انتخب النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، سعيد بوحجة، أمس رئيسا للمجلس الشعبي الوطني للعهدة التشريعية الثامنة التي تمتد من 2017 إلى 2022، بعد ظفره ب356 صوتا في عملية الاقتراع السري التي تم تنظيمها بمناسبة جلسة افتتاح العهدة التشريعية المنبثقة عن تشريعيات 4 ماي الجاري، والتي ميزتها أول مواجهة بين نواب الأغلبية البرلمانية ونواب بعض تشكيلات المعارضة التي أصرت على فرض تطبيق آلية الانتخاب واعتماد الصندوق في انتخاب الرئيس. عملية الاقتراع التي ترشح لها إلى جانب سعيد بوحجة 3 مترشحين آخرين هم كل من لخضر بن خلاف عن تحالف الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء واسماعيل ميمون عن تحالف «حمس» ونورة وعلي عن التجمع الوطني الديمقراطي، تم فرضها من قبل أحزاب المعارضة التي أرادت من خلال إصرارها على هذه الآلية، رغم معرفتها المسبقة بأن النتائج ستكون لصالح مرشح الاغلبية البرلمانية، حمل نواب المجلس الشعبي الوطني إلى مباشرة عهدتهم بآلية ديمقراطية وتفادي آلية التزكية برفع الأيدي التي جرت عليها العادة في العهدات السابقة وكانت قد عرقت احتجاجات متكررة وانتقادا من عدة اطراف في المعارضة. السيد بوحجة حصل خلال عملية الاقتراح السري التي تم تنظيمها في الفترة المسائية لجلسة افتتاح العهدة على 356 صوتا، مقابل 47 صوتا لمرشح تحالف حركة مجتمع السلم «حمس» و17 صوتا لصالح لخضر بن خلاف عن تحالف اتحاد النهضة والعدالة والبناء و10 أصوات لمرشحة الأرسيدي نورة وعلي، فيما بلغ عدد الأوراق الملغاة 19 ورقة. وتمت عملية الاقتراع السري باعتماد طريقة المناداة على النواب وفق الترتيب الأبجدي للأسماء، وهو النظام نفسه الذي تم اعتماده في الفترة الصباحية لافتتاح الجلسة خلال عملية التنصيب الرسمي للنواب الجدد والتي ترأسها المكتب المؤقت المشكل من سعيد بوحجة باعتباره النائب الاكبر سنا بمساعدة كل من النائب المستقل حديبي تهامي والنائب عن تجمع أمل الجزائر «تاج» أيوب شرايطية باعتبارهما أصغر نائبين، والتي تلتها طبقا للمادتين 2 و4 من النظام الداخلي للمجلس عملية تنصيب لجنة إثبات العضوية المتشكلة من 20 عضوا يمثلون مختلف التشكيلات السياسية التي حصلت على 10 مقاعد على الاقل في التشريعيات الاخيرة. ولم تخل الجلسة الافتتاحية للعهدة التشريعية الجديدة من بعض المشادات الكلامية والتصادمات بين النواب، خاصة خلال عملية التحضير وإجراء الاقتراع السري على الرئيس، حيث عمد أحد نواب الأفلان إلى حمل ورقة مرشح الحزب فقط لوضعها في الصندوق، دون حمل أوراق المرشحين الآخرين، ما اعتبره نواب المعارضة استفزازا وعدم احترام القواعد والاليات القانونية المتعارف عليها في عملية الانتخاب. مع الإشارة في هذا الصدد إلى أن عملية انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني عن طريق الصندوق، لم تشهدها العهدة السابقة، إثر مقاطعة نواب المعارضة حينها جلسة الافتتاح، ما ترك المجال واسعا لنواب الأغلبية الذي قاموا باختيار رئيس المجلس (محمد العربي ولد الخليفة) بطريقة التزكية التي يكتفي يها النواب برفع الايدي فقط. إجبار النواب على انتهاج لغة الاقتراع بالصندوق هذه المرة، ترمي حسب ممثلي أحزاب الأرسيدي وتحالفي الاسلاميين، إلى تكريس الممارسة الديمقراطية في أولى جلسة للبرلمان الجديد، وتوجيه رسالة إلى نواب الاغلبية مفادها أن المعارضة على رغم من قلة تمثليها إلا أنها لن تستسلم بسهولة وبساطة للممارسات التي شوهت العمل النيابي في العهدات السابقة. وإن كانت التشكيلات الثلاثة المذكورة قد أعلنت التحدي منذ أول جلسة للمجلس الشعبي الوطني، من خلال الدخول في أول مواجهة مع منافسيها في المجلس، فإن نواب جبهة القوى الاشتراكية، أعلنوا عدم اكتراثهم لجلسة انتخاب رئيس المجلس، معتبرين بأن الآليات لن تغير شيء في الواقع المفروض من قبل الاغلبية، بينما كشف بعض نواب حزب العمال عن مشاركتهم في عملية الانتخاب بالورقة البيضاء. وهذا في وقت أعلن فيه نواب كل من التجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر وجبهة المستقبل والتحالف الوطني الجمهوري وحركة الوفاق الوطني وحزب الحرية والعدالة والاتحاد الوطني من اجل التنمية علاوة على كتلة الاحرار، دعمها المبدئي للنائب المجاهد سعيد بوحجة. بوحجة يدعو النواب إلى التشاور الدائم لرفع التحدي المشترك عقب إعلانه رئيسا رسميا للمجلس الشعبي الوطني، أشاد السيد بوحجة بالثقة التي وضعها فيه النواب، وتعهد بالعمل مع الجميع والتحلي بروح المسؤول المتفتح على كل الآراء والتوجهات، مؤكدا بأن هذه الثقة التي تحمله أمانة كبيرة تضعه وكل رفقائه في العمل التشريعي أمام مسؤوليات جسام، في ظل ظرف صعب وحساس وبالغ التعقيد إقليميا ودوليا وسياسيا واقتصاديا واستراتيجيا. ودعا بالمناسبة نواب المجلس الشعبي الوطني إلى التشاور الدائم من أجل رفع التحدي والنجاح في مهمتهم السامية، معتبرا التنوع الفكري والسياسي وتعدد الكفاءات العالية في المجلس الجديد يعطي دفعا قويا للعمل التشريعي والرقابي الذي يضطلع به البرلمان. وناشد الرجل الثالث في الدولة في نفس السياق جميع ممثلي الشعب، التمسك بفضائل الحوار والنقاش الديمقراطي، لإثراء المنظومة التشريعية في جو من الثقة القائمة على حسن الاستماع إلى الرأي والرأي الآخر والتواصل بأسلوب حضاري، لافتا إلى أنه محكوم على جميع نواب العهدة الجديدة، مهما اختلفت توجهاتهم السياسية العمل سويا لأن يكون المجلس قلعة للممارسة الديمقراطية وهيئة داعمة للإصلاحات المؤسساتية، وفضاء مفتوحا على الحوار والمبادرة والانفتاح على المحيط العام، وعينا ساهرة على مراقبة الأداء الحكومي بما يخدم الشعب والوطن. ولم يفوت الرئيس الجديد للغرفة البرلمانية السفلى الفرصة لتذكير النواب بأهمية الانضباط، والمشاركة الفعلية والحضور المكثف والجدية في الأشغال العامة واللجان الدائمة، مشيرا إلى أنه سيعمل على تسريع تنصيب أجهزة المجلس الشعبي الوطني من خلال المشاورات الضرورية مع ممثلي المجموعات البرلمانية في الأيام المقبلة.