أصبح التداوي بالأعشاب والنباتات العطرية يفرض نفسه وسط المجتمع الجزائري، لاسيما لعلاج بعض الأمراض البسيطة التي كانت تهتم بعلاجها الأم أو الجدة من خلال خلط بعض النباتات وتحضير مغليات منها، على غرار علاج الأنفلونزا، فكثيرا ما أثبتت تلك المواد الطبيعية فعاليتها في علاج نزلات البرد والأمراض المصاحبة لفصل الشتاء، بسبب انخفاض درجات الحرارة. حقيقة تفرض نفسها بإلحاح أمام الطب الحديث، إذ يحذر المختصون دوما من أعراضه الجانبية، الأمر الذي جعل الاهتمام بالطب البديل متواصل، والدليل على ذلك بروز محلات عبر مختلف التراب الوطني تهتم فقط بتسويق تلك المنتجات الطبيعية من أعشاب «مجففة» تختلف فعاليتها من نبتة لأخرى. وقد اعتمد المواطن في مجتمعنا وما يزال على بعض الأعشاب في مداواة أعراض الرشح والزكام أو بعض آلام المفاصل، كلها أعراض لجأ حينها الفرد إلى الطبيعة للبحث عن النبتة الفعالة في علاج مرضه. دراسات علمية دولية عديدة أثبتت فعالية تلك النباتات، ليس قولا فقط بل برجوع العلم إلى الطبيعة للبحث عن وصفات أدويته الكيماوية، حيث استغل العلم تلك الأعشاب لإعادة صياغة تركيبتها مخبريا وإنتاج منها أدوية كيماوية ترتكز أساسا على نبته معينة فعالة في علاج مرض محدد. وقد أثبت استطلاع «المساء» الذي أجرته حول بعض تلك المحلات المختصة فيما يسمى بالطب البديل، مدى اهتمام المواطنين بالأعشاب في علاج الأنفلونزا، فبداية كان لنا حديث مع الحاج مصطفى، بائع بمحل نختص في شارع ديدوش مراد، الذي أكد لنا الإقبال على الأعشاب الطبيعية، يعرف ذروته في هذا الموسم من السنة، مضيفا أن التقليد الجزائري ينص على أن شرب مغلي «التيزانة» لعشبة معينة مع العسل والليمون وصفة جد فعالة لعلاج الرشح، فهي قناعة لدى أغلبية المواطنين إذ لم نقل كلهم، فاعتماد البعض على الأدوية الكيماوية للعلاج لم يمنع الالتفاتة إلى العلاج الطبيعي. وفي هذا الخصوص قال: «كثيرا من الذين يعانون الأنفلونزا في فصل الشتاء يقومون بزيارة الطبيب لوصف علاج لهم، إلا أنهم رغم ذلك يتبنون عادة شرب مغلي الزعتر، اللويزة، الشيح، أو الزنجبيل، مرفق بحبة «باراسيتامول» قبل النوم، إلى جانب شرب زيت الزيتون والتركيز على عادة العسل بالليمون». على صعيد آخر، اقتربنا من بعض المواطنين، حيث أوضح معظمهم أن الرجوع إلى الطبيعة أمر لا تستغني عنه مختلف الشعوب مهما بلغ تطورها، وأجمع من مسهم استطلاعنا أن اللجوء إلى الأعشاب في علاج الأنفلونزا أثبت فعاليته، فهي عادات ورثها المجتمع عن أجداده.