بعد تجربته الأولى في إخراج فيلم «أيام الرماد» (إنتاج 2013) التي لا يمكن الحكم عليها رغم كل ما قيل عن العمل، تعثر المخرج عمار سي فضيل في فيلم «العشيق» المعروض أول أمس بقاعة «ابن زيدون» بديوان رياض الفتح في الجزائر العاصمة، ضمن قالب بوليسي تاريخي، حيث ضاع عمله في تشظي الشخوص والإسراع في إبراز نتائج التحقيقات بأسلوب أقرب للغرابة في واقعة مقتل العشيق، محبوب القسنطينيين وصاحب الصوت الجميل، الذي كان مشروعا لشيخ في طابع المالوف القسنطيني لولا حادثة تصفيته. الفيلم أنجز ضمن تظاهرة «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015»، وهو مستوحى من قصة حقيقية جرت في عام 1958. شهد العرض الأوّل حضور ملفت للجمهور، إلى جانب عدد من الفنانين والمخرجين والإعلاميين، ويروي هذا العمل السينمائي الروائي الطويل الأوّل في مسيرة المخرج عمار سي فضيل، قصة تحقيق مزدوج في قضية مقتل محمد الصالح بن مصباح الشهير باسم «العشيق»، ولم يروِ قيد أنملة جانبا من حياة «العشيق» الذي كان عنوانا لهذا الفيلم، إذ استهل بمشهد دائري يبدأ من عال، مصوّرا جمال قسنطينة وجسورها، وصولا إلى الأرض، حيث يرقد العشيق معانقا صخرة. شرع الجيش الفرنسي في أبحاثه للوصول إلى حقيقة مقتل العشيق، لشهرته وسط الجزائريين المسلمين واليهود كذلك، كلّهم أحبوا صوته وفنه، ورأت السلطة الفرنسية أنّ القضية يمكن أن تأخذ أبعادا سياسية غير مرغوب فيها، كون الحادثة تمت عشية زيارة الجنرال ديغول لقسنطينة، لذلك تمّ تشكيل لجنة تحقيق لتقصي الحقيقة، لكنها لم تفض بمعلومات كافية. من جهته، قام المفتش المتقاعد بن عبد اللطيف المسمى أيضا خوجة (عزيز بلكروني) بتحقيق في الموضوع، لأن الضحية جاره، وتمكّن من كشف الحقيقة وتبرئة جبهة التحرير الوطني التي استهدفت في بداية الأمر بحجة رواج شائعة أنّه صديق فرنسا، غير أن العشيق كان مناضلا ضد المحتل مثله مثل باقي الثوار المخلصين لوطنهم. هذه الحقيقة التي اكتشفها المفتش خوجة كانت بفضل تصريحات وشهادات الناس المقرّبين من «العشيق»، تتبعها خطوة بخطوة لكن في قالب خيالي جدا لا يصلح في أفلام بوليسية، وتوليفة الأحداث لم تتقاطع بشكل منسجم أربك المتلقي في فهم قصة الفيلم، إلى أن وصل إلى تبرئة ذمة جبهة التحرير الوطني، وأنّ المتطرّفين الفرنسيين وراء هذه الحادثة المروعة. حتى وإن كانت جمالية الصورة قوية ومقوّما هاما في أي عمل سينمائي، ربما أخطأ المخرج في تشظي الشخوص، إذ أنّ الضحية ينادى له بثلاثة أسماء من قبل أبطال الفيلم، وهي العشيق ومحمد الصالح بن مصباح وموحا، وكلّها تشكّل إزعاجا للمتفرّج، وكذلك بالنسبة للمفتش خوجة الذي يكلمونه كذلك باسم المفتش بن عبد اللطيف، رغم أنّها طبيعة المجتمع القسنطيني السابق الذي يحمل بعضهم اسمين. السيناريو الذي عكف على كتابته عبد المجيد مرداسي حمل لغة عالية، وحوارا سليما، غير أنّ النسج الدرامي للقصة غالبا ما وقع في الرتابة والإعادة، مثال ذلك تكرار فكرة وكلمة أنّ المفتش خوجة متقاعد، وهو أمر يحيل إلى الملل، كما أن توجه السيناريو كان هادئا لا يدين المحتل في أي شكل من الأشكال، بل يريه مع أحد المفتشين العسكريين متضامنا مع قصة العشيق، وقصف المتطرفين والظلاميين في الصميم، والفيلم «العشيق» للأسف طغى عليه التفاعل الفرنسي أكثر، ولم يحك القسنطنيون كثيرا عنه، وهي علامة استفهام كبيرة لهذا المنتوج الجزائري ومالكه المركز الجزائري لتطوير السينما. لم يوفق السكريبت حسام الدين رايس في بعض من المشاهد، من حيث تغيير اللباس، لكن أن ينتظر المفتش خوجة في وضح النهار شخصا يدعى العربي، كان يصلي المغرب، فهذا غير معقول. ثقافيات «المهمّش» عرض صامت للأطفال قدّمت فرقة «أصدقاء تشيكانو» أوّل أمس على ركح المسرح الوطني «محيي الدين بشطارزي»، عرضا مسرحيا صامتا للأطفال بعنوان «المهمّش»؛ من إخراج وتأليف مصطفى بخوش. يتناول العرض حياة وأحوال متشرّد وصراعه مع ظروفه القاسية التي أجبرته على افتراش الأرض محاطا ببعض أغراضه، منها صورة مؤطرة لا يستغني عنها أبدا. واستطاع أن يشدّ انتباه الجمهور الصغير على مدى ساعة من الزمن. يحاول الممثل الوحيد في هذا العمل الصامت المرفق فقط بعزف موسيقي من أداء رامي بخوش، تقديم صور عادية وإنسانية عن هذا المهمّش الذي يرتدي ملابس تشبه ملابس المهرج. واشتغل مصطفى بخوش كثيرا في هذا العرض على الديكور والموسيقى لتعويض الحوار؛ حيث اختزل الديكور في أغطية وملابس وأوان. كما شكّلت الآلات الموسيقية جانبا من الديكور الخلفي للعرض، المتمثل في واجهة لمحل يبيع هذه الآلات. يمثّل العازف في هذا العرض دور عامل بالمحل، يقوم بصيانة الآلات الموسيقية، ويغتنم هذه الفرصة للعزف والحلم بأن يصبح موسيقيا كبيرا. وهروبا من الواقع المرّ يجسّد المهمّش الحلم؛ بجعل عربة صغيرة تنبعث منها إيماءات ورقصات تجاوب معها الأطفال بالهتاف والرقص. في الختام استعان المخرج بشاشة عرض، عكست مشهدا خلفيا سحريا، ليظهر المهمش على متن سيارته الافتراضية وكأنه بداخل الشاشة يجوب العالم سعيدا رفقة الصور المؤطرة، يستحضر بها ذكرياته السعيدة. ثابتي يكشف «لا روما ولا نتوما» يُعرض بالفضاء الفني «لابينوار» حتى 25 مارس القادم، معرض فن الفوتوغرافيا بعنوان «لا روما ولا نتوما» للمصوّر أسامة ثابتي، الذي يقترح نظرة جديدة تجاه بعض الأماكن المهجورة أو التي أصبحت تُستخدم لأغراض أخرى، وبالتالي يجعل الزائر يلاحظ أهم التغيرات والاضطرابات التي شهدها محيطه ومجتمعه ولم ينتبه إليها. ويبرز ثابتي في أوّل مجموعة له صورا لمحطات خدمات قديمة مهجورة اعتاد عليها السكان، وأصبحت مع مرور الوقت جزءا لا يتجزأ من المنظر العام للمدينة، وكذا مجموعة أخرى من الصور سماها «رأس العربي» استلهمها من لوحة الرسام العالمي إيتيان ديني، التي رسمها سنة 1901، معطيا بذلك صورة «للعربي» الذي يثير فضول الغرب. للإشارة، أسامة ثابتي مصوّر شاب من مواليد سنة 1988، شارك منذ 2009 في العديد من التظاهرات الوطنية والعالمية. «غرور الصرصور» بقسنطينة نال العرض المسرحي الشرفي «غرور الصرصور» لجمعية «الماسيل» الذي تمّ تقديمه مؤخّرا بالمسرح الجهوي لقسنطينة، إعجاب الجمهور الحاضر، حيث غاصت المسرحية الموجّهة للأطفال التي كتب نصها وأخرجها صلاح الدين تركي، بالحضور في عمق قيم التآزر والاتحاد والصداقة. دعا العرض في مضمونه إلى الاستعداد لتقلبات الحياة والتغلب على الاحتياج؛ تماما كما فعلت النملة؛ حيث استعدت لفصل الشتاء، ولم تضيّع وقتها وعملت واجتهدت وقامت بتخزين غذائها واقتدى بها الخنفوس، فيما ظلّ الصرصور يغني ولم يحتط للظروف الصعبة، وهكذا حلّ الشتاء فكانت النملة والخنفوس في منأى عن الاحتياج، بينما وجد الصرصور نفسه في حاجة إلى مساعدة الغير. وتتعاقب المشاهد وتتدخّل النملة والخنفوس لإنقاذ الصرصور من العنكبوت الذي كان يترصّد له، لتبرز قيمة التضامن والتآزر. أدى الأدوار سعد كيموش وخالد فراجي وإيمان حمودي وميمن تركي. ووقّعت السينوغرافيا نصيرة بن ظطة والموسيقى لمحمد يزيد بلخير. وستُعرض المسرحية عبر عشرين ولاية، منها سكيكدة وتيبازة وعنابة وباتنة وأم البواقي بعد 15 عرضا مبرمجا على ركح المسرح الجهوي لقسنطينة.