قال السيد محمود عرباجي، رئيس جمعية "المحافظة على المقابر" لولاية الجزائر، بأن مقابر العاصمة وعددها 141، توجد في حالة مزرية بسبب الإهمال وسوء التسيير الذي أدى إلى استفحال مظاهر منافية للأخلاق بها، وأوضح في تصريح ل"المساء" أن جمعيته نادت في الكثير من المناسبات إلى أهمية التسيير الصارم للمقابر، ومنه تعزيز فرق الحراسة حتى لا يتم استغلالها من طرف المنحرفين والمسيئين لحرمة المكان. نظمت جمعية "المحافظة على المقابر" لولاية الجزائر بالمركز الثقافي "مصطفى كاتب" بالعاصمة أمس، يوما إعلاميا لفائدة المواطنين حول أهمية الحفاظ على القبور وعدم تدنيسها بأي شكل من الأشكال، اختارت له شعار "مقابرنا لابد أن تبقى نظيفة". وعلى هامش اللقاء، تحدثت "المساء" إلى رئيس الجمعية محمود عرباجي الذي أكد بصريح العبارة ما يتداوله الشارع الجزائري حول تشبع بعض المقابر، مما يخلق أزمة في دفن موتى العائلات، مفيدا أن السبب لا يعود فقط إلى نقص مربعات الدفن وإنما أيضا إلى رفض نسبة كبيرة من المواطنين دفن موتاهم بمقابر بعيدة. تحصي العاصمة ما يصل إلى 141 مقبرة، منها 34 مقبرة مسيحية ومقبرة واحدة يهودية. يتساءل لونيس تماني، عضو الجمعية عن الأسباب الكامنة وراء الحالة الجيدة للمقابر المسيحية، مقابل الإهمال الكبير لمقابرنا، بما فيها مقابر الشهداء! وهو التساؤل الذي يبقى حسبه- دون رد واضح إلا فيما يراه هو راجع بالدرجة الأولى إلى سوء التسيير للاعتناء بهذه الأماكن التي لها حرمة خاصة، بما في ذلك نقص الحراسة. يقول لونيس تماني إنه كمتطوع في المحافظة على المقابر، وقف على الكثير من السلوكات غير الأخلاقية بالكثير من المقابر التي تحولت إلى أوكار للرذائل، ويذكر على سيبل المثال مقبرة القطّار ببلدية وادي قريش التي تتعرض للاعتداء بشكل يومي من طرف شباب منحرف يتناولون المخدرات والمشروبات الكحولية، إلى جانب تحويل ‘البريجة'، وهي دار مبنية خصيصا لإقامة الثلاثة أيام عن دفن الميت وكذا الأربعينية، إلى وكر لممارسة الأفعال المنافية للأخلاق. هذا الحال تتقاسمه العديد من المقابر في ظل غياب الحراسة والأمن وحتى المتابعة بإماطة الأذى عن حرمة المقابر عن طريق حملات لتنظيفها، يضيف محمود عرباجي، مفيدا بأن مقبرتي القطار والعاليا وصلتا إلى التشبّع، وهذا ما يظهر معه أزمة في إيجاد مساحة لدفن الموتى بالنسبة للكثير من العائلات، "صحيح هناك إشكال لإيجاد قبر لدفن الموتى بالعاصمة، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن السبب يعود إلى أن الأغلبية تريد دفن موتاها بالقرب من أحيائها، كما هو بالنسبة لمقبرة القطار التي وصلت إلى حد الطلبات المتكررة لفتح مقابر قديمة ودفن موتى جدد عوض التوجه نحو مقابر أخرى بالعاشور أو الشراقة وغيرها". من جهة أخرى، أفرزت ظاهرة إهمال المقابر بروز ظاهرة أخرى وتخص فتح قبور لدفن موتى، مما تسبب في رفع العديد من القضايا على مستوى المحاكم للبت في هذه الحالات، ومنها حالة شخص مسؤول بمقبرة القطار حكم عليه بالسجن حسب لونيس تماني- بسبب إعطائه قبرا مهملا كلية لاستغلاله من أجل دفن ميت آخر، "في مثل هذه الحالات، أي لفتح القبور القديمة، لا بد من وجود تسريح من طرف وكيل الجمهورية، وهذا من مطالب الجمعية التي ترفعها منذ سنوات، فالعائلات التي تصر على دفن موتاها بالقطار مثلا عليها الحصول على تسريح لفتح قبر مر عليه خمس سنوات فما فوق، أو أن تتجه إلى مقرة أخرى، كما أننا نؤكد على أهمية المحافظة على القبور بمسحها وإزالة الأعشاب الضارة عنها وكذا بنائها حتى لا تؤثر فيها عوامل الزمن، كالأمطار وانجراف التربة، فتصبح أرضا مستوية ويأتي آخرون لاستغلالها دون علم"، يضيف المتحدث. تطالب جمعية "المحافظة على المقابر" السلطات المعنية وعلى رأسها مؤسسة تسيير المقابر والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني وكافة المواطنين، بالمحافظة على المقابر وحرمتها وتدعو الجميع إلى المشاركة في حملات لتنظيفها من حين لآخر، ليس فقط بالعاصمة وإنما في كل الولايات دون انتظار المواسم. وعلى ذكر المواسم، فإن أعضاء الجمعية من محدثينا أكدوا أنه ظهرت في السنوات الأخيرة ظاهرة الرعي بالكباش باقتراب عيد الأضحى، لتضاف إلى قائمة من التصرفات غير الأخلاقية وغير الحضارية التي تمس بحرمة المقابر، ناهيك عن إتلاف القبور بأغراض السحر والشعوذة التي تم لمسها في العديد من المقابر، ودعت بشأنها الجمعية المصالح المتخصصة إلى فتح تحقيقات بهدف إيقاف من وصفتهم هنا بالمجرمين. كما دعت نفس الجمعية المواطنين تحديدا إلى الاتصاف بسلوك السلف ممن كانوا يزورون موتاهم بصفة منتظمة، ويقومون بمسح القبور وتنظيفها من كل ما من شأنه طمس معالمها، إلى جانب الاهتمام ببناء القبر، أي وضع الشواهد التي تحمل اسم المغفور له وتاريخيّ ميلاده ووفاته، حتى يبقى شاهدا على مر الأجيال من نفس العائلة وحتى لا يتعرض للسطو من طرف آخرين ممن يحسبون بعض القبور مجهولة، بالتالي فرصة فتحها والدفن فيها.. جدير بالذكر أن ولاية الجزائر تشهد حاليا أشغال تهيئة ما يصل إلى 13 مقبرة، أربع منها مفتوحة بكل من السحاولة وعين النعجة "المالحة" والشراقة ومنطقة وادي الطرفة بالعاشور.