كشفت وزيرة التربية الوطنية، السيدة نورية بن غبريط، أنه يتم الاتجاه نحو التخلي تدريجيا عن التوظيف الخارجي لأساتذة التعليم في مختلف الأطوار، والاعتماد مستقبلا بصفة كلية على خريجي المدارس العليا، والتنسيق مع وزارة التعليم العالي لتحديد الاحتياجات السنوية في مجال التأطير في كل التخصصات، بما يستجيب للأهداف المسطرة في إطار الإصلاح التربوي الذي باشرته الدولة منذ 2002، ومن أجل توفير «مدرسة نوعية» تضمن الشفافية، الاستحقاق الإنصاف وتكافؤ الفرص. وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، أشرفت أمس، بثانوية الرياضيات بالقبة، على الندوة الوطنية لعرض نتائج الاستشارة الميدانية حول التقويم البيداغوجي، حضرتها إطارات الوزارة ومدير المرصد الوطني للتربية والتكوين ومديرو الندوات الجهوية للتقويم البيداغوجي وجمع من مفتشي التربية ومستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني، حيث قام المختصون بشرح كل تفاصيل العملية والتدليل عليها بلغة الأرقام وبمنهجية علمية بحتة لا مجال فيها للعموميات. وذكرت بن غبريط، في كلمتها بمناسبة افتتاح اللقاء، أن هذه المرحلة التي تخص «التحوير البيداغوجي» تعتبر امتدادا لمسار الإصلاح التربوي الذي مس في البداية تكييف البرامج التعليمية وتحيينها، ثم تصميم ونشر كتب مدرسية جديدة. ولقيت الاستشارة التي كانت في شكل استبيان استجابة قوية من طرف الأساتذة الذين أجاب 95 بالمائة منهم بصفة طوعية على أسئلة تلقوها عبر أرضية رقمية، وهو ما اعتبرته الوزيرة نقطة إيجابية تدل على نضج الأساتذة ووعيهم الكبير بأهمية مثل هذه المسائل، واستعدادهم لتبادل الآراء والتجارب الميدانية، وأن بهذا العمل الميداني الذي هو مِن صنْع المهنيين، يمكن تغيير الممارسات نحو الأحسن، وليس عن طريق مراسيم وقرارات فوقية. وخلصت الاستشارة إلى أن العديد من الأساتذة المستجوَبين يطالبون – من خلال حيز في الاستبيان مخصص للتعقيب الحر وتقديم الاقتراحات- بضرورة تكوينهم في مجال التقييم البيداغوجي مع توفير السندات اللازمة لذلك، كما مكّن الاستبيان الأساتذة من وصف ممارسات التقييم داخل القسم وإعطاء رأيهم حول نظام التغيير المعمول به حاليا، الذي يقوم على أساس «الحفظ والاسترجاع» والذي يضع العديد من التلاميذ في وضعية رسوب، مشيرة إلى إمكانية الاعتماد في العملية التعليمية على عدة مقاربات لأن الهدف هو نجاح التلميذ، وفي هذا السياق ذكرت الوزيرة أنه يجب أن يكون للأساتذة هامش كبير من الحرية والاستقلالية في عملية التعليم والتعلم، ولكن يجب إعلامه وتكوينه حول آخر المستجدات مما وصل إليه التفكير في مجال البيداغوجيا وتعليمية المواد، وأنه على الأستاذ أن يحسن التفاعل والتواصل مع التلاميذ من خلال الإصغاء والحوار وتبنّي سلوك يبعث على الارتياح. كما انتقدت مسؤولة القطاع الطريقة التي يعتمدها الأساتذة في طريقة التقويم، مؤكدة أن بعض الأساتذة لا يقومون بالتقويم داخل الأقسام إلا بعد تدريس عشرين ساعة وهو حسبها كثير جدا وبعيد عن المعيار الدولي الذي لا يتجاوز عشر ساعات. وعلى هامش اللقاء نشطت الوزيرة ندوة صحفية كشفت خلالها أن الوزارة تتجه نحو التخلي تدريجيا عن التوظيف الخارجي لأساتذة التعليم في مختلف الأطوار، والاعتماد مستقبلا بصفة كلية على خريجي المدارس العليا التي ستصبح لاحقا الوحيدة المعتمدة في توفير المدرسين في مختلف الأطوار، كما ذكرت أن الوزارة تسعى لإعادة النظر في طريقة إعداد أسئلة الامتحانات خاصة بالنسبة لمجتازي شهادة البكالوريا عن طريق المقاربة بالفهم، والخروج تدريجيا من الاعتماد على المقاربة بالحفظ والاسترجاع، وهي الطريقة التي تقضي على محاولات الغش التي تسيء للقطاع.