أفضت أشغال الدورة الثانية للجنة الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا التي اختتمت مساء أول أمس بالعاصمة الكونغولية برازافيل، إلى الدعوة إلى مصالحة وطنية في هذا البلد، وبلورة خارطة طريق ستعرَض أمام القمة الإفريقية المقبلة بأديس أبابا حول آفاق الحل في ليبيا وسبل تحقيقه في أقرب الآجال، مع دعوة جميع أطراف المشهد السياسي الليبي، إلى ندوة للمصالحة الوطنية بحضور الجوار الليبي لتحقيق مصالحة عاجلة، تضع حدا للصراع الذي طال أمده في هذا البلد الإفريقي. الوزير الأول عبد المالك سلال كان مثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مرفقا بوزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل. كما أجرى محادثات مع الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو. خلال اللقاء الذي انعقد على هامش اجتماع اللجنة، تم التأكيد على العلاقات الثنائية والقضايا التي ستطرح في القمة الإفريقية القادمة، إلى جانب تطور الملف الليبي وسبل التوصل إلى حل عاجل وتوافقي لهذا النزاع. وحمل عبد المالك سلال رسالة أخوة ومحبة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى نظيره دنيس ساسو، الذي أكد فيها إرادته مواصلة وتقوية العلاقات الثنائية بين البلدين. بخصوص الأزمة الليبية جدد الوزير الأول الذي يمثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذه القمة، التأكيد على التزام الجزائر القوي من أجل تطبيق الحل السياسي في ليبيا «بعيدا عن أي تدخل خارجي». كما تدعو القمة بإلحاح كافة الأشقاء الليبيين إلى خوض معركة السلم والاستقرار. من جهته أشاد الرئيس الكونغولي الذي يترأس اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي، بالدور الهام الذي تلعبه الجزائر لتقريب مواقف الأطراف الليبية؛ من أجل إيجاد حل سياسي قائم على الحوار والمصالحة الوطنية. اجتماع برازافيل الذي أسفر عن بيان مشترك، تميز بنقاش واسع حول تفاصيل العملية السياسية وسبل دعم المجلس الرئاسي. سلال كان قد دعا في تدخله إلى «بذل المزيد من الجهود» إلى جانب الأممالمتحدة، لحمل الأطراف الليبية والمجتمع الدولي على دعم المسار السياسي في هذا البلد، مشيرا إلى أن بلدان الجوار التي ستعقد اجتماعها المقبل (الاجتماع 11) في الجزائر، عازمة على مواصلة جهودها للمساهمة في تسوية الأزمة في ليبيا ومرافقة الأطراف الليبية لإيجاد حلول توافقية تسمح بعودة السلم والاستقرار في ليبيا بشكل نهائي. في هذا السياق ذكر السيد سلال بأن الجزائر منذ بداية هذه الأزمة، «بذلت جهودا كبيرة من أجل تسويتها، وساهمت بشكل كبير في إبرام الاتفاق السياسي الليبي بشكل حاسم؛ من خلال احتضان العديد من اللقاءات بين الأحزاب السياسية والناشطين الليبيين». وذكر أيضا بأن الجزائر «شجعت التقارب بين الأطراف الليبية، وفضلت طريق الحوار والمصالحة، وهما الضامنان الوحيدان لتحقيق سلم مستدام ونهائي في هذا البلد». في هذا السياق أبرز السيد سلال المبادئ التي تؤسس لعمل ومسعى الجزائر من أجل «ليبيا موحدة وآمنة ومزدهرة ومتصالحة مع نفسها»، موضحا أن «الحل السياسي القائم على الحوار الشامل بين مختلف الأطراف الليبية التي ترفض العنف، هو البديل للخروج من الأزمة للحفاظ على سيادة ليبيا وسلامتها الترابية ووحدتها وتلاحم شعبها». سلال حذر قائلا: «كل مسعى مغاير وغير توافقي لا سيما الخيار العسكري، قد يؤدي إلى استمرار هذا الوضع الخطير إلى ما لا نهاية، وقد يحمل خطر الانقسام والفوضى»، مشيرا إلى أن الاتفاق السياسي الذي وقع تحت إشراف الأممالمتحدة من قبل الأطراف الليبية سنة 2015، يشكل إطار تسوية الأزمة في هذا البلد بالرغم من العراقيل التي تواجه تنفيذه». من هذا المنطلق يرى الوزير الأول أن من الضروري تشجيع وتوسيع - بعيدا عن أي تدخل خارجي - أسس الحوار الوطني بين الليبيين لإشراك كل الأطراف الليبية لا سيما تلك المؤثرة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني؛ قصد التوصل إلى أكبر توافق ممكن وتحقيق أكبر انضمام شعبي». كما أكد على ضرورة أن تعمل الهيئات الثلاث المنبثقة عن الاتفاق السياسي، وهي المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، معا، وأن توحد جهودها «للخروج من حالة الانسداد وتجاوز الوضع الحالي». وبالمناسبة أشار سلال إلى «الضرورة الملحة» لتشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني والموافقة عليه في أقرب الآجال الممكنة وفقا لأحكام الاتفاق السياسي لسنة 2015، لتمكين هذه الحكومة من «أداء على أكمل وجه وبكل سيادة مختلف مهامها على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني».