أكد وزير الطاقة، نور الدين بوطرفة أهمية المؤهلات التي تملكها القارة السمراء في المجال الطاقوي، والتي يسمح لمنتدى الاستثمار الإفريقي بالتطرق إليها، وإلى كيفية استغلالها لتوفير شبكات لامركزية، تمكن من ربط السكان بالكهرباء والغاز، بما يسمح بضمان «الأمن الطاقوي» الذي اعتبره «أولوية وطنية». لكنه لفت الانتباه إلى مفارقة غريبة تعيشها القارة التي تملك القدرات ولاتستغلها، معتبرا أن حل إشكالية تمويل المشاريع الطاقوية المكلفة يمر حتما عبر «ابتكار» الحلول. وإذ ذكر الوزير الذي ترأس الجلسة التي خصصت أمس لموضوع «الطاقة في إفريقيا»، بالمجهودات الكبيرة التي قامت بها الجزائر لتوسيع التغطية الطاقوية، والتي مكنت اليوم من تزويد 99 بالمائة من السكان بالكهرباء و50 بالمائة منهم بالغاز الطبيعي بصفة مباشرة، فإنه اعتبر أن ما تعيشه القارة الافريقية اليوم ينم عن وجود «حالة تناقض» أو «مفارقة».وأوضح قائلا:»من جهة تمتلك القارة قدرات هامة في مجال الموارد الطاقوية لاسيما البترول والغاز دون إغفال قدراتها في مجال الطاقات المتجددة، ومن جهة أخرى هناك ضعف في استغلالها وفي إيصالها للمستهلكين». واستدل بالأرقام التي تشير إلى أنه من بين 1.2 مليار إفريقي، لايستفيد الثلثان من التغطية بشبكة الطاقة لاسيما الكهرباء. ورافع الوزير عن أهمية تطوير الطاقات المتجددة، مذكرا ببرنامج الحكومة الذي يرتقب إنتاج 22 ألف ميغاواط من الكهرباء النظيفة في آفاق 2030-2040. وأشار إلى أن البرنامج الذي بدأ تطبيقه فعلا سمح إلى غاية الآن بتوفير 350 ميغاواط من الكهرباء عبر الطاقات المتجددة، معلنا أن سنة 2017 ستشهد إطلاق مناقصة لإنتاج 4000 ميغاواط من الطاقات المتجددة.إلا أنه لم يغفل أهمية توفير التمويل لهذه المشاريع ذات التكلفة العالية، معتبرا أن مساهمة الدولة المرفوقة بمساهمة فاعلين آخرين هي الأفضل. «وهي تعتمد على شراكات مع مجموعات صناعية دولية مختصة في صناعة المعدات والتكنولوجيات، وإرفاقها بتطوير صناعة محلية قائمة على المناولة». وعبّر عن اقتناعه بأن نمو قطاع مؤسسات صغيرة ومتوسطة في مجال الطاقات المتجددة في القارة من شأنه أن يشكل دافعا للتنمية الاقتصادية بالقارة.من جانب آخر، أكد استعداد الجزائر لتقديم خبراتها في المجال الطاقوي، لاسيما في شبكات الربط بالكهرباء والغاز تحت تصرف الدول الإفريقية التي تعاني نقصا فادحا في هذا المجال... نقص يتطلب مساعدات سنوية تقدر ب3 ملايير دولار على الأقل ولمدة 15 سنة. كما قال جون لوي بورلو، الوزير الفرنسي السابق للبيئة، الذي شدد أنه على أوروبا دفع هذا الثمن من أجل ضمان سلمها، ولم يتردد في القول إن «الطاقة هي مسألة سلم» بالنسبة للقارة الأوروبية.وطرح مشكل تمويل المشاريع الطاقوية كأهم إشكالية خلال هذه الجلسة. وفي هذا الصدد، تحدث نائب مدير البنك الإفريقي للتنمية عن وجود برنامج لدعم هذا القطاع سيصل إلى 60 مليار دولار سنويا في غضون السنوات العشر المقبلة. عموما أجمع المتدخلون على أنه من واجب الدول تمويل هذه المشاريع، وعدم الاتكال على ماتمنحه البنوك الدولية أوالجهوية، لأنها في بعض الأحيان تقف ضد المشاريع الاستراتيجية للدول الإفريقية. وفي تدخله حول هذا الموضوع، دعا وزير الطاقة إلى ضرورة الابتعاد عن الصيغ التمويلية الكلاسيكية والذهاب نحو الابتكار في مجال التمويل، مشددا على أن ما تحتاجه إفريقيا هو قروض مالية غير قابلة للتسديد من أجل تحسين تغطيتها بالكهرباء، والتي مازالت جد بعيدة عن المعايير العالمية، حيث تفتقر مثلا 8 ملايين مؤسسة صغيرة ومتوسطة حاليا للكهرباء، حسبما صرحت به ممثلة البنك العالمي. مالي تطلب دعم الجزائر في المجال الطاقوي طالب متدخلون من الوفد المالي المشارك في أشغال المنتدى الإفريقي للاستثمار، وزير الطاقة نور الدين بوطرفة بدعم مؤسساته الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الطاقة، وباستثمار جزائري في القطاع لاسيما في الشمال. وردا على ذلك، قال الوزير إنه حاليا لاتوجد أي محادثات مع دولة مالي حول مشاريع طاقوية، إلا أنه رحب بمثل هذا التوجه، لاسيما أنه أشار إلى أن هناك قدرات هامة تملكها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية في مجالي الربط بالكهرباء والغاز، فضلا عن مؤسسات تنتج اللوحات الشمسية، وهو ما يمكن تشكيل فرص للتعاون والعمل بين البلدين.