تحلّ في الرابع عشر من شهر جويلية الجاري، الذكرى الثالثة والثمانون لوفاة القطب الصمداني الشيخ أبو العباس أحمد بن مصطفى بن عليوة المعروف بالعلاوي المستغانمي مولدا ونشأة، وتحتفي الزاوية العلوية بحيدرة، كالمعتاد، بهذه الذكرى العطرة بإقامة تظاهرة دينية ثقافية يشهدها جمع غفير من محبي هذا الولي الصالح المشهور بتلقين الاسم الأعظم، قادمين من مختلف جهات الوطن حيث يقضون ليلة الجمعة في تلاوة القرآن الكريم والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وتقديم مذاكرات تتناول جوانب من حياة هذا العارف بالله الذي جمع بين علمي الشريعة والحقيقة، إلى جانب إنعاش القلوب بالمدائح التي أكرمه الله بها والتي يتضمنها ديوانه المعروف، وكل ذلك تحت إشراف شيخ الزاوية الحاج عبد الله بوحارة ذي التواضع الجم والبركات الأعم، أطال الله في عمره وفي أعمار كل الحاضرين ليعيشوا هذه الجلسات النورانية أعواما عديدة وأزمنة مديدة. سيدي الشيخ العلوي رضي الله تعالى عنه وأرضاه طبقت شهرته الآفاق وذاع صيته في شتى بقاع المعمورة بسبب انتشار الزوايا المنسوبة إليه عبرها، فقد جاد الله عليه بالعلم اللدني الموهوب، إلى جانب ما جناه من علم مكسوب على يدي والده من الصلب، ووالده الروحي العلامة الجليل الشيخ سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي المتوفى سنة 1909رضي الله عنهم، إذ لازمه بمستغانم نحو خمس عشرة سنة، فبويع بعده بالخلافة على رأس الطريقة الدرقاوية، قبل تأسيسه- في مستهل العقد الثاني من القرن العشرين - الطريقة العلوية المنسوبة إليه . ولمعرفة مدى غزارة علمه، وعلو شأنه، وذيوع صيته نكتفي بإيراد أسماء بعض مشاهير تلامذته وبعض عناوين مؤلفاته، دحضا لافتراءات بعض مرضى القلوب الذين أعماهم الحقد الدفين عن مطالعة آثار تلامذته، والاستفادة ولو من أقل القليل من مصنفاته العديدة . فمن تلامذته الأعلام الذين اشرفوا على الزوايا المنسوبة إليه، الحاج أحسن الطرابلسي بعنابة، الحاج عميمور الهلالي دفين عنابة وهو والد الوزير الأسبق محي الدين عميمور، الحاج المداني القصيبي بتونس، الحاج الفيتوري في بنغازي ليبيا، الحاج البوديلمي المسيلي بتلمسان، والعلامة المولود الحافظي الورثلاني، والشيخ أحمد بن حسين بن قدور الزموري شيخ وصهر العلامة الغني عن التعريف الشيخ عمر أبو حفص الزموري، وغيرهم من العلماء والمقاديم اللذين لا يتسع المقام لذكرهم رضي الله عن الجميع . وقد أثرى الشيخ العلوي رضي الله عنه الفضاء الثقافي الجزائري و الإسلامي بمؤلفات ورسائل ومقالات نذكر منها، الرسالة العلاوية في البعض من المسائل الشرعية تقع في ألف بيت وتحتوي على أهم الأحكام الشرعية من توحيد وعبادات وأحكام الصيام والحج وغيرها ، وختمها بكتاب التصوف في 132بيتا، مبادئ التأييد في بعض ما يحتاج إليه المريد، رسالة الناصر معروف في الذب عن مجد التصوف ، طبعه تلميذه الشيخ محمد بن الهاشمي التلمساني وذيلها بتقاريظ العلماء الجلاء في المشرق والمغرب ، والشيخ محمد بن الهاشمي هذا لمن لا يعرفه فلينظر مقامه في الشام، القول المقبول فيما تتوصل إليه العقول، القول المعتمد في مشروعية الذكر بالاسم المفرد، رسالة القول المعروف في الرد على من أنكر التصوف، المواد الغيثية الناشئة عن الحكم الغوثية في جزئين شرح فيهما حكم سيدي بومدين الغوث دفين تلمسان رضي الله عنهما، النور الضاوي في حكم ومناجاة الشيخ العلاوي، دوحة الأسرار في معنى الصلاة على النبي المختار صلى الله عليه واله وسلم، البحر المسجور في تفسير القرآن بمحض النور في جزئين، منهل العرفان في تفسير البسملة وسور من القرآن. كما أن له أبحاث شيقة في الفلسفة الإسلامية على غرار مظهر البينات في التمهيد بالمقدمات، وأبحاث في علم الفلك (مفتاح الشهود في مظاهر الوجود)، فاللهم أفض على الشيخ العلوي وأصوله وفصوله، ومشايخه ومحبيه وإخوانه من الأولياء الصالحين وعلينا معهم أجمعين من كرمك وجودك ما يرضيهم وفوق الرضا، وأعد اللهم علينا من علومهم الظاهرة والباطنة، وبركاتهم وكراماتهم وبشراياتهم ما تجمع لنا به خيري الحياة و الوفاة وتقينا به شر الحياة والوفاة .