تصيب الأنفلونزا الموسمية معظم الأشخاص سنويا، وتعتبر الفترة الممتدة من شهر نوفمبر إلى غاية أفريل، الفترة الأكثر انتشارا لها، بحيث تكون العدوى كبيرة خلال هذه الفترة، وهو مرض غير خطير، لكنه قد يشكل خطرا على الفئات التي تتميز بضعف في الجهاز المناعي، مما يستلزم إجراء عملية التلقيح الذي له دور كبير في الوقاية من المرض، والذي من شأنه التخفيف من تفاقم الأعراض والمضاعفات. "المساء" اتصلت بطبيب الوقاية والأمراض الوبائية بمديرية الصحة والسكان في ولاية قالمة، الدكتور ابن شعبان عبد الفتاح، وكان هذا الحوار... ❊ كيف تعرِف مرض الأنفلونزا الموسمية؟ وما هي الحالات التي تشكِل فيها خطرا على الإنسان؟ ❊❊الأنفلونزا الموسمية عبارة عن عدوى فيروسية تصيب الجهاز التنفسي عند الإنسان، وهناك الكثير من أنواع فيروسات الأنفلونزا، منها النوع "أ"، "ب"، "ج" أو "س". تمر هذه الفيروسات عادة عبر الهواء لتدخل الجهاز التنفسي، سواء من خلال الفم أو الأنف. المعروف أن الأنفلونزا مرض غير خطير، بحيث أن الإنسان يشفى منه خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، لكن في بعض الحالات قد تشكل الأنفلونزا خطرا على صحة الإنسان، وقد تؤدي به إلى الوفاة، خاصة عند فئات معينة، وهي كبار السن من 65 سنة فما فوق، صغار السن ما بين 6 أشهر إلى عامين، الأشخاص المصابون بالأمراض المزمنة مثل الربو، الأمراض التنفسية، جهاز القلب، الكلى، السكري والنساء الحوامل، وكذا ضعاف الجهاز المناعي. بصفة عامة، هذه الفئات البشرية تتميز بنقص في جهازهم المناعي، بحيث أن الأنفلونزا تؤدي إلى فقدان التوازن للمرض المزمن الذي يعاني منه المصابون، نتيجة الإصابة بمرض الأنفلونزا، هذه الحالة تؤدي بهم إلى تفاقم الأعراض بالنسبة للأمراض المزمنة، ومنه تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان. من هنا تأتي خطورة الأنفلونزا نتيجة المناعة أو تفاقم الحالة المرضية للمرض المزمن. ❊ ما هي الفترة المحددة لانتشار الأنفلونزا؟ ماهي أعراضها وكيف تتم العدوى؟ ❊❊— هناك عدة طرق للعدوى؛ منها المباشرة، فعندما يعطس الإنسان تنتشر الفيروسات في شكل فقاعات في الهواء ويستنشقها الآخرون، بالتالي ينتقل الفيروس إلى الجهاز التنفسي، كذلك طريقة غير مباشرة عندما يقوم الإنسان بلمس الأسطح الملوثة بالفيروسات، مثل مقابض الأبواب، أدوات الأكل، المناشف وغيرها، بحيث يلمسها الإنسان، ثم يضع يده على أنفه أو على عينيه فيُصاب بالعدوى. عادة الفترة التي تنتشر فيها الأنفلونزا هي نهاية فصل الخريف وبداية الشتاء، أي من شهر نوفمبر إلى شهر أفريل، حيث تكثر الموجات. للإشارة فإن الأنفلونزا منتشرة خلال أيام السنة، لكن العدوى الكبيرة تكثر في هذه الفترة نتيجة الخصوصية البيولوجية للفيروس المتعلق بالمناخ، حيث يتكاثر. الأعراض تكمن في الحمى الشديدة، الصداع، التعب والضعف، التهاب الحلق، سيلان الأنف خاصة، وعند الأطفال يكون الإسهال والقيء. هذه الأعراض الخاصة بالأنفلونزا هي تقريبا نفس أعراض الزكام. ❊ كيف يتم التفريق بين الأنفلونزا والزكام؟ ❊❊— الزكام يقصد به التهاب الأنف، وهو عادة مرض غير خطير، تتسبب فيه فيروسات أخرى ولا تعطي أعراضا ومضاعفات خطيرة، على عكس الأنفلونزا. لكن أؤكد هنا أن الأنفلونزا تستطيع أن تكون أعراضها مشابهة لأعراض الزكام، بينما تظهر أعراض أخرى. ❊ كيف تتم الوقاية من الأنفلونزا الموسمية؟ ❊❊— الوقاية تعتمد اعتمادا كبيرا على التلقيح، وبالنسبة للمصابين بالأنفلونزا يجب عليهم البقاء في المنزل وتجنب الأشخاص حتى لا تنتقل العدوى. وعند السعال يجب ضم الأنف والفم بمنديل خاص، مع الإكثار من غسل اليدين وعدم لمس الأعضاء الحساسة، مثل العينين والأنف التي تعتبر تمرر الفيروسات إلى الجهاز التنفسي، بالتالي الإصابة بمرض الأنفلونزا. ❊ هل كل الفئات البشرية معنية بالتلقيح؟ ❊❊— من المعتاد أن وزارة الصحة في كل عام ترسل إلى الجهات المعنية قائمة تخص الأشخاص المعنيين بالتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية، لكن الإنسان الذي يريد التلقيح حتى يقي نفسه فهذا أمر عادي. أما الفئات المعنية، خاصة كبار السن المتعرضين للأمراض المزمنة، النساء الحوامل، فإن هذه المضاعفات تؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة، لهذا الحامل مهما كانت مدة حملها يجب عليها التلقيح الذي يحميها ويحمي الجنين، كذلك أصحاب الأمراض المزمنة بمختلف أنواعها، سواء المتقدمين في السن منهم أو الصغار، كمرض الربو، أمراض القلب، الفشل الكلوي، السكري، فقر الدم الوراثي خصوصا فقر الدم المنجلي، إلى جانب المصابين بالأمراض العصبية والمصابين بنقص المناعة والأمراض العضلية، وبخصوص عمال قطاع الصحة سواء الخاص أو العمومي بصفة عامة، فالتلقيح إجباري بالنسبة لهم لحماية أنفسهم وحماية غيرهم خصوصا أنهم يتعاملون مع المرضى. دون أن ننسى الأشخاص الذين يعيشون في مجال مغلق مثل السجون، دار العجزة، دار الطفولة المسعفة والمعوقين. فترة التلقيح تبدأ من شهر أكتوبر إلى غاية شهر مارس، ومن المستحسن إجراء عملية التلقيح في أكتوبر ونوفمبر، لأن التلقيح يبدأ في العمل بعد 15 يوم من العملية. هل التلقيح الذي أجري في العام الماضي يحمي الشخص في العام المقبل؟ — الميزة الأساسية التي يتميز بها فيروس الأنفلونزا أنه يتغير باستمرار، كما أن هناك العديد من أنواع الفيروسات التي تظهر وتختلف كل عام وتتسبب في المرض، بالتالي التلقيح الذي أجري في العام الماضي لا يحمي الشخص في العام المقبل، لهذا ففي كل سنة تقوم منظمة الصحة العالمية بدراسات على هذه الأنواع من الفيروسات، ومنه الفيروسات التي تكون أكثر احتمالا للنشاط يتم تحضير التلقيح المناسب ضدها، بحيث يجب أن يكون التلقيح دائما مستجدا مرة واحدة في العام وعملية التلقيح في بعض الدول تصل نسبته إلى 80 بالمائة من عدد السكان، وهي بذلك تستطيع التحكم في عدد الوفيات، ومضاعفات الأمراض. من الأشخاص من يجرون عملية التلقيح، ورغم هذا يصابون بالأنفلونزا. — هناك أنواع كثيرة من الفيروسات تصيب الإنسان وتعطي أعراضا متشابهة للأنفلونزا، وليس كل إنسان يعاني من السعال هو حتما مصاب بالأنفلونزا، والتلقيح له 3 أصناف. للعلم، ليس كل إنسان أجرى عملية التلقيح غير معرض حتما للمرض، لكن تكون الأعراض خفيفة ومدة العلاج قصيرة، كما أن حماية التلقيح لا تصل بنسبة مائة بالمائة، فقد تبلغ فقط 80 بالمائة. ما هي دواعي عدم استعمال التلقيح؟ — التلقيح ليست له انعكاسات إلا في حالة الأشخاص الذين لديهم حساسية للبيض، إذ من المعروف أن البيض من بين المواد المستعملة في إنتاج التلقيح، والبروتينات الموجودة فيه يمكن أن تتسبب في أعراض بجسم الإنسان، لكن هذه الحالة قليلة ويجب استشارة الطبيب المعالج. كيف يتم توزيع التلقيح على القطاعات عند إحضاره؟ — يتم التوزيع بالتوازي سواء في القطاع العام أو الخاص، أي لدى المراكز الصحية أو العيادات متعددة الخدمات، وكذا الصيدليات، حيث يتصل المريض بالطبيب المعالج أو الاتصال بالمراكز الصحية، خاصة فيما يخص الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة. في الأخير، ما هي طرق العلاج عند الإصابة بالأنفلونزا؟ — العلاج بتناول أدوية ضد الألم والحمى خلال اليومين الأولين من بداية الأعراض. وأشير هنا إلى أنه في بعض الأحيان تشخيص مرض الأنفلونزا يكون غير واضح، إلى جانب أخذ العصائر والمشروبات، بالإضافة إلى شرب الماء بكثرة، لأن الإنسان نتيجة إصابته بارتفاع درجة الحرارة والسعال فإنه يفقد الكثير من الماء، ويتم تعويضه بالمشروبات، كما يجب تجنب التدخين أو التدخين السلبي. وفيما يخص الحالات الخطيرة لاسيما المضاعفات، يجب على المريض الاستشفاء، خاصة أن وزارة الصحة عادة في كل سنة تراسل المستشفيات لتخصيص غرف أو على الأقل سرير على مستوى المصالح الطبية والمستشفيات، مثل طب الأطفال، الأمراض الداخلية، طب النساء، الأمراض الصدرية والإنعاش، لعزل المريض بإحدى هذه الحالات، لكن أؤكد أن الوقاية خير من العلاج.