يعد التراث بشقيه، المادي و المعنوي، أحد أبرز العناصر التي تدخل في تكوين شخصية الأمة ورمز وجودها، والمحافظة عليه ضرورة لا بد منها. إلا أن العديد من المباني و المعالم الحضارية اليوم اصبحت مهددة بالزوال سواء بفعل العوامل الطبيعية كالزلازل والفيضانات او بفعل اليد البشرية بسبب الاهمال . والسؤال المطروح كيف يمكن إنقاذ تراثنا من هذا الضياع؟ لمعرفة الجواب على سؤالنا اقتربت ''الحوار'' من بعض ممثلي وزارة الثقافة لاستطلاع آرائهم حول كيفية إيجاد صيغ للمحافظة على تراثنا الذي هو رمز هويتنا الحضارية وما دور المشرع من كل هذا. بديعة ساطور إطار بمديرية الثقافة لولاية الجزائر اوضحت بديعة ساطور مديرة دار الثقافة لولاية الجزائر أن المحافظة على التراث الجزائري والعمل على إعادة بعثه، هو في حد ذاته حماية لحضارتنا من الاندثار والاضمحلال. ''وعليه فالمحافظة على التراث، تقول ساطور، لا تتوقف عند عتبة باب المسؤولين بل هي مهمة مشتركة يقوم بها كل أفراد المجتمع على اساس ان التراث لا يعبر فقط عن هوية الإنسان بل مسألة حضارية تقاس به درجة تقدم أي أمة، فالأمة التي لا تحافظ على تاريخها وشخصيتها محكوم عليها بالزوال الأبدي''. وتذهب ساطور بعيدا عندما تؤكد بان الرأي العام الجزائري بدأ يعي كيفية الاهتمام بتراثه. ''وقالت محدثتنا ان الحل في المحافظة على هذا الارث الثقافي والحضاري يكمن في استحداث خلية تعمل على ربط جسر التواصل مع المواطن مباشرة''. مراد بتروني مدير التراث بوزارة الثقافة في ذات السياق أعرب مراد بتروني مدير التراث بوزارة الثقافة عن ارتياحه لدرجة الوعي التي وصل إليها الشعب الجزائري والذي قال بشانه إنه فهم مضمون الرسالة التي تلقاها من خلال سلسلة اللقاءات والندوات والمحاضرات التي تقوم بها الوزارة في مختلف المناطق بغرض تحسيس المواطن وربطه بتاريخه وهويته الحضارية، حيث بدأ الفرد يعي تدريجيا أهمية المحافظة على المعالم الحضارية التي تزخر بها الجزائر. مدير ورشة مكلفة بحفظ التراث بقصبة الجزائر تأسف مدير ورشة مكلفة بحفظ التراث والتي تنشط على مستوى قصبة الجزائر لضياع الكثير من المعالم الحضارية التي تعبر عن هويتنا ورمز وجودنا بفعل الإنسان أو الطبيعة. لكننا لمسنا أن هناك إرادة واعية من القاعدة الشعبية، وهذا الوعي لم يأت اعتباطيا، يقول المتحدث، وإنما نتيجة عمل مكثف من قبل الفاعلين في القطاع الثقافي في الجزائر، وعليه فقد جندت الحكومة الجزائرية مهندسين وتقنيين ومدراء مختصين في عملية حفظ التراث على مستوى مديريات الثقافة المنتشرة عبر ولايات القطر، مما سهل عملية تحسيس الفرد بأهمية التراث المادي وما ينجر عن عملية التسيب والهدم من خلال تنظيم ملتقيات وزيارات إلى مواقع أثرية على مستوى كل ولاية. صحيح ''أن علمية التحسيس صعبة نوعا ما وتتطلب جهدا كبيرا إلا أنه يحق لنا القول إننا حققنا أهدافا معتبرة في هذا الاطار، وسنصل إلى إنقاذ ما يجب انقاذه''. بن عون سهام قانونية بمديرية حماية الممتلكات الثقافية بوزارة الثقافة وفي سياق مماثل أشارت بن عون سهام قانونية بمديرية حماية الممتلكات الثقافية بوزارة الثقافة إلى أن عملية توعية المجتمع بمختلف فئاته و سلم تنظيمه هي مهمة وسائل الإعلام بالدرجة الأولى، اما مهمة الوزارة الوصية فتكمن، حسبها، في تنظيم أيام دراسية وإلقاء محاضرات خارج المناسبات. كما أن هناك عملية المتابعة تقول بن عون في الميدان، حيث خصصت لذلك لجان مختصة بحفظ التراث متواجدة داخل القطاعات المحفوظة تعمل على نشر التوعية بين الناس وتوجيههم وتحسيسهم بضرورة الحفاظ على العمران القديم الذي يعد أحد ركائز الأمة، فوزارة الثقافة لا تقمع السكان الذين يقطنون داخل المناطق الأثرية، إنما تسعى الى الحفاظ واسترجاع معالمها الاثرية. وهذا العمل باعتقادي يتطلب إشراك جميع الهيئات والقطاعات المختلفة التي تعمل في جهاز الدولة و ستحداث منهجية خاصة باستراتيجية محكمة لتسهيل عملية التحسيس، وأخص بالذكر وزارة التربية الوطنية التي يجب أن تضمن مقرراتها مادة تعنى بالتراث، ويتم تثبيتها في ذهنية التلميذ بدءا من مرحلة التعليم الابتدائي. فسكان المناطق الأثرية ما هم في الحقيقة سوى حراس على التراث الذي يعتبر امانة للاجيال. عبد الوهاب زكاغ مدير التخطيط والمسؤول عن المشروع الاستعجالي للحفاظ على قصبة العاصمة أعرب عبد الوهاب زكاغ مدير التخطيط والمسؤول عن المشروع الاستعجالي للحفاظ على قصبة العاصمة، عن أن الدولة الجزائرية إدراكا منها بأهمية التراث فقد سعت بكل وسائلها للحفاظ عليه عن طريق وضع جملة من الصيغ القانونية لمنع تمييع التراث الوطني أو المساس به، مبرزا ان ما ينقص الجزائر هو الأيادي المختصة في حفظ التراث النادرة، إضافة إلى مشكلة عدم التنسيق ما بين القطاعات حيث كل جهاز يعمل بمفرده وحسب ما يمليه المخطط الخاص بعملية الترميم، إلا أن هذا الإشكال يعرف طريقا نحو الانفراج في الآونة الأخيرة، حيث أبرمت وزارة الثقافة مؤخرا عقدا مع وزارة الشؤون الدينية فيما يخص مسألة '' الوقف'' .