يثير تراجع معدلات الرضاعة الطبيعية قلق خبراء الصحة، الذين باتوا ينادون بضرورة عودة الرضاعة الطبيعية، بعد أن أصبحت زجاجة الرضاعة الصناعية ظاهرة عصرية تهدد الأسلوب الفطري في تغذية الطفل وتنشئته، وتكرس زيادة نسبة الوفيات في وسط الأمهات والأطفال. وتؤكد الدراسات الطبية، أن الرضاعة الطبيعية حصن يحمي الأجيال، حيث يحتوي حليب الأم على العناصر الغذائية بنسب وكميات متوازنة ومناسبة مع عمر المولود، ما يعني أنه يتميز بالقدرة على التكيف مع حاجات الرضيع، غير أن الأخطاء التي ترتكبها بعض الأمهات المرضعات وكثرة الترويج للحليب الصناعي، من الأمور التي تسهم في حرمان العديد من المواليد من مصدر غذائي طبيعي ومجاني. وبهذا الخصوص يشرح البروفيسور جميل لبان، إطار بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أن الحقائق الطبية تشير الى ان الأم عندما تضع طفلها على صدرها بعد الولادة مباشرة لمدة 30 دقيقة، يتقلص رحمها مباشرة مما يجنبها نزيف الرحم الذي يعتبر من أهم أسباب موت الأمهات، لكن الضغط الكبير الذي تعاني منه مستشفياتنا يحول دون تطبيق هذه التقنية، التي تؤكد أن الرضاعة من الثدي تقوي العلاقة الحميمية بين الأم والرضيع. وعن العوامل التي تسهم في انخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية، يرى المتحدث أن ضغوطات الحياة المعاصرة التي يترجمها اكتئاب ما بعد الولادة، أمر يحول دون ارضاع المواليد، وهي حالة نفسية مردها التغيرات الهرمونية.. وهو ما يتعين على الرجل اخذه بعين الاعتبار، كما ترتبط ظاهرة التخلي عن الرضاعة الطبيعية بغياب إعلام صحيح عن الرضاعة الطبيعية، وكذا الدعم الأسري والاجتماعي. وينبه البروفيسور لبان، الى ان بعض الاخطاء الشائعة تؤدي الى قلة ادرار حليب الأم، منها عادة إعطاء سوائل خارجية للطفل بعد الولادة مثل المشروبات العشبية مما يعرضه للشبع، فيرفض الرضاعة نتيجة لذلك، علاوة على ربط الرضاعة بمواعيد محددة، في حين أنها غير مرتبطة بأوقات معينة اذ تخضع لرغبة الرضيع. وفيما يؤكد البروفسور لبان، على أن التخلي عن الرضاعة الطبيعية ينطوي على مخاطر تهدد صحة الأجيال القادمة، منها الحساسية، يرى البروفيسور بلقاسم شافي، أن الرضاعة هبة من الله أهملها الإنسان، حيث أن القرآن نسب مسؤولية الإرضاع التطبيقية للأم، نظرا لأهمية ذلك في ضمان نمو الطفل جسمانيا، عاطفيا ونفسيا، وبالتالي حمايته من الأمراض ووقاية الأم من سرطان الثدي، الذي انتشر كثيرا في الجزائر، إضافة الى دور حليب الأم في مساعدة الرحم على العودة الى حجمه الطبيعي والحفاظ على وزن المرضعة أثناء فترة الارضاع، زيادة على التحكم في تأخير وتنظيم الحمل من خلال الرضاعة السليمة، التي تؤكد البحوث البريطانية بشأنها أنها تضمن النمو السليم للطفل. وفي السياق، ختم البروفيسور شافي مداخلته التي ألقاها مؤخرا في إطار يوم تكويني نظمته وزارة الصحة لفائدة الأئمة والمرشدين بالقول »لكل صغير حليب أمه«.