صدر القانون الجديد المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها في العدد الأخير للجريدة الرسمية، متضمنا التدابير التنظيمية التي ستدخل حيز التنفيذ مع انطلاق العمل برخصة السياقة بالتنقيط المقرر بعد استكمال وضع الآليات القانونية والتقنية المسيّرة لهذا النظام الجديد الذي تمت مرافقته بعقوبات مشددة في التعامل مع المخالفين للقانون. يعيد قانون المرور الجديد الذي يعدل ويتمم القانون 01 / 04 بناء النظام القانوني المتّبع في الجزائر في إطار جهود مكافحة «إرهاب» الطرقات والحد من السلوكات المتهورة التي تتسبب سنويا في خسائر بشرية ومادية فادحة، وذلك بإدخاله نظام رخصة السياقة بالتنقيط المعتمد في العديد من الدول المتقدمة. هذا النظام التي يتميز بمرونته في التعامل مع المخالفين لقواعد السير على اعتبار أن أغلبية أصناف المخالفات المرورية المحددة في النص، لا يتربت عليها السحب الفوري لرخصة السياقة إلا في الحالات الاستثنائية يمتاز عن سابقيه بطابعه البيداغوجي المستمد من الأحكام التي تلزم فئات من المخالفين بإعادة التكوين واجتياز اختبار السياقة من جديد لاسترجاع النقاط المسحوبة أو رخصة السياقة بصفة كاملة في بعض الحالات. في هذا الإطار فإن القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان مطلع شهر جانفي الفارط، ينص على استحداث نظام رخصة السياقة بالنقاط برصيد 24 نقطة، و12 نقطة بالنسبة لرخصة السياقة المؤقتة الممنوحة لصاحبها في الفترة الاختبارية المحددة بعامين. ويتم تخفيض رصيد النقاط بقوة القانون في حال ما إذ ارتكب صاحب الرخصة مخالفة تم بموجبها النص على هذا التخفيض، مع تعرضه أيضا لغرامة جزافية وعقوبات جزائية حددها القانون وفق نوع المخالفة. مع الإشارة إلى أنه يضاف إلى هذا التخفيض سحب آخر للنقاط في حالة عدم دفع الغرامة الجزافية المطابقة لطبيعة المخالفة المرتكبة. القانون ينص أيضا على مراجعة أصناف رخصة السياقة ومدة تعليقها في حالة الجنح والمدة المحددة لمنح رخصة جديدة قبل إلغائها، مع الإشارة إلى أن رخصة السياقة الحالية تبقى سارية المفعول إلى غاية إصدار الرخصة الجديدة والانطلاق الفعلي في تطبيق هذا النظام الجديد الذي سيتم مرافقته بهيئات تقنية مرافقة، من أبرزها المجلس التشاوري بين القطاعات الذي سيكون ملحقا بالوزير الأول، مندوبية وطنية للوقاية والأمن عبر الطرق مكلفة بوضع إستراتيجية وطنية للوقاية والأمن عبر الطرق ملحقة في جزئها العملياتي بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، فضلا عن استحداث بطاقية وطنية لرخص السياقة بالتنقيط والتي تشرف على تسييرها وزارة الداخلية والجماعات المحلية وتسمح بإحصاء كل المخالفات المسجلة عبر التراب الوطني. 4 أنواع من المخالفات موزعة على 24 نقطة تسحب النقاط من السائقين المخالفين في إطار رخصة السياقة بالتنقيط طبقا لخطورة المخالفة المرتكبة، من نقطة إلى 6 نقاط حسب تصنيف المخالفات المحددة ب4 فئات مخالفات. أما فيما يتعلق بالأعمال المصنفة ضمن فئات الجنح فيتم سحب 10 نقاط مرة واحدة، وفي حال عدم دفع الغرامات الجزافية المرتبطة بالمخالفات بعد 30 يوما، تسحب نقطتين إضافيتين من الرخصة. ويشدد النص الجديد أيضا العقوبات من جانب الغرامات الجزافية التي تقع على المخالفين لقواعد حركة المرور حسب درجة المخالفة. في هذا الإطار يتعين على مرتكبي المخالفات من الدرجة الأولى المتعلقة أساسا بتقديم الوثائق واستعمال تجهيزات سيارة غير مطابقة دفع غرامة جزافية مقدرة ب2000 دينار مقابل 2500 دينار للمخالفات من الدرجة الثانية التي تشمل اختراق الخط المتواصل والتوقف والركن العشوائي وغيرها، فيما يدفع مرتكبو المخالفات من الدرجة الثالثة التي يندرج في إطارها عدم وضع حزام الأمان والتوقف أو الوقوف الخطيرين أو منع المرور غرامة ب3000 دينار، وتطبق غرامات ب5000 دينار على المخالفات من الدرجة الرابعة التي تشمل المناورات الممنوعة على الطرق السيارة والسريعة وسير المركبات بدون إنارة ومخالفة الأحكام المتعلقة بالتقاطع والتجاوز واجتياز خط متواصل والاستعمال اليدوي للهاتف المحمول والإنصات بكلتا الأذنين بخوذة التنصت الإذاعي والسمعي أثناء السياقة. ويعاقب كل سائق مركبة تجاوز السرعة المسموح بها ب30 بالمائة وأكثر بغرامة مالية تتراوح ما بين 10 آلاف و50 ألف دينار، فيما يعاقب بالسجن لمدة تتراوح من 6 أشهر إلى سنتين وغرامة من 20 ألف إلى 50 ألف دينار، كل سائق مركبة لنقل البضائع يتجاوز وزنها الإجمالي المرخص به 3500 كلغ أو مركبة لنقل الأشخاص التي تشمل على أكثر من 9 مقاعد، في حال عدم احترام التدابير القانونية المتعلقة بمدة السياقة ومدة الراحة التي تسبب حادث مرور ينجم عنه قتل غير عمدي. النص الجديد يحدد أيضا آجال دفع الغرامات الجزافية المتعلقة بالمخالفات ب45 يوما من تاريخ تسجيل المخالفة، وفي حال تجاوزها يتم تحرير محضر قضائي بعدم الدفع يتم توجيهه لوكيل الجمهورية. وكنتيجة لذلك يتم رفع هذه الغرامات إلى 3000 دينار بالنسبة للمخالفات من الدرجة الأولى و4000 دينار لمخالفات الدرجة الثانية و6000 دينار لمخالفات الدرجة الثالثة و7000 دينار للمخالفات من الدرجة الرابعة، مع سحب نقطتين إضافيتين من الرخصة. في المقابل بإمكان السائق الذي يتعرض لسحب نقاطه استرجاع هذه النقاط في حال لم يرتكب أية مخالفة خلال فترة محددة، (يتم تحديدها لاحقا)، غير أنه في حال استنفذ كل النقاط يتم سحب رخصته، ويجبر على إعادة التكوين من بدايته لمدة 6 أشهر كاملة للحصول على رخصة سياقة جديدة. فرض جهاز قياس السرعة والزمن وتنظيم الممهلات يلزم القانون الجديد المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها سائقي مركبات نقل البضائع التي يفوق وزنها 3500 كلغ وكذا مركبات نقل الأشخاص التي يتعدى عدد مقاعدها باحتساب السائق 9 مقاعد، بتزويد مركباتهم بجهاز تسجيل مدة السياقة والسرعة والمسافة المقطوعة المعروف باسم «الكرونوتاكيغراف». وإذ يلزم القانون أيضا أصحاب مركبات نقل البضائع بعدم تجاوز الحمولة القانونية، فهو ينص على أن مراقبة حمولة المركبات ووزنها تتم على مستوى محطات الوزن بواسطة تجهيزات وأدوات قياس معتمدة. كما يعتبر القانون الممهلات وسائل مادية تخصص للحد من السرعة في بعض المسالك، ويحدد مواصفاتها ومقاساتها بشكل موحد عبر التراب الوطني، مع إخضاع وضعها واختيار أماكن إقامتها لرخصة مسبقة من الوالي، بناء على اقتراح من رئيس المجلس الشعبي البلدي. تغريم الراجلين، وفرض الحزام بالمقاعد الخلفية في مركبات النقل من التدابير الجديدة التي يحملها القانون الجديد المنظم لحركة المرور، إلزام الآباء باحترام قواعد نقل الأطفال في المركبات، حيث يمنع النص نقل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات في المقاعد الأمامية. كما يلزم السائقين باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية وتثبيت الأطفال على مستوى المقاعد الخلفية للمركبات. ويعيد النص بعض التدابير التي تم العمل بها بالجزائر خلال سنوات السبعينيات، في إطار تحسيس كافة فئات المواطنين بمسؤوليتهم تجاه قواعد السير والمرور ومنها مخالفة الراجلين للقواعد التي تنظم سيرهم، ولاسيما القواعد المتعلقة باستعمال الممرات المحمية، والتي تم إدراجها في خانة المخالفات من الدرجة الأولى التي تترتب عليها غرامة جزافية محددة ب2000 دينار. فضلا عن إلزام الراكبين في المقاعد الأمامية بوضع حزام الأمن، يعتبر القانون استعمال الحزام إجباريا للأشخاص الجالسين في المقاعد الخلفية بالنسبة لمركبات نقل الأشخاص عبر الطرق، المجهزة بهذا التجهيز والتي تشتمل على أكثر من 9 مقاعد، بما فيها مقعد السائق، باستثناء مركبات النقل الحضري. تعزيز الوقاية وترسيخ ثقافة مرورية لدى المواطن يتبين من خلال الإجراءات المشددة التي يحملها قانون المرور الجديد، بأن السلطات العمومية تسعى إلى فرض سلطان القانون من أجل تعزيز الوظيفة الوقائية التي يحملها هذا النص وكذا مختلف التدابير المتخذة في إطار الحد من تفاقم ظاهرة حوادث المرور والارتفاع المتزايد لضحاياها. لا سيما بعد فشل مختلف الإجراءات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، وحملتها التعديلات المتكررة التي أدخلت على هذا النص، والتي لم تفلح في تخفيض العدد المخيف للحوادث الأليمة ولضحاياها البالغ 3000 قتيل سنويا. ولما كان العامل البشري هو السبب الرئيسي بنسبة تفوق ال90 ٪، في وقوع الحوادث المميتة واستمرار هذه الكارثة الاجتماعية، تم توجيه أهداف القانون الجديد نحو الوظيفة التوعوية التي من شأنها ترسيخ ثقافة مرورية لدى المواطن، ودفعه إلى تحمّل مسؤوليته كاملة إزاء هذه «المأساة» التي يموت بسببها يوميا 11 جزائريا وتكبّد البلاد خسائر مادية قدّرها وزير الداخلية مؤخرا ب2 مليار دولار سنويا.