أكد عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة لدى وصوله إلى العاصمة الموريتانية أمس أن القمة العربية ستكون "مميزة" وستعمل على إيجاد الحلول لمعالجة مختلف القضايا المطروحة عليها. وأكد بن صالح بأنه "سعيد بوجوده بين الأشقاء في نواكشوط، مكلفا من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للمشاركة في أشغال القمة والتعبير عن جاهزية الجزائر لإنجاحها". وأضاف أن "القمة العربية تحت قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز سوف تكون مميزة وسوف تعمل كل ما في وسعها من أجل تقليص والتخفيف ومعالجة القضايا العربية الراهنة المتعددة". ويمثل عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في أشغال القمة العربية ال27 التي تنطلق اليوم بالعاصمة الموريتانية نواقشوط. وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أمس أن بن صالح سيرأس وفدا يضم أيضا وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل. واستقبل بن صالح لدى وصوله إلى مطار العاصمة الموريتانية الدولي من طرف الوزير الأول الموريتاني يحي ولد حدمين ووزير الخارجية اسلكو ولد أحمد أزيد بيه. مشاركة قياسية وتأكد أمس حضور 21 ملك ورئيس دولة وحكومة عربية في أشغال قمة موريتانيا باستثناء الرئيس السوري بشار الأسد الذي جمدت عضوية بلاده في الجامعة العربية بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلاده، وهو حضور قياسي شكل انتصارا لموريتانيا التي وضعت نجاح تنظيم القمة وضمان أمن الوفود وإيوائهم رهانا يجب تحقيقه في أول امتحان تجتازه منذ انضمامها إلى الجامعة العربية قبل أربعين سنة. وتنطلق اليوم بقصر المؤتمرات بالعاصمة الموريتانية أشغال القمة العربية العادية على مدى يومين، بجدول أعمال مثقل بعديد القضايا والأزمات العربية التي تستدعي موقفا عربيا موحدا لمواجهتها وعدم ترك المجال مفتوحا لقوى أجنبية استغلت الغياب العربي لفرض منطقها في قضايا تهم العرب قبل غيرهم ويتعين عليهم تسويتها. وهو الأمر الذي اتفق بشأنه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري أول أمس والذين أكدوا في بيان توج اجتماعهم، تأييدهم لكل ما من شأنه المساعدة على إيجاد حلول نهائية للأزمات التي تهز العالم العربي وخاصة الأوضاع في ليبيا وسوريا واليمن. وإيجاد حلول لأزمات هذه الدول أصبح أمرا حتميا إذا علمنا أن انفراط عقد الأمن فيها أحدث فراغا رهيبا شجع على توسع دائرة الخطر الإرهابي الذي تمدد في عديد بلدان المنطقة حتى تلك التي كانت تعتقد أنها في منأى عن ظاهرة لا تؤمن بالحدود. وأجمع وزراء الخارجية العرب الذين تناولوا الكلمة خلال الاجتماع التحضيري "لقمة الأمل" اليوم، التأكيد على خطورة الظاهرة والأخطر منها عدم تنسيق المواقف بين الدول الأعضاء لمواجهتها على اعتبار أنها ظاهرة أخطبوطية تجد في الفراغات الأمنية التي تعيشها بلدان مثل ليبيا وسوريا واليمن وحتى الصومال مجالا خصبا لتفاقمها وسمحت بتفريخ مئات الإرهابيين الذين قدموا حتى من دول القوقاز وأواسط آسيا وأوروبا. وهو ما جعل وزير الخارجية المصري سامح شكري يؤكد على حتمية قهر الإرهاب بقناعة أنها أصبحت قضية ذات أولوية، ليضيف وزير الخارجية الموريتاني اسلكوا ولد أحمد ايزيد بيه أن هذه الحتمية تستدعي تنسيقا وثيقا مع إفريقيا لتحقيق هذه المهمة المستعصية. وهي المقاربة التي سبق لمساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي أن أثارها خلال اجتماعات الخبراء وقال إن الأزمات التي تعاني منها الأمة العربية وتشعباتها الأمنية تستدعي عملا أمنيا مشتركا ضد الإرهاب من خلال تشكيل قوة تدخل عربية مشتركة. وقال بن حلي الذي حضر اجتماع وزراء الخارجية العرب أن كل مشاريع القرارات سواء كانت سياسية أواقتصادية أواجتماعية تم التوصل إلى توافق بشأنها في انتظار إقرارها من قبل القادة العرب خلال قمتهم اليوم. وأضاف بن حلي أن مشروع "إعلان نواقشوط" الذي يعرض اليوم على قمة الرؤساء، ركز على المحاور الكبرى للعمل العربي المشترك سواء ما تعلق بالتضامن العربي أومكافحة الإرهاب وحل الأزمات السياسية كالأوضاع في الدول العربية المضطربة، إضافة إلى تطورات القضية الفلسطينية على ضوء المبادرة الفرنسية للسلام. كما شدد المشاركون على أهمية إصلاح الجامعة العربية، وهو المطلب الذي ما فتئت الجزائر تطالب بالتعجيل به باستحداث آليات عمل جديدة للمنتظم العربي لمواكبة التغيرات والتطورات الدولية الحالية ومجابهة التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة العربية. وكان الوزير عبد القادر مساهل قد أكد في تدخله أمام نظرائه العرب على "أهمية إتمام مسار تطوير وإصلاح الجامعة العربية ووضعه في صدارة الأولويات لمواكبة باقي التجمعات الإقليمية التي أحرزت تقدما معتبرا يعود بالنفع على شعوبها. وقال اسلكو ولد أحمد ازيد بيه، وزير الخارجية الموريتاني أن القمة تعقد في ظروف بالغة الحساسية وسياق دولي صعب تمر به المنطقة العربية بما يتطلب تشاورا وتنسيقا مستمرين لرفع التحديات الأمنية والاقتصادية الراهنة. تمسك بالمبادرة الفرنسية لحلحلة القضية الفلسطينية وفي محاولة لحلحلة مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتعثرة منذ سنة 2010، جدد الوزراء العرب على ضرورة إيجاد تسوية نهائية لهذا النزاع المستمر منذ قرابة سبعة عقود كاملة. وهو ما جعلهم يؤكدون على دعمهم لمبادرة السلام الفرنسية التي أكدوا أنها مكملة للمبادرة المصرية. وحيا وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي الحضور القوي للقضية الفلسطينية أمام وزراء الخارجية العرب وقال إن ذلك يؤكد أنها القضية الأساسية والمحورية لكل الدول العربية. وأضاف في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب أن انعقاد قمة الأمل في موريتانيا ستكون هامة لما تمر بها المنطقة من تحديات وخاصة على صعيد القضية الفلسطينية. وأشار أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية أن تسوية القضية الفلسطينية وإيجاد الحلول العادلة لها يتم وفق مبادرة السلام العربية. وكشف بيار فيمونت المبعوث الفرنسي الخاص لمسار السلام العربي الإسرائيلي الذي حضر إلى العاصمة الموريتانية بمناسبة انعقاد القمة العربية أن المبادرة الفرنسية المكملة للمبادرة المصرية، حظيت بدعم قوي من وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم التحضيري. وقال الدبلوماسي الفرنسي إن بلاده حريصة على كسب دعم المجموعة الدولية على أمل التمكن من تنظيم ندوة سلام دولية لإجلاس طرفي الصراع حول طاولة مفاوضات سلام واحدة قبل نهاية العام الجاري رغم اعتراض إسرائيل على ذلك.