بعيدا عن ضجيج المدينة وضوضائها، يرتحل بنا الفنان التشكيلي بشير توجي إلى أعماق الريف بمناظره البهية وعفوية قاطنيه، من خلال 23 لوحة يعرضها برواق عائشة حداد إلى غاية الخميس المقبل، وقد أضفت هذه اللوحات على الفضاء الكثير من الرونق ودفعت بزائريه إلى التفكير مليا في الارتحال إلى حيث يجد راحته النفسية والصحية معا، والابتعاد قدر المستطاع عن كل منغصات الحياة العصرية وما أكثرها. انتقى الفنان التشكيلي والبحار السابق، بشير توجي، الأسلوب الانطباعي للتعبير عن خوالجه التي ما فتئ أن يرسم عنها منذ سن السابعة، مؤكدا أن هذا الأسلوب الذي تخلى عنه الكثير من الفنانين بغية التوجه إلى الفن العصري، يهتم بالتعبير عن الواقع كما هو، أي كما تراه العين المجردة، بعيدا عن التخيّل والإضافات، كما يعطي أهمية كبيرة للشكل العام للوحة وللألوان بمختلف تدرجاتها الضوئية وخصوصا ما تعلق بالخلفيات والظلال. واعتمد الفنان الذي ترك البحرية واتجه صوبا إلى الفن التشكيلي، على اللونين البنفسجي والأصفر في وضع لمساته الفنية على اللوحات. كما استعمل أيضا ألوانا أخرى زادت من بهاء الأعمال مثل الأحمر، الأزرق، الأخضر، البرتقالي والأبيض. وهاهي لوحة رسم فيها بشير راعيا يحرس غنمه وتظهر عليه السكينة، رغم أن الفنان لم يرسم تفاصيل وجهه، ورسم الفنان في هذه اللوحة أيضا، المروج الخضراء والبيوت المغطاة بالقرميد الأحمر. ودائما مع مهنة الرعي، رسم بشير لوحة أبرز فيها راعيا مسنا يجلس فوق صخرة وبالقرب منه امرأة تضع على رأسها غطاء أحمر وعدة عنزات ترعى حشائش الأرض الخصبة. لوحة أخرى رسم فيها زوج يمتطيان دراجتين، ويتجهان نحو القرية بعد جولة قاما بها في أرجاء الريف وتنعما من خلالها بجمال الطبيعة، كما رسم الفنان في هذه اللوحة سماء تعانق الجبال وبيوتا تحادي بعضها البعض. وما أجمل أزهار الأقحوان الحمراء وهي تزين واجهة لوحة أخرى أبرز فيها بشير جمال الطبيعة بشكل أخاذ. بالمقابل، تأثر الفنان بجمال طبيعة مدينة دلس الساحلية، مسقط رأسه وكذا العديد من الدول الإفريقية والأوروبية وأمريكا اللاتينية التي زارها حينما كان بحارا، كما فضل أن لا يعطي أي عنوان للوحاته حتى يجد فيها الجمهور نفسه وأن يعبر عنها بكل حرية من دون التقيد بالعنوان. إضافة إلى عدم ابتغائه إعادة تصوير الواقع بشكل خيالي، بل يعكسه بشكل واضح مبينا علاقة الإنسان بالطبيعة. وهو الفنان الذي غادر عالم البحرية رغم كل المغريات وارتدى لباسا فنيا، حتى أنه تلقى دروسا في هذا الفن بفرنسا. للإشارة، قدم بشير توجي وهو من مواليد سنة 1952، عدة معارض داخل وخارج الجزائر، من بينها الغابون (ليبرفيل - 1984) وفرنسا (مرسيليا/ 1994-1997) وإيطاليا (جنوة/ 1998-2000).