رفضت السيدة شايعة جاد جعفري رئيسة المرصد الوطني للمرأة في الحوار الذي خصت به»صوت الأحرار« المطالبة بالمساواة المطلقة التي يدعو إليها دعاة »الفيمينيسم« الذين ادخلوا مصطلحات جديدة مستوردة إلى القاموس المجتمع المدني كمصطلح »الجندرة« الذي يحاول أصحابه من خلاله التشريع و سن قوانين لترسيم ظواهر شاذة كالشذوذ الجنسي مؤكدة أن الجمعيات النسوية رغم كثرتها في بلادنا إلا أنها لم تحسن تمثيل المرأة باستثناء قلة قليلة مطالبة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتخصيص يوم وطني للمرأة اعترفا وامتنانا بجهودها وحضورها المتميز. *طالب المرصد من رئيس الجمهورية تخصيص يوم وطني للمرأة الجزائرية ألا يكفي الثامن مارس أم أن هذا المطلب يأتي من باب التميز ليس إلا؟ **إن الواقع الوطني فيما يخص المرأة الجزائرية يفرض لها يوم وطني خاص بها تحتقل به بغية إبراز قضاياها مباشرة في قلب الساحة الوطنية وليس على هامش احتفالات العالم بهذا اليوم ولا يعني هذا عدم المشاركة فيه ولا يرمي هذا الطرح إلى التقليل من قيمة المرأة الجزائرية أو إنقاص من قدرتها وإنما قصد تهيئة ساحة وطنية خاصة بها وبقضاياها وفي عقر دارها وبين مواطنيها وأصحاب الشأن. وفي البداية يجب الإقرار بان هناك قضايا ساخنة تخص المرأة العربية والإسلامية بعامة والجزائرية بخاصة لا يجب السكوت عنها أو حتى تجاوزها ولعل أهمها وأخطرها أن لا يظل المجتمع العربي والإسلامي مجتمع رجال فقط وهي قضية تخضع لتغيرات في العالم العربي والإسلامي وتسير في الاتجاه الايجابي مقارنة مع فترات سابقة. فالمطالبة بيوم وطني لنا وحدنا لا يمنعنا من الاحتفال بالثامن مارس مع كل نساء العالم لكن نعتقد إلى حد الإيمان أن وزن الجزائرية الذي هو من العيار الثقيل في هذا البلد الذي برزت في الصفوف الأولى خلال الثورة التحريرية وحتى في وقت ماسينيسا يؤهلها بجدارة واستحقاق لأن يكون لها يوم خاص بها ونطمح من خلال هذا المطلب استغلال الإرادة السياسية لفخامة رئيس الجمهورية الذي فتح عوض الباب الواحد الأبواب للمرأة عرفانا بدورها وتضحياتها الكبيرة في مختلف مجالات الحياة. وأقول وأؤكد أن هذا المطلب ليس بالمستحيل ويمكن تحقيقه عاجلا أم آجلا لان رئيس الجمهورية الذي عدل الدستور في مادته 31 مكرر فاتحا المجال السياسي أمام المرأة ورئيسنا الذي يمشي على خطى الرسول الكريم الذي أوصى بالنساء خيرا قادر على تحقيق هذا المطلب للمرأة الجزائرية الذي أشاد في أكثر من مناسبة بدورها الريادي. *كانت سنة 2009 سنة انتصار بالنسبة للمرأة الجزائرية حيث نصب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لجنة وطنية كلفت بإعداد القانون العضوي الذي يسمح بتطبيق المادة 31 مكرر المتعلقة بترقية الحقوق السياسية للمرأة وإقرار كوطة للمرأة في المجالس المنتخبة، ما رأيكم في هذا المكسب؟ **نفتخر بهذا المكسب الذي خصنا به فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لكن نخاف صراحة من العراقيل التي من شأنها عرقلة و فرملة هذا المكسب الذي يعد من اكبر الامتيازات المحققة لحد الآن ربما في تاريخ المرأة الجزائرية. لكن كمجتمع مدني يجب أن نخرج من دائرة التنديد و المطالبة يجب أن نتطلع أن نكون شركاء لتدعيم تطبيق مثل هذه القوانين لنصل إلى وزن بعض المنظمات النسوية في دول العالم التي وصلت إلى وعي كبير تستشار في كل كبيرة و صغيرة ويحسب لمواقفها ألف حساب. دورنا يجب أن يكون على هذا المنوال حتى نتابع برامج الدولة ونتابع مدى تطبيقها على ارض الواقع. شيء جميل أن يفتح رئيس الجمهورية لنا الأبواب لكن الإشكالية تكمن دائما وأبدا هل تطبق توجيهات وتعليمات رئيس الجمهورية. أقول دائما وأفتخر بكوني مواطنة في جزائر حقوق المساواة فيها كفلها الدستور للجنسين منذ الاستقلال دون تفرقة كل هذه المكاسب التي اعتز بها خصمنا الأول فيه تبقى الموروثات الاجتماعية وبعض الذهنيات التي تعرقل تجسيد الإرادة السياسية و حتى تزول هذه العراقيل تبقى الكرة في مرمى المجتمع المدني من خلال إقحامه لمتابعة توجيهات رئيس الجمهورية. أنا شخصيا لا ابحث عن الكمية بل النوعية لان الكمية قد تكون موجودة لكن النوعية رديئة وقد أكون ممثلة من طرف رجل يحترم المرأة يدافع عنها أحسن من امرأة لا تحسن تمثلي..فالكمية لا يمكن بأي حال من الأحوال في رأيي أن ترسخ وجود المرأة. *تزخر الساحة الجزائرية بحوالي 23 جمعية نسوية لكن يبقى التمثيل النسوي ضئيلا لا يتعدى ال7 في المائة كيف تفسرون هذا التناقض؟ **العديد من الجمعيات النسوية أقولها ولا أخشى لومة لائم ضيعت سبل العلاج بالمطالبة بالمساواة ولاشيء غير المساواة وبالتالي عوض أن تحقق المزيد من المكاسب زرعت فتيل صراع بين الرجل و المرأة وأصبحت هذه الجمعيات خانة سوداء يخاف منها كل الرجل . أنا لا أطالب في المرصد بالمساواة مع الرجل لأنني مقتنعة أنني متساوية بل ربما في بعض الأحيان أحسن منه ،قضية المساواة لن أطالب بها ولن أرضى أبدا أن يطرح هذا الموضوع في المرصد بل أفضل التحدث عن مطلب أخر يكمن في التكامل في فرض وترسيخ احترام المرأة حتى لا يبقى الصراع الأزلي قائما ولعل هذا ما ترك الجمعيات النسوية التي سبقتنا ويعرفها الجميع ظلت طريقها وسبلها وفتحت الأبواب لكل من هب ودب وأصبحت هذه الأبواق لا تمثل المرأة الجزائرية بمبادئها وأخلاقها وأنوثتها. في اعتقادنا أيضا أن قضايا المرأة لا يمكن أن تحل في معزل عن الرجل وبالتعصب لا مبرر له والقائم على سياسة شد الحبال تغذيها جهات تتخذ من التعصب النسوي »الفمينيسم« منهج لها نحن ضد هذا المنهج المستورد من الخارج وهنا لا ينبغي إغفال نقطة هامة وحساسة للغاية تخص علاقة المرأة الجزائرية بالمرأة الجزائرية ففي كثير من الأحيان كانت المرأة سبب مباشر لخذلان المرأة وعدم انطلاقها إلى تحقيق أهدافها على سبيل المثال لا الحصر قضية الانتخابات والتشريع لعضوية ا لمجالس الشعبية والمحلية أو المجلس الشعبي الوطني حيث كان بإمكان أن يكون حضورا واسعا أكثر مما هوا لآن ودور حاسم في سن تشريعات وقوانين تناصر حقوقها. فقضية حقوق المرأة لا ينبغي لها أن تكون بأية حال من الأحوال مدعاة للتمرد أو التحريض الى صراع على خلفية جنسية أو أن تكون تستهدف إبراز السلبيات دون الايجابيات و ليس بالضرورة ما تشعر به شريحة من النساء من قهر وقمع يمكن تعميمه و تطبيقه على كل النساء. نحن في المرصد لم نفتح أبواب الانخراط لأي كان فقد اشترطنا لاسيما على القياديات المستوى والأخلاق لأننا كتنظيم جمعوي عين على المرأة ننقل مشاكلها. أنا لن أرضى و لا أرضى أن تتحدث باسمي امرأة لا تمثلني كمرآة ولا كمسلمة أرادنا التميز في المرصد بالعمل للحفاظ على أنوثتنا ولنبقى نساء قبل كل شيء. »بركات« من مطالبة بعض الجمعيات بالمساواة مع الرجل يستهلكون من خلالها هذا الخطاب ثقافة مستوردة من الخارج. لدينا كفاءات نسوية عديدة بإمكانها وضع استراتجيات تنطبق على المجتمع الجزائري. الجمعيات النسوية التي بدأت بحمل مشعل الدفاع عن حقوق المرأة انتهجت بعض البرامج وبعض المصطلحات لا تعرف ولا تدرك أن وراء هذه البرامج مصالح خاصة. هنا أعود إلى مصطلح الجندرة الذي خرجوا به من ندوة بكين 94 تكلموا فيها عن مساواة المرأة مع الرجل ولكن لم يكن المطلب بريئا بل جاء لسن قوانين لبعض المشاكل المطروحة عندهم في الغرب مثل الشذوذ الجنسي والهدف هو إقحام اكبر عدد ممكن من الجمعيات النسوية التي تنشط في مختلف أرجاء العالم بهدف التخطيط لسن مشاريع بعيدة المدى لتقنين سلوكات شاذة بمباركة جمعيات العالم. *وماذا عن التمثيل الحزبي؟ **هناك فرق بين الجمعيات والأحزاب من حيث التمثيل فالنساء المناضلات في الأحزاب لم تتحصل على مناصبهن بسهولة، فعمل المرأة في صفوف الأحزاب صعب جدا وأنا شخصيا باسمي الخاص و باسم كل المنخرطين في المرصد أحيي كل امرأة تحصلت على منصب سياسي لأنها استحقته بجدارة. ورغم أن الظروف غير مهيأة للمرأة المناضلة ظلت هذه الأخيرة ظلت صامدة تناضل ولو بصفة محتشمة. هناك تضحيات كثيرة، فطريق الحزب السياسي أو الغرفتين في البرلمان ليس مفروشا بالورود أنا شخصيا منذ أن بدأت أنشط في الحقل السياسي لم تعد لي حياة عائلية خاصة لذلك تحية عرفان و جميل لكل الناشطات في الأحزاب السياسية مهما كانت انتمائهن. استفحلت ظاهرة العنف ضد المرأة لم تفلح الاستراتجيات في الحد منها أو القضاء عليها أولا يجب أن لا نحصر العنف في جانبه الجسدي لان هناك عنف لفظي واقتصادي يقلل من قيمة المرأة ويحط من شانها ومكانتها التي خصها بها الإسلام وتبقى الأرقام المعلن عنها رسميا بعيدة كل البعد عن حجم المعاناة اليومية لكن العنف كظاهرة عالمية ليس مرتبطة بالسياسات والاستراتجيات بل يعتمد اعتمادا كليا على تغيير الذهنيات والكرة ليست في مرمى المرأة فقط بل للرجل أيضا دورا كبيرا للحد من هذه الآفة إذ لا ينبغي محاربة العنف عن طريق الصالونات والندوات وخلايا الاستماع للنساء أو بفتح مراكز تستقطب ضحايا العنف، هذه المبادرات لا تحله بل تزيد الوضع تعقيدا الحل عند الرجل بإتباع وصايا الرسول الكريم الذي قال »أوصيكم بالنساء خيرا« وأقصى عنف يمكن أن يطبق في حق المرأة ما جاء في ديننا الحنيف »فارقوهن في المضاجع«. العمل التوعوي هو الذي سيبعدنا عن هذا السلوك البعيد كل البعد عن ديننا الإسلامي من خلال إقحام دور المسجد و دور الإمام كمرحلة أولى تكون متبوعة بدورات تدريبية وحلقات لتعريف المرأة بحقوقها وواجباتها فعوض أن يعلم التلفزيون نساءنا كيف يتزين و»يحرقسن« وهن على طبيعتهن جميلات ينبغي تعليمهن دينهن وسيرة الرسول- ص- مع زوجاته هذه الأشياء فقط من شانها رفع مستوى وعي المرأة والحد من العنف الممارس ضدها. *ماذا تطمحون تحقيقه في المرصد الوطني للمرأة؟ **المرصد الجزائري للمرأة، هيئة استشارية وطنية تابعة لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري تأسست سنة2007، يخضع أعضاؤها لأحكام القانون الأساسي والنصوص المرجعية للأكاديمية وللنظام الخاص بالمرصد. يهدف المرصد إلى تفعيل دور المرأة في التأسيس لمجتمع مدني جزائري فعال من خلال الاهتمام بتطوير حضور المرأة في كل المجالات وتمكينها من المشاركة في صناعة القرارات المصيرية والبناء الاقتصادي الاجتماعي، فضلا عن حمايتها من أخطار الآفات والظواهر الاجتماعية المختلفة. وإضافة إلى الدعوة إلى إصدار نصوص قانونية لحماية المجتمع والأسرة والعمل على تطبيق النصوص الموجودة في هذا المجال، يسعى المرصد أيضا إلى استقطاب الفئات الصامتة والشرائح المنسية، وخاصة المرأة للقيام بمهامها الطبيعية مع باقي الفئات النشطة الأخرى.