صنفت الوكالة الأممية للتنمية "بنود" في تقريرها حول التنمية البشرية في العالم لعام 2015 الجزائر في المرتبة ال83 من أصل 188 دولة شملها التقرير متقدمة بذلك على كل جيرانها بالمنطقة. وبهذه المرتبة، تندرج الجزائر وفق التقرير الأممي الذي كان محوره الرئيسي "التنمية في كل عمل" في خانة الدول ذات تنمية بشرية مرتفعة متقدمة بذلك على تونس التي احتلت المرتبة 96 والمغرب الذي جاء في المرتبة 126 إلى جانب الدول ذات تنمية بشرية متوسطة. ويعكس هذا التصنيف الجهود التي بذلتها الحكومة من أجل تحسين المستوى المعيشي للفرد، حيث أولت ضمن مخططاتها الخماسية للإنعاش الاقتصادي اهتماما بالشق الاجتماعي للمواطن من خلال الاستجابة لمختلف انشغالاته في شتى مجلات الحياة من صحة وسكن وعمل وتعليم وغيرها. وتصدرت النرويج خانة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جدا تلتها استراليا ثم سويسرا والدانمارك وهولندا وألمانيا وايرلندا والولايات المتحدةالأمريكية وكندا ونيوزيلندا وسنغافورة، بينما احتلت فرنسا المرتبة ال22. واحتلت دول الخليج العربي المراتب الأولى عربيا، حيث جاءت قطر في المرتبة 32 عالميا متبوعة بكل من المملكة العربية السعودية في المرتبة ال39 والإمارات في المرتبة ال41 والبحرين 45 فالكويت 48. أما معظم الدول الإفريقية فقد صنفت في خانة الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة أو الضعيفة. ويشرح التقرير مؤشر التنمية البشرية بأنه مؤشر مركب من ثلاثة أبعاد أساسية خاصة بالتنمية البشرية يتمثل البعد الأول في القدرة على العيش لوقت طويل بصحة جيدة يقاس بمعدل العمر المتوقع منذ الولادة. ويتمثل البعد الثاني في القدرة على الحصول على العلم والمعرفة ويقاس بمدة التدريس والمدة المنتظر قضاءها في الدراسة، بينما يتمثل البعد الثالث في القدرة على بلوغ مستوى معيشي لائق ويتميز بالرفاهية والذي يقاس بالدخل الفردي الخام. ويبدأ التقرير بسؤال جوهري وهو كيف للعمل أن يعزز التنمية البشرية؟ بحيث يتناول العمل بمفهومه الأوسع فيتجاوز الوظيفة ليمس أبعادا أخرى في العمل غير مدفوع الأجر كالرعاية والتطوع والإبداع وهي مجالات كلها تثري الحياة. ويحدد التقرير أن العمل المستدام حجر أساس في التنمية المستدامة، حيث يدفع عجلة التنمية البشرية ويحد من الآثار الجانبية والعواقب غير المقصودة فهو إتاحة الفرص لأجيال الحاضر دون المساس بفرص أجيال المستقبل. وهو ما جعل معدوه يركزون على العمل باعتباره من أهم مؤشرات التنمية ولأنه يشهد تغيرات جوهرية بسبب العولمة والتطور التكنولوجي الحاصل. وفي التنمية البشرية، يتسع مفهوم العمل إلى ما هو أبعد وأعمق من الوظيفة أو التشغيل، فالوظائف تؤمن الدخل وتساهم في صون كرامة الإنسان وتتيح له المشاركة والأمن الاقتصادي. ولكن إطار الوظيفة يُغفل أنواعا عديدة من العمل تؤثر على التنمية البشرية كالعمل في الرعاية والعمل التطوعي والعمل الإبداعي في الكتابة أو الرسم. ويتوقف التقرير عند التقدم الذي شهده العالم على مدى ربع قرن مضى، حيث أصبح معدل العمر أطول والمدرسة تتسع للمزيد من الأطفال وإمدادات المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي الأساسية في متناول المزيد من السكان. لكنه بالمقابل قدم إحصائيات مقلقة حول تدهور المستوى المعيشي لملايين البشر عبر المعمورة بعد أن سجل 795 مليون شخص عبر العالم يعانون من الفقر المزمن حيث يموت 11 طفلا اقل من سن الخامسة كل دقيقة و33 أما تموت في كل ساعة. بينما يعيش حوالي 37 مليون شخص حاملين فيروس الايدز ويعاني 11 مليونا آخرين من السل. وأكثر من 660 مليون شخص يستعملون مياها غير صالحة للشرب. يذكر أن التقرير الأول للتنمية البشرية صدر عام 1990 بفكرة بسيطة "التنمية هي توسيع الخيارات في غنى الحياة لا في غنى الاقتصاد، والعمل رافد يغني الاقتصاد كما الحياة" مع أن مفهومه التقليدي رجح طويلا الاقتصاد على التنمية البشرية. أما تقرير التنمية البشرية لعام 2015 فيذهب أبعد من الفكر التقليدي ليجعل العمل في مقام الثروة من حياة الإنسان.