عادت الملابس المستعملة أو المعروفة ب«الشيفون" إلى الواجهة بشكل ملفت للانتباه، وعلى مدار 365 يوما من السنة، هذه الملابس التي يطلق عليها الناشطون فيها ملابس "البالة"، اسمها لن يصبح غريبا بعدما يتم تحليل أصل هذه الكلمة التي أطلقها عليها مستوردوها، لأنه يتم حمل أكوام منها بشكل عشوائي تلف في أكياس بلاستيكية ضخمة تحمل أطنانا من الملابس التي تم ارتداؤها من قبل، ليتم تصديرها للعديد من الدول، منها الجزائر. تزال تجارة هذه الألبسة تشهد انتعاشا كبيرا لأسباب مختلفة سنذكر البعض منها، بعدما تراجعت نسبيا في فترة سابقة بعدما تم حظر استيراد "الشيفون"، إلا أنها اليوم وجدت لنفسها مخرجا جديدا وأصبحت تباع في المحلات بالأحياء الشعبية، كما أنها تعرض على طاولات في الهواء الطلق في بعض الأسواق التقليدية، نذكر منها سوق "بومعطي" الشهير بتجارة الملابس وكذا الأدوات المستعملة التي لا يكف العديد من المواطنين الإقبال عليها وبشدة. مهما كانت المناسبة، يقبل المواطنون على محلات لاقتناء الملابس، سواء للعيد أو لبعض المناسبات أو لمجرد ارتدائها في الأيام العادية، وأخرى العملية. ولكل مقصده الرئيسي سواء محلات الألبسة الجاهزة أو أخرى، باقتناء القماش مثلا وخياطة لباس معين، ليبقى خيار الإقبال على محلات ملابس "الشيفون" بديلا ممتازا لمحدودي الدخل، الذين يجدون في ظل ترشيد نفقاتهم، بديلا لاقتناء ملابس مستعملة، لكن في حالة جيدة وبسعر معقول يمكنهم اقتناء ما يناسبهم منها دون الشعور بالتكاليف الكبيرة التي ترهق مصاريف الأسرة. في جولة استطلاعية قادت "المساء" إلى شوارع باب الوادي بالعاصمة، أشهر الأحياء الشعبية بالمنطقة، لفت انتباهنا العدد الكبير لمحلات بيع "الشيفون"، محلات اتسمت ببعض التفاصيل تجعلها تختلف عن بقية المحلات الأخرى لبيع الملابس الجاهزة، إذ تميزت محلات "الشيفون" بالبساطة، رتب أصحاب تلك المحلات سلعهم بطريقة جد عشوائية، البعض منها معلق في الواجهة؛ لا تشبه أية قطعة قطعة أخرى، بألوان باهتة بفعل الغسيل المتكرر، وأخرى يبدو عليها الترهل بشكل جد واضح، حتى أنك قد تلاحظ بعض التقطعات أو الأجزاء الناقصة من قطعة معينة، ناهيك عن الرائحة "الغريبة" التي تصادفك بمجرد المرور بمدخل تلك المحلات، وإن تطأ قدماك المحل، تقابلك سلل بها أكوام من القطع المختلفة من الملابس التي تحمل النسوة القطعة بعد الأخرى، منها ما تعيد رميها في السلة وأخرى تضعها على كتفيها بعدما قامت بفحصها بشكل دقيق وكأنها تبحث عن عيب فيها إذ كانت بها بقع أو مقطعة، ثم تضعها على كتفها في حالة أعجبتها القطعة، لتنطلق في رحلة البحث عن قطعة أخرى.. اقتربنا من خالد، مختص في بيع "الشيفون" منذ سنوات، فأوضح لنا قائلا: "تعرف تجارة الملابس المستعملة رواجا كبيرا رغم كثرة المحلات التي تعرض سلعا جديدة وبأثمان معقولة، لكن يبقى البحث عن سلع بأسعار زهيدة أحد أهم الحوافز بالنسبة للمواطنين لكي يرتادوا على محلات الملابس المستعملة، إلى جانب بحث البعض على ملابس بماركات عالمية باهظة الثمن لا يمكن للفرد اقتناؤها إلا في هذه الأسواق، بعد أن تكون في أكوام "الشيفون"، حيث أصبحت النساء أكثر إقبالا على هذه الأسواق يروجن لهذه السلع، بعد دعوة العديد من أفراد عائلتهن أو صديقاتهن إلى التوجه نحو هذه المحلات. تباع في تلك الأسواق مختلف الألبسة من أقمصة وتنانير وفساتين، أحذية وحقائب يد، ومنها أيضا الملابس الداخلية، مايوهات وكذا ملابس الأطفال، إلى جانب سلع أخرى كألعاب الأطفال والأواني وبعض الأدوات للاستعمالات المنزلية، تتراوح أسعارها من 50 دينار للقطعة إلى 1000 دينار، في حين ليست كل تلك السلع بأسعار معقولة، إذ لم يكن هناك أي حرج لبعض الباعة في عرض أحذية مستعملة من الجلد الخاص بسعر 4000 و4500 دينار، ويردون على كل محاول الاستفسار عن غلاء السعر بأنها أحذية "أصلية" ولا يمكن إيجادها بنفس الجودة والسعر في محلات أخرى..