تخصصت الحرفية مارين بيغير في حرفة "السيراميك العطرة"، وهو الاسم الذي أطلقته على منحوتاتها المصنوعة من مادة السيراميك، ومنها الشمعدانات وعيدان العنبر العطِر وغيرها. وقد اختصت الحرفية في مجالها منذ 13 سنة رفقة فريق عمل متكون من 15 شخصا لعشقها الكبير لكل ما يتعلق بالعطور الجوية، التي ارتأت ابتكار قاعدات جميلة لها من السيراميك لاستكمال الديكور المنزلي. أخذت الحرفية مارين وهي من أصول ألمانية مقيمة بتونس على عاتقها مهمة الحفاظ على صناعة السيراميك التقليدية التي تشتهر بها العاصمة التونسية، بعد أن لفت انتباهها الروتين الذي تشهده بعض القطع التي باتت لا تختلف الواحدة عن الأخرى، إلى جانب زوال عدد من الأشكال والرموز التقليدية التي تعود إلى أزمنة غابرة، ما دفع الحرفية إلى الاجتهاد للبحث عن قالب جديد لهذه الحرفة التي أبدعت في تنسيقها مع المعطرات الجوية، كحاملات للشموع، وأخرى لعيدان العنبر، وثالثة للبخور. ولم تول الحرفية مارين اهتماما خاصا بالسيراميك فقط، على غرار ما يفعله أغلب الحرفيين في هذا الاختصاص؛ من منطلق أن عشقها الكبير لهذه المادة ودرايتها التامة اختصاص فرض وجوده داخل مختلف البيوت العربية والأوروبية، لاسيما أنها حرفة قابلة للتطور يمكن مزجها بين التقليدي والعصري لابتكار في كل مرة نوع جديد منها وتصاميم جميلة تُستعمل في صناعة العديد من الأواني وقطع الديكور، وتزيّن بها البيوت والمكاتب والمحلات وغيرها. اختصت الحرفية في جانب محدد من السيراميك، وهو السيراميك العطري، ويعني أنها تبتكر، بصفة دورية، قطعا جديدة مرتبطة بالمواد العطرية المنزلية، حيث قالت: "إن هذا الاختصاص لم يروَّج له من قبل بصفة كبيرة، الأمر الذي دفعني إلى الاختصاص فيه كحرفة جديدة لم تُستغل من قبل. ويتمثل اهتمامي في صنع قوالب على مقاس شموع أو حاملات عيدان العنبر العطرة، أو قواعد خاصة بحمل خلطات البخور، وأتفنن في تزيين تلك القوالب بثقوب وأشكال هندسية جميلة، ليتخلّلها ضوء الشموع وروائحها العطرة". طورت الحرفية أعمالها، ولم تكتف بالتقنيات التقليدية في حرفتها، حيث ابتكرت مصابيح كهربائية تعطر الجو فور إيصالها بالتيار، وهي على أشكال وألوان مختلفة من السيراميك. وداخل الورشة التي تعمل فيها رفقة 15 شخصا تونسيا، تنقل الحرفية صاحبة الورشة، أصول حرفتها إلى فريقها؛ حيث ترى أن كل فرد مكمل للثاني، ولا يمكن الإبداع وصنع قطع جميلة إلا إذا تم تنسيق العمل بين كل فرد من الورشة بالشكل الدقيق، مبرزة أن على صاحب الحرفة نقل معارفه الكاملة لفريقه والاحتفاظ فقط بسر صغير، يتمثل في اللمسة الخاصة والتي يخص بها صاحب الحرفة فقط، وقد تكون تقنية مزج الألوان، أو رمزا خاصا يوضع على القطع أو غيرها من اللمسات الفنية الأخرى.. على صعيد آخر، قالت مارين إن قطعها من السيراميك تعبر حدود شمال إفريقيا، يقتنيها العديد من المصدّرين لإعادة بيعها في أوروبا وكندا. وأشارت المتحدثة إلى أن أوفى زبائنها هم عملاء لفنادق فخمة، يقتنون تلك القطع للديكور الذي يوضع في الحمّامات والمنتجعات؛ حيث تعتمد في وضع الطابع الشخصي لكل فندق عليها لتخصيصها باسم تلك الفنادق الفخمة.