كشف وزير الصحة عبد المالك بوضياف أمس بالعاصمة، عن الانتهاء في غضون ثمانية أشهر، من تطبيق منظومة معلوماتية تربط كافة مراكز مكافحة السرطان بالوطن؛ بهدف تحسين التكفل بالمرضى. وقال خلال إشرافه على اللقاء التقييمي حول استرجاع نتائج سجلات السرطان في الجزائر، إن استعادة هذه النتائج التي تم الشروع فيها منذ سنة من طرف المختصين، سيمكّن من الحصول على معطيات رقمية دقيقة وجينية حول هذا المرض الثقيل في الجزائر، داعيا كل المهنيين إلى العمل المنسق لفائدة الصحة العمومية. لفت الوزير بوضياف إلى أن الجزائر أصبحت اليوم تتوفر على أفضل سجلات السرطان لمنطقة المغرب العربي وحتى بالنسبة لبلدان أخرى ذات مستوى اجتماعي واقتصادي مماثل للجزائر. ودعا كافة مهنيّي القطاع للتنسيق التام وعالي المستوى من أجل تثمين هذا العمل وتجاوز أي عراقيل أو خلافات قد تقوّض الصالح العام، معربا عن ارتياحه لسير "هذه الورشة الرئاسية في الطريق السليم"، مجددا التزام الحكومة المتواصل والدائم لهذا المسعى الهادف إلى ترقية الصحة العمومية. ولفت الوزير في معرض حديثه في هذا السياق، إلى مختلف الإنجازات المتعلقة بالتكفل بالمرضى عبر كافة الوطن، والتي وصفها بالمشجعة؛ سواء عن طريق العلاج بالأشعة أو تكوين الموارد البشرية، لاسيما الأطباء العامين الموكلة لهم مهمة التكفل والتنسيق في مجال العلاج المضاد للسرطان. من جهة أخرى، وصف الوزير بوضياف اللقاء التقييمي ب "العرس الكبير، الذي سمح أخيرا للجزائر بتقديم الأرقام المضبوطة للسرطان، بعيدا عن التقديرات والتأويلات الفردية لكل جهة"، مؤكدا على التزام مصالحه بتطبيق توصيات رئيس الجمهورية خلال الاجتماع الوزاري الأخير، القاضي بدعم الطابع الاجتماعي واللامتناهي لترقية صحة المواطنين. تحدّث الوزير عن تجاوز مشكل العتاد الطبي المتخصص، وشروع كل مراكز مكافحة السرطان حيز الخدمة قريبا، وهو ما يجعل كل الهياكل الصحية تعرف حالة إفراط في التجهيز، مشيرا إلى أن التحدي الآخر الذي ينتظر وزارة الصحة، هو ربط كل تلك المراكز بنظام معلوماتي دقيق يحمل كل المعطيات؛ بهدف ترقية التكفل بالمرضى. وبخصوص الوضعية الوبائية للسرطان بالجزائر، عبّر بعض الخبراء المتدخلين ضمن اللقاء، عن استيائهم لبعض المعلومات التي يقدمها الإعلام بين الفينة والأخرى، والتي وصفوها بالمبالغ فيها، مؤكدين أن انتقال الخارطة الوبائية للجزائر من الأمراض المعدية إلى الأمراض الوبائية بما فيها السرطان، إنما هو نتيجة تغيير نمط العيش من جهة، وشيخوخة السكان من جهة أخرى. واستنادا إلى أرقام السجل الوطني التي تم تقديمها أمس لأول مرة، فإن معدل الإصابة بمختلف أنواع السرطان، يصل إلى 44 ألف حالة جديدة سنويا. ويتوقع الخبراء بلوغ التقديرات إلى 74 ألف حالة بحلول 2025، ودعوا إلى أهمية محاربة عوامل الإصابة، ومنها التدخين وأمراض الشيخوخة وقلة الحركة والبدانة. وأشار الخبراء إلى أن ارتفاع متوسط العمر بالجزائر إلى 76 سنة، يجعل من فئة المسنين (60 سنة فما فوق) الأكثر عرضة للأمراض المزمنة، وهي وضعية يراها البروفيسور حمدي شريف مسؤول سجل السرطان لمنطقة الشرق، عادية جدا في ظل تحسن المستوى المعيشي للسكان، فضلا عن تحسين مستوى الخدمات الصحية. في سياق آخر، كشف الخبير عن وجود خمسة سرطانات الأكثر انتشارا بالجزائر، وتتعلق بسرطان الرئة والقصابات الهوائية وسرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم وسرطان عنق الرحم وسرطان الغدد الصماء، مبرزا أن نسبة الإصابة في 2014 قد بلغت 41 ألف حالة جديدة بالنسبة للجنسين، يأتي سرطان الرئة والقصابات الهوائية في صدارة الإصابة بالداء بالنسبة للرجل، وسرطان الثدي في الصدارة بالنسبة للنساء بإحصاء 11 ألف حالة إصابة جديدة سنويا، ترتفع بحلول 2025 لتصل إلى 18 ألف حالة، معتبرا أن معدل الإصابة بهذا النوع من السرطان قد وصل إلى 5%، وهو معدل اعتبره عاديا جدا مقارنة بالدول المتقدمة التي تحصي تقريبا ذات النسبة. من جهتها، أوضحت البروفسور دوجة حمودة باحثة بالمعهد الوطني للصحة العمومية في مجال السرطان بالمناسبة، أنه تم إنشاء في 2014 السجل الوطني لإحصاء ومتابعة والتكفل بالسرطان ب 48 ولاية، بعدما كان ذلك ينحصر على ولايات قليلة جدا، حيث لا تساعد المعطيات التي توفرها على تقييم ودراسة الوضعية الوبائية الحقيقية لداء السرطان، ملفتة إلى أن سجل السرطان لولايات الوسط ال13 الذي تشرف عليه والذي يضم 14 مليون نسمة، يغطي نسبة 70 % في 11 ولاية بالوسط، قائلة بأن ولايات بومرداس والبويرة والشلف لا تتوفر على شبكة لجمع واستغلال المعطيات لقلة وسائل القيام بهذه العملية، ما جعل 60 % من المرضى قصدوا خلال 2015 ولايات الجزائر العاصمة والبليدة وتيزي وزو للعلاج.