مازال العنف ضد النساء ظاهرة متفشية في المجتمع تدق بشأنها مختلف المنظمات والحركات الجمعوية ناقوس الخطر، خاصة وأن صورة المرأة في مجتمعنا لا تتأثر بعوامل اقتصادية فقط، إنما ثقافية أيضا تحول دون تجسيد حقوق الإنسان على أرضية الواقع.. وجراء ذلك تكابد المرأة عدة أنواع من العذاب اللفظي، الجنسي، الجسماني والنفسي داخل الأسرة والمجتمع ككل. وغالبا ما تكون المرأة ضحية لأحد أفراد الاسرة عامة أو الزوج بصفة خاصة، والذي قد يشمل عنفه الأبناء أيضا، حيث يكون الأثر بالغا عندما يصدر العنف ممن يفترض أنه يمثل مصدر حماية، وقد يتجسد في التفكك الأسري وجنوح الأحداث. وفي هذا الصدد يكشف الدليل الذي أصدرته شبكة "وسيلة" والذي يتضمن نشاطاتها في الفترة الممتدة بين 2000 و2008 والذي اشتمل على دراسات مجموعة من الخبراء ومسؤولي حركات جمعوية حول مشاكل النساء ضحايا العنف، وأن الاعتداءات لها تأثيرات خاصة على الحياة النفسية للمرأة والمحيط الأسري ككل، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالاغتصاب الذي يواجهه المجتمع غالبا بالصمت، وبالمقابل تبين أن الحالات التي شهدت اغتصابا جماعيا تلجأ إلى الانتحار في الكثير من الأحيان جراء الشعور بفقدان أسباب العيش، في حين يؤدي التعرض إلى العنف عموما إلى كسر الروابط الاجتماعية، الاكتئاب والاضطرابات. وعلى صعيد آخر يوضح الكتاب أن العنف الممارس على الاطفال لا يقل خطورة، حيث تبرز في مقدمته الاعتداءات الجنسية كمشكل خطير ومعقد يفرز تأثيرات كبيرة على الروابط الاجتماعية للطفل مستقبلا وحياته بصفة عامة، خاصة عندما تحصل واقعة الاعتداء داخل الأسرة. وبهذا الخصوص ترى السيدة دليلة جربال عضو بشبكة وسيلة للكفاح ضد العنف المسلط على النساء والأطفال أنه ليس هناك استنكار رسمي بخصوص هذه الظاهرة في وسائل الاعلام والمحيط الاجتماعي، في حين حان الوقت ليضع صناع القرار معايير لمكافحتها، ولو أن مواجهتها ليست مسؤولية جهات معينة فقط، إنما مسؤولية الجميع. وفي سياق متصل دعا أعضاء شبكة وسيلة في لقاء جمعهم مؤخرا بالمكتبة الوطنية بمناسبة الذكرى الثامنة لتأسيس الشبكة إلى ضرورة الاستعانة بخبرات الدول الأخرى والاطلاع على النتائج التي توصلت إليها بعد الاحتكاك بالنساء ضحايا العنف لمكافحة كل أشكال هذا الأخير، كما أكدوا على ضرورة إجراء دراسات ميدانية لمعرفة آثار الظاهرة ومنشأ الخلل، فضلا عن تطبيق القوانين التي تضمن الحماية للمرأة حتى لا تبقى مجرد حبر على ورق.