أبرز الوزير الأول عبد المالك سلال الثقة الثابتة للشعب الجزائري في السياسة الرشيدة المتّبعة من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا إلى أن النتائج غير المتوقعة التي حققتها عملية القرض السندي الوطني تُعتبر خير دليل على هذه الثقة المكرسة أيضا في الخيارات والقرارات الحكيمة التي تتبعها الدولة في رسم توجهها الاقتصادي، ومنها ترجيح سياسة ترشيد النفقات على سياسة التقشف، والاستجابة للمطالب الشعبية الرافضة لأي مشروع استثماري مضر بصحة وحياة المواطنين. فبلغة المتفائل وبالاستناد على المؤشرات المالية والاقتصادية خاطب الوزير الأول الجزائريين من أم البواقي، ليطمئنهم حول الوضعية الاقتصادية والمالية العامة للبلاد، والتي أكد أنها لا تنذر بأي خطر على مستقبل الوطن، بالرغم من صعوبة الوضع المرتبط بتراجع مداخيل البلاد بالنظر إلى أزمة أسعار المحروقات، قائلا في هذا "مازلنا واقفين"٫. سياسة ترشيدية لا تقشفية وجدد سلال خلال الزيارة التي قام بها أول أمس إلى ولاية أم البواقي، التأكيد على أن الدولة ستواصل على نفس الوتيرة رغم الأزمة الاقتصادية، ولا تنوي التوجه نحو سياسة التقشف، وإنما فقط ترشيد النفقات المخصصة للتسيير والتجهيز. وأوضح في نفس السياق أنه رغم الصدمة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر جراء انخفاض أسعار النفط، إلا أنها "لم تسجل أي مشكل اقتصادي، ولم يتم إغلاق أي معمل أو تسريح عمال، كما استمر الاستهلاك بنفس الوتيرة"، واصفا الجهود التي تبذلها الحكومة في هذا المسعى "بالعمل الجبار الذي من شأنه أن يعيد الأمل للمواطنين، ويكرس الاستقرار الاقتصادي والأمني للجزائر". وأضاف الوزير الأول أن سنتي 2016 و2017 ستعرفان بعض الصعوبات في المجال الاقتصادي، غير أنه "من المفروض أن يستقر الوضع سنة 2018"، كاشفا في سياق متصل، بأن قانون المالية لسنة 2017 سيشهد تقليص النفقات المتعلقة بالتسيير والتجهيز، "فيما لن يتم اللجوء خلال هذه السنة إلى قانون المالية التكميلي". وردّ الوزير الأول في سياق حديثه عن صمود البلاد في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية على من أسماهم بأصحاب "الطابور الخامس"، الذين لم يرق لهم "عدم حدوث مشاكل اجتماعية واقتصادية في الجزائر، ولم يوفقوا في زعزعة الوضع بالبلاد"، مؤكدا أن الدولة ستواصل عملها على نفس الوتيرة في تجسيد سياستها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. احتياطي الصرف لن ينخفض تحت 100 مليار دولار بالمناسبة، أكد رئيس الجهاز التنفيذي أن احتياطي الصرف في الجزائر لن ينخفض دون مستوى 100 مليار دولار مهما كانت الظروف الاقتصادية العامة للبلاد، مشيرا إلى أن هذا الاحتياطي سيبلغ نهاية السنة الجارية، 116 مليار دولار، ثم يواصل انخفاضه إلى غاية 111 مليار دولار مع حلول 2019، "غير أنه لن ينخفض دون 100 مليار دولار في كل الظروف"، يؤكد السيد سلال. من جانبها، تعرف مداخيل المحروقات، يضيف الوزير الأول، تحسنا مستمرا، خاصة فيما يتعلق بالغاز الطبيعي، مشيرا إلى أن هذه المداخيل التي وصلت إلى 30 مليار دولار، من المتوقع أن ترتفع السنة المقبلة إلى 35 مليار دولار، على أن تواصل ارتفاعها حتى تبلغ 45 مليار دولار في 2018. وذكر المسؤول في سياق متصل، بأن الاستثمارات تشهد من جهتها، ارتفاعا محسوسا، خاصة في القطاعين الفلاحي والصناعي، ما سمح بتسجيل نسبة نمو تقدر ب 3,5 بالمائة، فيما يُرتقب أن ترتفع خلال السنتين المقبلتين إلى 4 بالمائة، في حين يُتوقع أن تبلغ نسبة التضخم 4,7 بالمائة العام القادم، وتستقر في حدود 4 بالمائة في سنتي 2018 و2019. القرض السندي حقق نتائج فاقت التوقعات في إطار إبرازه لنجاح سياسة الدولة في تنويع المداخيل وتجاوز أزمة تراجع أسعار النفط، ذكر الوزير الأول بأن ما تم جمعه إلى حد الآن في إطار عملية القرض السندي الوطني التي تم إطلاقها في أفريل المنصرم، فاق كل التوقعات، وأشار إلى أنه في الوقت الذي شكّك الخبراء والمحللون في تحقيق الأرقام التي كانت متوقعة من قبل الحكومة والمقدر ب400 مليار دينار، أبانت العملية تقدما كبيرا ونجاحا باهرا، بتحقيق 461,72 مليار دينار إلى حد الآن، "يضاف لها المبلغ الذي التزم منتدى رؤساء المؤسسات بتقديمه، والمقدر ب150 مليار، ما سيرفع المبلغ الإجمالي إلى 612 مليار دينار". واعتبر السيد سلال هذه النتائج المشجعة، دليلا قاطعا على الثقة الكبيرة التي يضعها الشعب الجزائري في حكومته وفي رئيسه السيد عبد العزيز بوتفليقة وسياساته وخياراته الاقتصادية والوطنية. الرئيس بوتفليقة ألغى مصنع الإسمنت بباتنة استجابةً لمطلب السكان في نفس السياق، أعلن السيد سلال عن اتخاذ السلطات العليا في البلاد قرارا يتعلق باستشارة المواطنين عند إنجاز المشاريع الكبرى التي تمثل خطورة على صحتهم، مشيرا إلى أنه ضمن هذا التوجه جاء قرار رئيس الجمهورية لإلغاء مشروع إنجاز مصنع الإسمنت بوادي طاقة بباتنة، بعد رفض سكان المنطقة إنجاز هذا المصنع احتجاجا على تأثيراته على صحة الإنسان والبيئة.وأكد الوزير الأول أنه ضمن هذا المسعى الرامي إلى إشراك المواطن في السياسيات المعتمدة، تم إسداء تعليمات للولاة تخص التكفل بالمياه والبيئة بصفة عامة. وقال في هذا الصدد: "صحيح أننا بحاجة للاستثمارات، غير أن الاستثمارات التي تضر بصحة وحياة المواطنين لا حاجة لنا بها رغم ما تحمله من مردودية اقتصادية"، مشيرا إلى أن قرار صرف النظر عن مشروع مصنع الإسمنت تم اتخاذه في الوقت المناسب، حيث يتم حاليا التفكير في تحويل هذا الاستثمار إلى مكان آخر". نتائج البكالوريا مرضية من جانب آخر، وإذ نوّه الوزير الأول بنتائج البكالوريا المحققة في شعبة الرياضيات التي احتلت صدارة النسب بما يفوق 68 بالمائة مقابل تراجع نسبة العلوم التجريبية إلى 40 بالمائة، اعتبر سلال أن هذه النتائج مشجعة، وتعكس "عودة الأمور إلى نصابها"، مثمنا الجهود الكبيرة التي بذلها التلاميذ من أجل تحقيق هذا النجاح.