قال المشاركون في المائدة المستديرة تحت عنوان "الخدمة العمومية في عصر التلفزة الأرضية الرقمية"، أن استعمال التلفزيون الأرضي الرقمي لا يشكل خطرا على حجم إيرادات الخدمة العمومية، مضيفين أن الرقمية أصبحت ضرورة في مجال الاتصال حيث توفر المعلومة بنوعية هائلة للصوت والصورة معا وستدخل حيز التطبيق بصفة نهائية في الجزائر سنة 2013 كأقصى حد. وفي هذا السياق قال وزير الاتصال السيد عبد الرشيد بوكرزازة في هذه الندوة التي نظمت أمس، بمتحف المجاهد في إطار الاحتفال ببسط السيادة على التلفزيون والإذاعة الجزائرية، أنه تم لهذا الغرض فتح ثلاث محطات استقبال كبرى وهي المرحلة الأولى من العملية، أما في المرحلة الثانية فقد تم فتح خمس محطات متوسطة في حين سيتم في السنوات المقبلة تكملة المشروع بوضع 97 محطة في مختلف أنحاء الوطن. وأكد الوزير على أهمية أن يتم وضع قانون تكميلي خاص قبل أو أثناء تطبيق مشروع التلفزيون الأرضي الرقمي، والذي يضاف إلى الترسانة القانونية التي تخص مثل هذا المشروع مضيفا أنه من الأهمية بمكان يعتمد المستقبل الرقمي المبرمج للتعميم على مجموع التراب الوطني، على رؤية سياسية تؤمن وتضمن ترقية قيم مجتمع المعلومات أي حرية التعبير وتعددية الوسائط والتنوع الثقافي. بالمقابل أعلن الوزير عن إنشاء خمس قنوات موضوعاتية ابتداء من مطلع السنة القادمة تمس جوانب: المعرفة، الرياضة والشباب، الدين، المال والأعمال وقناة خاصة بالبرلمان، هذا علاوة على ترقية المحطات الجهوية (وهران، بشار، ورقلة، قسنطينة والعاصمة) إلى مصاف قنوات تحقق الاتصال الجواري وتهتم بالمشاغل المحلية. من جهته قال وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال السيد حميد بصالح، أن التلفزيون الرقمي هو محور استراتجية تنطلق حيثياتها السنة القادمة وتتواصل إلى سنة 2013، مضيفا أنه يجب تطوير الميكانزمات اللازمة التي تسمح للعائلات باستعمال الرقمي الأرضي من خلال توفير التجهيزات بأسعار مقبولة، واستطرد في قوله أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مخابر البحث التي تهتم بالتطور في مجال التكنولوجيا في الوسائط السمعية البصرية. واعتبر السيد حمراوي حبيب شوقي مدير التلفزيون الجزائري، أن التلفزيون الأرضي الرقمي هو عبارة عن دلالات وتحديات في آن واحد، مضيفا أن الرؤية السياسية بالنسبة لهذا المشروع واضحة تماما وتجاوزت الأقوال إلى أفعال حقيقية من خلال توفير التمويل اللازم، بينما نحتاج حسب المتحدث إلى التخطيط من طرف المهنيين لإنتاج خطة نهائية تقدم على الجمهور في الوقت المناسب وتضمن الشكل والموضوع الجيدين. وفي سياق آخر أعلن مدير التلفزيون أنه سيتم تعيين أربعة مكاتب في الخارج تابعة للقناة الإخبارية واعتماد مراسل في كل ولاية من الوطن، وتطرق إلى المشاكل التي تعرقل الأداء في مجال السمعي البصري وتتمثل في هجرة الأدمغة، مشكل التكوين ونقص الخبرة في المناجمنت والتكنولوجيات الحديثة، مضيفا أن القنوات المختلفة التي ستدخل الخدمة ستكون اختيارية من خلال بطاقة يختار المواطن القناة التي يود مشاهدتها. وتحدث المدير العام لمؤسسة البث الإذاعي السيد عبد المالك حويو عن راهن التلفزيون الأرضي الرقمي في الجزائر، فقال أن الجزائر شاركت في الندوة الجهوية للإذاعة والاتصال في دورتي 2004 و2006 وبدأت في تحقيق تجارب حول الموضوع حيث وضع جهاز إرسال ببرج البحري وبوزريعة، بعدها تقرر تكوين شباب في هذا المجال على مستوى المعهد الوطني السمعي البصري حيث تخرج 23 مهندس دولة علاوة على تنظيم العديد من الملتقيات في الرقمية الأرضية وفي الأخير فتح شبكات استقبال رئيسية ومتوسطة في انتظار فتح محطات أخرى عبر التراب الوطني. بالمقابل تطرق المدير العام لإتحاد إذاعات الدول العربية السيد صلاح معاوي إلى اللقاءات التي ينظمها الاتحاد في إطار التلفزيون الأرضي الرقمي"آخرها كان سنة 2008 في دمشق، معتبرا أن الانتقال إلى الرقمي أمر محتوم خاصة وأن الندوة الأخيرة لجنيف حول الرقمنة حددت تاريخ 2020 أقصى حد لاعتماد النظام التماثلي للدول الإفريقية مما يتطلب إستراتجية تتضمن كيفية التحول هذه والموارد المالية والتقنية اللازمة لذلك. أما السيد جون ريفيليون المدير العام للإتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون فقد تناول في مداخلته أنواع الوسائط الرقمية مثل التلفزة الأرضية الرقمية، التلفزة الرقمية الفضائية، الأنترنت والأنترنت فائقة السرعة، وأضاف أن تنوع القنوات يمثل ثراء ثقافيا كما أن وجود التلفزة الرقمية لا يشكل خطرا على التماثلي بل مكمل له. وتطرق المتحدث إلى واقع استعمال التلفزيون الأرضي الرقمي في فرنسا فقال أن هذه الأخيرة كانت تضم ست قنوات أرضية وبفعل الرقمية تحولت إلى 18 قناة مجانية، مضيفا أنه يشترط أن يتوفر كل جهاز تلفزيون على قابلية استقطاب رقمي . أما المختصة في التلفزيون الأرضي الرقمي بفرنسا السيدة ستيفاني مارتان، فقد أعطت لمحة مفصلة عن تجربة فرنسا في الانتقال إلى الرقمية منذ سنة 2005 وما أحدثته من تغيرات كبيرة في المجالات المتصلة بالإعلام، مضيفة أن الرقمية الأرضية مكنت من توفير قنوات موضوعاتية مختلفة أثرت المشهد الإعلامي وفتحت الفرصة أمام المختصين لإظهار قدراتهم الإبداعية في هذا المجال. وأشارت المتحدثة إلى ضرورة توفر العديد من الشروط اللازمة لإنجاح هذا المشروع تتمثل أولا في الإرادة السياسية، الوسائل التقنية، الموارد المالية، الأسعار المقبولة لجهاز الاستقبال الرقمي، مؤكدة أن الإعلام لعب دوره على أكمل وجه في الترويج للرقمية الأرضية في فرنسا. وتناول السيد أحمد غزالي رئيس السلطات العليا للاتصال والسمعي البصري بالرباط تجربة المغرب مع التلفزيون الأرضي الرقمي حيث قال أن التجارب التي سبقت تحقيق هذه الخطوة بدأت سنة 2006 لتكون البداية الحقيقية مطلع السنة الجارية حيث ارتفع عدد القنوات من قناتين وقناة جهوية قبل الرقمية إلى قناتين وطنيتين وأربع قنوات موضوعاتية وقناة جهوية وسيكون الوضع السنة القادمة بإضافة قناتين أخريين وقناة أمازيغية.