لم تعد ظاهرة الطوابير عبر الهيئات والمصالح التي لها صلة مباشرة بالمواطن، تقتصر على شبابيك الحالة المدنية لبلدية سطيف والملاحق المتواجدة عبر مختلف أحياء المدينة، أو حتى مراكز التخليص لبريد الجزائر، بل حتى الحصول على وثيقة من أحد شبابيك المحافظة العقارية، بات أمرا صعب المنال، وما يزيد الأمور تعقيدا ضيق مقر المحافظة العقارية الذي يليق بكل شيء سوى أن يكون مقرا لإدارة تحتوي على جميع الأرشيفات وعقود ملكية تعود إلى عشرات السنوات... تعد المحافظة العقارية بولاية سطيف، من بين المصالح والهيئات الإدارية التي لها علاقة مباشرة بالمواطن، حيث تسهر هذه الهيئة على تسليم أبرز الوثائق الرسمية، لاسيما عقود الملكية، الدفاتر العقارية، بالإضافة إلى بعض الوثائق الرئيسية، ناهيك عن تعاملها المباشر مع الموثقين ومختلف المصالح الإدارية، حيث تشهد شبابيكها يوميا إقبالا كبيرا لمواطنين من الجهات الأربع لتراب الولاية، كلهم أمل في الحصول على وثيقة ما، الأمر الذي انعكس سلبا على مهام موظفي هذه المديرية وحتى أن البعض من المواطنين لا يطيقون البقاء داخل القاعة المخصصة لهمو التي لا تزيد مساحتها عن العشرة أمتار مربعة لاسيما من كبار السن، حيث يجبر المعني بالأمر على الحضور شخصيا، خصوصا إذا تعلق الأمر بإمضاء أو استلام أية وثيقة... ولعل أكبر نسبة من الذين يقصدون مقر المحافظة العقارية بسطيف من المتضررين، المواطنون من طالبي شهادة السلبية، هذه الوثيقة تعد أساسية في تكوين أي ملف خصوصا الموجه لطلب السكن، حيث يتطلب تسليمها دراسة معمقة تدوم أياما وحتى أسابيع في بعض الأحيان، هذا الوضع يجعل العديد من طالبي هذه الشهادة يبدون امتعاضهم من طول المدة، خصوصا وأن مدة صلاحيتها محدودة بظرف زمني قصير لا يتجاوز الثلاثة أشهر، ما يعني أن طالبها قد يصطدم بعراقيل أخرى، وأمام هذا الوضع. قام المسؤولون بهذه الهيئة بالعديد من الإجراءات التنظيمية، إلا أنها لم تجد نفعا في ظل ارتفاع عدد الطلبات، وكذا الخدمات الكبيرة المقدمة.. والحديث عن الشبابيك التي لها علاقة مباشرة بالمواطنين، يجرنا إلى الكلام عن مختلف الأجنحة والمكاتب المتواجدة داخل مبنى المحافظة العقارية المتواضع جدا، والذي لا يختلف كثيرا عن الفراغات الصحية المتواجدة بالعمارات، والمتواجد بالطابق السفلي لبناية كبيرة تضم إلى جانب المديرية الجهوية للميزانية والمراقب المالي والمديرية الولائية للخزينة، فزائره يتضح له بشكل جلي، أنه لا يليق بأن يكون مقرا لهيئة تحتوي على أرشيف وعقود يعود بعضها إلى أزيد من قرن من الزمن، فبالرغم من فتح مؤخرا مكتبين بالعلمة وعين ولمان للتخفيف من العبء الكبير الذي تشهده محافظة سطيف، بقيت الأمور على حالها، فبالإضافة إلى الستين بلدية المكونة لخريطة ولاية سطيف، لا يزال مواطنو الولايات المجاورة برج بوعريريج وبجاية وميلة والمسيلة وجيجل، إلى يومنا، يستخرجون العقود التي تعود إلى ما قبل سنة 1961 من محافظة سطيف... وبهدف معرفة أكثر اقتربنا من رقمها الأول السيد بضياف فضيل، الذي لم يخف استياءه من ظروف العمل داخل هذا المقر، خصوصا أمام الإقبال الكبير للمواطنين، الأمر الذي انعكس سلبا على مهام الموظفين، وفي هذا السياق أوضح أن مصالحه لا تقتصر على تسليم شهادات السلبية فحسب، حيث أن المهمة ترتكز على ثلاثة محاور أساسية، الاستعلامات العامة لكل ما له علاقة بالتراث مع مختلف الهيئات الاجتماعية، الجمارك، الضرائب والسكن، إشهار العقود وتقارير الإثبات لدى الرسميين من رؤساء البلديات، الموثقين، المحامين، المحضرين القضائيين وجميع العقود التي تتعلق بالعقارات، فيما يتعلق المحور الثالث، بالعمل مع مديرية مسح الأراضي وتسليم الدفاتر العقارية. وأكد السيد بضياف أنه يأمل في تغيير مقر المحافظة العقارية إلى مقر آخر يليق بالمهام المنوطة بها، حيث بات المقر الحالي لا يتجاوب مع العدد الهائل من المواطنين الذين يتوافدون عليه، بالإضافة إلى كثافة العمل. مضيفا أن هناك مشروعا مستقبليا يتحدث عن إنشاء مركز عقاري، إلا أن ذلك يبقى مجرد حديث إلى غاية تجسيده على أرض الواقع.