أشاد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس، بمناسبة عيد المرأة المصادف للثامن مارس، بدور المرأة الجزائرية في تحرير الوطن وفي مسار البناء والتشييد، مؤكدا في رسالة قرأتها نيابة عنه وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال إيمان هدى فرعون، أن المرأة كانت «شريكا فعّالا في إعادة بناء الجزائر بعد دمار وخراب المستعمر، وفي انطلاق مسار التشييد والإعمار الذي صنع تدريجيا الجزائر المعاصرة في مختلف المجالات»، مبرزا حرص الدولة على ترقيتها في مختلف المجالات وتعزيز مكانتها في الحقل السياسي. وخلال حفل أشرف عليه الوزير الأول، عبد المالك سلال، بفندق الأوراسي وحضره رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة وعدد من أعضاء الحكومة، ووجوه نسوية بارزة في المجال السياسي والفني وممثلات عن المجتمع المدني ومجاهدات، ذكر رئيس الجمهورية، بأن نضال المرأة، قابله حرص الدولة لمواكبة ترقيتها في مختلف الفضاءات، والذي توج بتعميم تدريس الفتيات واحتكارهن الجزء الأكبر في الجامعة، وتواجدهن القوي في أسلاك التعليم والصحة وحتى في مجالات سيادية مثل القضاء وأسلاك الأمن والجيش الوطني الشعبي، معتبرا أن هذه النقلات المتتالية، وليدة إرادة سياسية قوية، سمحت بتعزيز مكانة المرأة في حقل السياسة، على غرار وجود ما يقارب 32 % من النساء في العهدة الأخيرة للمجلس الشعبي الوطني، مشيرا إلى أنها نسبة تتجاوز مكانة المرأة في بعض البرلمانات لدول متقدمة، معربا عن أمله في أن «تسجل تقدما آخر خلال الانتخابات التشريعية المقبلة». وجدد الرئيس بوتفليقة حرصه على ترقية مكانة المرأة في مناصب المسؤولية، وفي جميع فضاءات التشغيل وخلق الثروة في البلاد، مشيرا إلى «تزايد عدد النساء في تقلد المسؤوليات في مختلف هيئات أسلاك الدولة، سنة تلو الأخرى، مؤكدا عزمه على «الاستمرار في هذا الاتجاه» وحرصه من خلال التعديل الدستوري الأخير على «التزام الدولة العمل من أجل ترقية مساواة الرجال والنساء في سوق الشغل في البلاد». من جهة أخرى، نوه رئيس الجمهورية، باقتحام المرأة فضاء الاستثمار من خلال «وجودهن على رأس أكثر من 10 % من المؤسسات الخاصة التي أنشئت خلال السنوات الأخيرة»، مضيفا أن البرامج التي وضعتها الدولة لتشجيع تشغيل المرأة، حتى الماكثات في البيت ،«سمحت بتعزيز دور المرأة في المدن والأرياف وعبر كل ربوع البلاد في خلق الثروة، تكملة لدورها في تربية الأجيال الصاعدة»، مشيدا في السياق بالمكتسبات العديدة الأخرى التي حققتها المرأة، «من بينها مكانتها في الفضاء الرياضي «الذي شرفت فيه بلادنا في مستويات عالمية». على صعيد آخر، أكد رئيس الجمهورية، أن التحديات التي تواجه الجزائر اليوم، تستدعي في المقام الأول، ضرورة تخليص البلاد من تبعيتها للمحروقات، وبناء اقتصاد متنوع وذي قدرة تنافسية، مبرزا أن هذا الأمر يتطلب من الجميع، شعبا ودولة، المزيد من الجهد والجد لبناء اقتصاد متنوع وذي قدرة تنافسية «لنواكب بنجاح عالم اليوم ونضمن دوام خياراتنا الاجتماعية العريقة»، كما ذكر بالآثار التي تخلّفها المخدرات والآفات الاجتماعية على الشباب والمجتمع، الأمر الذي - كما قال - «يستوقفنا جميعا ويستوقف الأمهات بالدرجة الأولى للسهر على حماية أبنائنا وبناتنا من هذه المخاطر وكذا للمساهمة مع باقي مجتمعنا لإعادة الاعتبار للحس المدني والابتعاد عن العنف واستعادة الإخاء والمحبة والسكينة في أحيائنا وفي كل ربوع بلادنا». كما أكد الرئيس بوتفليقة أن الانتصار النهائي على مخاطر الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، يتطلب تجنيد جميع المواطنين ويقظتهم، مناشدا النساء «التكفل بهذا الدور الوقائي حفاظا على أبنائهن وعلى وطنهن»، معتبرا أن بؤر التوتر وعدم الاستقرار التي توجد في الجوار» والتي عشش فيها الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، يشكلان تحديا أمنيا ما يزال قائما في بلادنا»، مضيفا أن هذا التحدي يغذي بقايا الإرهاب التي ما تزال تطأ أرض الجزائر، «وتستهدف أرواح وممتلكات شعبها الذي اختار المصالحة للخروج بالأمس من سعير المأساة الوطنية»، مشيدا ببسالة وتضحيات الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن في تصديهم لهؤلاء المجرمين وانتصاراتهم في هذه المعركة. من جهتها، أشادت وزيرة التضامن والأسرة وقضايا المرأة، مونية مسلم في كلمة لها، بالمكانة التي حققتها المرأة بفضل حكمة وحنكة وتبصر رئيس الجمهورية، وتقدمها وتألقها في العديد من المجالات، مشيرة إلى أن مسودة العمل الجديدة تكرس المساواة في أوساط العمل بين المرأة والرجل. النص الكامل لرسالة رئيس الجمهورية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وجّه رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس (الأربعاء)، رسالة بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة، فيما يلي نصها الكامل: «أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، يسعدني أن أتوجه إليكن بأحر التهاني وأخلص الأمنيات بمناسبة إحياء العيد العالمي للمرأة. بالفعل، إن وقفتنا السنوية هذه بمناسبة يوم 08 مارس ليست وقفة تقليدية فحسب، بل هي فرصة للوقوف على دور ومكانة ومستقبل المرأة في بلادنا. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، أجل، لقد كتبت ابنة الجزائر صفحات ذهبية طوال مسار شعبنا عبر التاريخ، ومن واجبنا هنا أن نقف وقفة ترحم وإجلال على أرواح بطلات مقاومة شعبنا منذ الغزو الاستعماري، وبنات بلادنا اللواتي سقطن شهيدات إبان ثورة نوفمبر المظفّرة. كما نتوجه بالتحية والتقدير إلى أخواتنا المجاهدات، اللواتي كن من بين صنّاع حرية الجزائر، وكن كذلك قدوة في مسار البناء والتشييد في ظل الاستقلال والحرية. نعم، أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، لقد كانت المرأة شريكا فعالا في إعادة بناء الجزائر بعد دمار وخراب المستعمر، وكذا في انطلاق مسار التشييد والإعمار الذي صنع تدريجيا الجزائر المعاصرة في مختلف المجالات. إن هذه الملحمة لنضال المرأة في الجزائر عبر القرون والعقود، قابلها حرص الدولة لمواكبة ترقيتها في مختلف الفضاءات، الذي تُوّج بتعميم تدريس بناتنا في مختلف ربوع الوطن، وحتى احتكارهن الجزء الأكبر في جامعاتنا. ونفس الجهد كُلل بوجود قوي للنساء في أسلاك التعليم والصحة، وحتى في مجالات سيادية مثل القضاء وأسلاك الأمن، وفي الجيش الوطني الشعبي. إن هذه النقلات المتتالية هي وليدة إرادة سياسية قوية، سمحت بتعزيز مكانة بنات الجزائر في حقل السياسة، على غرار وجود ما يقارب 32 % من النساء في العهدة الأخيرة للمجلس الشعبي الوطني. وهي نسبة تتجاوز مكانة المرأة في بعض البرلمانات لدول متقدمة في شمال المعمورة. ونأمل في نفس الوقت أن تسجل تقدما آخر خلال الانتخابات التشريعية المقبلة. وفي نفس المنوال، فإن عزمنا الراسخ عرفانا بكفاح ونضال بنات بلادنا وتقديرا للمجهودات التي استمرت في تكوينهن، كان وسيظل وراء حرصنا لترقية مكانة المرأة في مناصب المسؤولية، وفي جميع فضاءات التشغيل وخلق الثروة في بلادنا. بالفعل، نسجل سنة تلو سنة أخرى تزايد عدد النساء في تقلد المسؤوليات في مختلف هيئات أسلاك الدولة، وإننا لعازمون على الاستمرار في هذا الاتجاه. كما حرصنا من خلال التعديل الدستوري الأخير، على أن نسجل التزام الدولة العمل من أجل ترقية مساواة الرجال والنساء في سوق الشغل في بلادنا، وإنها غاية تقطع خطوات تلو الأخرى في العديد من المجالات. هكذا، يحق لنا أن نعتز باقتحام المرأة في فضاء الاستثمار، وأن نسجل وجودهن على رأس أكثر من 10 % من المؤسسات الخاصة التي أنشئت خلال السنوات الأخيرة. ومن جهة أخرى، سمحت البرامج التي وضعتها الدولة لتشجيع تشغيل المرأة، حتى الماكثات في البيوت منهن، بتعزيز دور المرأة في المدن والأرياف وعبر كل ربوع بلادنا، في خلق الثروة؛ تكملة لدورها في تربية أجيالنا الصاعدة. ويمكن لمتتبعي الشأن الجزائري أن يضيفوا لهذه الأمثلة مكتسبات عديدة أخرى حققتها المرأة، ومن بينها مكانتها في الفضاء الرياضي الذي شرّفت فيه بلادنا في مستويات عالمية. ويكفينا فخرا، شعبا وقيادة، أن نسجل اعتراف القادة الأفارقة خلال قمتهم في السنة الماضية بنتائج الجزائر، وكذا عائلتنا العربية خلال منتداها في نفس السنة بالأردن، في مجالات التنمية البشرية وترقية مكانة المرأة في المجال السياسي. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إذا ما كان يحق لنا الاعتزاز وحتى الافتخار بما شاركت به أسلافكن في تحرير الجزائر وتشييدها، وبما تساهمن به اليوم في صنع مستقبل وطننا، فلا يفوتني كذلك أن أغتنم هذه السانحة لأخاطب ضمائركن وحسكن الوطني وإحساسكن الإنساني أمام التحديات التي تواجه الجزائر اليوم. ويأتي في المقام الأول، ضرورة تخلص بلادنا من تبعيتها للمحروقات وتذبذب أسعاره في الأسواق الدولية، وهذا يتطلب منا جميعا شعبا ودولة، المزيد من الجهد والجد؛ بغية بناء اقتصاد متنوع وذي قدرة تنافسية لكي نواكب بنجاح عالم اليوم، ولكي نضمن دوام خياراتنا الاجتماعية العريقة. وفي المقام الثاني، ما نراه من زعزعة لأركان مجتمعنا ومنها آثار المخدرات والآفات الاجتماعية الأخرى على شبابنا، مما يستوقفنا جميعا ويستوقف الأمهات بالدرجة الأولى، للسهر على حماية أبنائنا وبناتنا من هذه المخاطر، وكذا للمساهمة مع باقي مجتمعنا لإعادة الاعتبار للحس المدني والابتعاد عن العنف واستعادة الإيخاء والمحبة والسكينة في أحيائنا وفي كل ربوع بلادنا. أما في المقام الثالث والأخير، فإن بؤر التوتر وعدم الاستقرار التي توجد في جوارنا والتي عشش فيها الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، يشكلان تحديا أمنيا مايزال قائما في بلادنا، تحديا يغذي بقايا الإرهاب التي ماتزال تطأ أرض الجزائر الطاهرة، وتستهدف أرواح وممتلكات شعبها الباسل الذي اختار المصالحة؛ بغية الخروج بالأمس من سعير المأساة الوطنية. وأغتنم هذه الفرصة لأنوّه ببسالة وتضحيات الجيش الوطني الشعبي وقوات أمن بلادنا في تصدّيهم لهؤلاء المجرمين، وأشيد بانتصاراتهم في هذه المعركة، وأترحم على شهداء الواجب الوطني، منهم الذين سقطوا في أداء مهمتهم الشريفة. إن الانتصار النهائي على مخاطر الإرهاب والجريمة العابرة للحدود يتطلب تجنيد جميع المواطنين ويقظتهم، وكذا المواطنات اللواتي أناشدهن مرة أخرى اليوم، للتكفل بهذا الدور الوقائي؛ حفاظا على أبنائهم وعلى وطنهم. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إذا كانت جميع الوقفات الاحتفالية أو التذكارية فرصا تسمح لنا بتقويم مسيرة الجزائر عاما بعد عام، فإنها كذلك فرص لتعبئتنا من منطلق النتائج المحققة بغية استكمال بناء جزائر العزة والكرامة، وأن تحسن مكانة المرأة في بلادنا لأحسن مثال في هذا المجال. مرة أخرى، أقول هنيئا لكن بعيدكن أيتها الأخوات، والذي هو عيدنا نحن كذلك، وأتمنى لكن المزيد من الرقي والسعادة والهناء. رحم الله الشهداء».