وقعت دمشقوبيروت أمس على بروتوكول لإقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا ولبنان هي الأولى من نوعها منذ استقلال البلدين في مدة تزيد عن ستين عاما وفي خطوة باتجاه تطبيع العلاقات بينهما. وأعلن وزيرا خارجية البلدين وليد المعلم وفوزي صلوخ مباشرة بعد التوقيع على هذا البروتوكول رسميا على بداية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على أن يتم فتح السفارة السورية في بيروت قبل نهاية العام الجاري. وذكر البيان الختامي الذي توج محادثات البلدين تأكيد عزمهما على تقوية وتعزيز علاقات مبنية على أساس الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال كل دولة والمحافظة على العلاقة الأخوية بين الشعبين الشقيقين. ويأتي هذا الاتفاق ليضع حدا لوضعية دبلوماسية استثنائية في العرف الدولي بين دولتين جارتين لم تقيما علاقات دبلوماسية لأكثر من ستة عقود بسبب خلافات عقائدية وايدولوجية قومية وأيضا لسنوات من القطيعة والاتهامات المتبادلة بسبب المسؤولية عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناين الأسبق رفيق الحريري سنة 2005. ففي الوقت الذي أعربا فيه رئيسا دبلوماسية البلدين عن آمالهما في تعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط أبناء الشعبين وأن تتجاوز إطارها الرسمي، أشار وزير الخارجية اللبناني إلى ضرورة الإسراع في تسوية العديد من القضايا العالقة بين الجانبين وفي مقدمتها تسوية ملف المعتقلين اللبنانيين في سوريا ومسألة ترسيم الحدود. كما أثار الجانبان مسألة التعاون في المجال الأمني وذلك في الوقت الذي لا تزال فيه المخاوف قائمة في لبنان من عملية الانتشار العسكري السوري عبر الحدود المشتركة بين البلدين. وفي مسعى لتبديد هذه المخاوف جدد رئيس الدبلوماسية السوري التأكيد على أن بلاده لا تخفي وراء هذا الانتشار أي أهداف أخرى وأكد أن العملية تندرج ضمن إجراءات سبق للسلطات السورية ان اتخذتها دمشق لمحاربة التهريب ومراقبة الحدود. ويأتي التوقيع على هذا البروتوكول يوما بعد إصدار الرئيس السوري بشار الأسد لمرسوم يقضي بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان في نقلة نوعية باتجاه اقامة علاقات ثنائية اكثر متانة بين البلدين بعد قطيعة دامت عدة سنوات. ورحبت مختلف الأطراف السياسية اللبنانية بقرار الرئيس السوري بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان حيث اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة أن التقدم على مستوى العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا بمثابة خطوة متقدمة وتاريخية على طريق تأكيد وتثبيت استقلال وسيادة لبنان وقراره الحر. وقال في بيان أمس أن العلاقات بين الدولتين الشقيقتين هي علاقات تاريخية يحكمها الجوار الجغرافي والكثير من المصالح والقضايا والهموم المشتركة بين الشعبين الشقيقين. كما أعرب عن أمله في أن تكون خطوة إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقدمة لصفحة جديدة يستفيد فيها لبنان وسوريا من دروس وتجارب الماضي والعمل سويا من أجل معالجة ما تبقى من المسائل المعلقة. وهو نفس الموقف الذي عبر عنه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الدكتور سليم الحص الذي رحب بتبادل التمثيل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا. من جانبه وصف وزير الإعلام اللبناني الدكتور طارق مترى إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين بالخطوة بالغة الدلالة الرمزية والسياسية وتأتى تنفيذا لمقررات القمة اللبنانية السورية منتصف شهر أوت الماضي. وأعرب مترى عن أمله في أن تكون هذه الخطوة بداية تنفيذ لكل ما تم الاتفاق عليه في تلك القمة مؤكدا في السياق تطلع اللبنانيين إلى علاقات لبنانية سورية قائمة على الاحترام المتبادل والمعاملة بالمثل والندية.