عرفت العلاقات السورية اللبنانية نقلة نوعية أمس بعد قرار الرئيس السوري بشار الأسد إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان. وأصدر الرئيس السوري مرسوما رئاسيا يقضي بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وفتح سفارة بالعاصمة اللبنانية بيروت في خطوة هي الأولى منذ استقلال البلدين باتجاه إعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية التي عرفت في السنوات الأخيرة جمودا على خلفية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحرير عام 2005. وعرفت العلاقات بين البلدين فترات صعود نحو الأحسن وأخرى باتجاه الأسوأ ميزها تقارب ثم جمود قبل ان تعود إلى طبيعتها في المدة الأخيرة. ونص المرسوم على ''إنشاء علاقات دبلوماسية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية" وإقامة "بعثة دبلوماسية سورية بدرجة سفارة في العاصمة بيروت". ولكن المرسوم لم يحدد تاريخا معينا لترسيم هذه العلاقات. ويأتي قرار الرئيس السوري عشية الزيارة التي يشرع فيها فوزي صلوخ وزير الخارجية اللبناني اليوم إلى العاصمة السورية دمشق في زيارة تستمر يوما واحدا للقاء نظيره السوري وليد المعلم يتم خلالها الاتفاق على الخطوات العملية لفتح سفارتين في عاصمتي البلدين بعد الإعلان عن إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. وقال صلوخ قبل توجهه الى دمشق "ان العلاقات الأخوية بين البلدين وصلت إلى أوجها". ويأتي القرار السوري بعد شهرين من اتفاق الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره اللبناني ميشال سليمان يوم 13 أوت الماضي خلال زيارة هذا الأخير إلى سوريا على إقامة علاقات دبلوماسية. وهي الزيارة التي كانت بمثابة نقطة تحول هامة في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة وأنها جاءت بعد طول انقطاع وكانت الأولى من نوعها لرئيس لبناني إلى سوريا منذ تدهور العلاقات بين دمشقوبيروت على خلفية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري شهر فيفري 2005. واعتبر الرئيس اللبناني حينها أن زيارته إلى سوريا ولقاءه الرئيس بشار الأسد تعد "نقطة تحول لإعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية بين البلدين". وأكدت السلطات السورية من جهتها أنها تعتبر الزيارة "نقطة انطلاق وتأسيسا حقيقيا للعلاقات المستقبلية بين البلدين". وبدأ التقارب السوري اللبناني يلوح في الأفق بعدما حاولت السلطات السورية الخروج من عزلتها الدولية التي فرضها عليها الغرب وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تصنفها ضمن خانة دول محور الشر على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب في العالم. وكانت دعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نظيره السوري لحضور القمة الأولى للاتحاد من اجل المتوسط وحضور الرئيس الأسد احتفالات اليوم الوطني الفرنسي في 14 جويلية الماضي مؤشرا سار باتجاه تهيئة الأرضية لإعادة الدفء إلى العلاقات السورية اللبنانية. وكان الرئيس بشار الأسد توقع تعيين السفراء بين بلاده ولبنان قبل نهاية العام الجاري أثناء مشاركته في القمة الرباعية التي عقدت في دمشق بداية سبتمبر الماضي بحضور نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان. ثم أن تركيز مجلس الوزراء اللبناني المنعقد بداية هذا الأسبوع برئاسة الرئيس ميشال سليمان على أهمية التنسيق الأمني بين لبنان وسوريا لاتخاذ تدابير شاملة على طول الحدود المشتركة لمنع كل أنواع التهريب يندرج في إطار فتح صفحة تعاون جديدة بين البلدين تكون مبنية على الندية واحترام الآخر. وبرأى العديد من المتتبعين فإن قرار سوريا بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان سيفتح المجال أمام تسوية العديد من القضايا التي شكلت عبر سنوات حجر عثرة أمام إقامة هذه العلاقات. ومن بين أهم هذه القضايا مسالة المفقودين السوريين في لبنان وترسيم الحدود وإعادة مراجعة بعض المعاهدات والاتفاقات التي تم توقيعها سابقا بين البلدين.ط ولاقى قرار سوريا ولبنان إقامة علاقات دبلوماسية بينهما على مستوى السفراء ترحيبا دوليا واسعا ووصف ب"الخطوة الايجابية" في اتجاه مستقبل أفضل بالنسبة للدولتين الجارتين.