورود والزهر وكذا الأعشاب الطبيعية، بما في ذلك "الخزامة" التي تستعمل للتزيين ومرهم لتساقط الشعر، بالإضافة إلى أنها تستعمل لصناعة العطور العالمية، مثل نبتة "العطرشة". توضع هذه الأعشاب داخل إناء خاص مشكل من قطعتين ومصنوع من النحاس الخالص يسمى "القطارة". ويوضع به الماء ليغلي في الجانب السفلي الذي يحتوي على مادة مضادة للأكسدة، بالتالي تمنع تجمع الميكروبات ويوضع الورد أو الأعشاب الطبيعية في الجانب العلوي مع بعض قطع الجليد، وبفعل حرارة الماء الذي يتبخر نحو الأعلى تبدأ قطرات الندى المستخلصة من الورود والأزهار تنزل في قناة خاصة، ليستخلص ماء مقطر من مختلف الورود والزهور والأعشاب الطبيعية ويستغرق ملء قارورة واحدة حوالي يوما كاملا، وكانت في الماضي تقدم كهدية للعائلة والجيران من أجل زرع المحبة والمودة بينهم. ❊ من أين تعلمت المهنة؟ — في الحقيقة كانت والدتي معروفة بتقطير الورود في الحي المعروف ب"باب الزاوية" وسط مدينة البليدة، حيث كانت آنذاك تقوم بتقطير الورود والزهر و"الأرنج" في المواسم، خاصة فصل الربيع. ❊ من يساعدك؟ — بالطبع هناك من يساعدني، فالمهنة متعبة جدا وتحتاج إلى صبر كبير، وللجمعية فرع بجامعة "سعد دحلب" يقوم بتحليل الأعشاب الطبيعية بالتنسيق مع مخبر الجامعة بهدف معرفة فوائد ومضار الأعشاب. ❊ هل من كلمة أخيرة؟ — أمنيتي هي تعليم مهنة تقطير الورود للأجيال بالمجان من أجل توريثها والحيلولة دون اندثارها.