قدمّ، الأربعاء والخميس، المخرج أحمد رزاقن أخر إنتاجاته المسرحية "كشرودة" على خشبة المسرح الوطني "محي الدين بشطارزي" بحضور جمهور غفير، وهو العمل الذي جاء بعد "طرشاقة" التي حققت نجاحا مميزا في عروضها عبر مسارح الوطن. وعالجت "كشرودة" التي أنتجها مسرح "شوق أهراس "الجهوي" وضع الجزائر ومجتمعها في مرحلة ما بعد نهاية النفط من خلال قصة خيالية تتنبأ بطريقة ساخرة وكوميدية بنهاية البترول في الجزائر عام 2098 حسب ما ورد في ملخص العمل. وتجسد "كشرودة" عبر قصتها التي تدور حول عائلة مكونة من الأب والأم والجدّة والأبناء "كشرودة ومبروك"، تعيش فقرا مدقعا، ولم تجد ما تأكل، لا تتذكر طعم اللحم الحلالن تقرر بيع المنزل دون علم "كشرودة" من أجل أن تجري الأم التي تمتهن الخياطة عملية جراحية لتسترد بصرها وتواصل عملها لإعالة العائلة لفي ظل تسريح الإبن مبروك من العمل وطرد زوجته له وقراره السكن مع عائلته التي ترفض ذلك بل قررت بدورها هي الانتقال إلى العيش مع ابنها وزوجته لكن ما حدث أوقعهما في ورطة. وتحمل "كشرودة" عبر قصتها رسائل سياسية وإجتماعية واقتصادية من خلال تفشي البطالة، وتفشي البيروقراطية و"الحقرة" و"الرشوة" و"المحوسبية"، كما صورت الشعب مغلوب على أمره ويعيش واقعا مزريا في حال نفاد خيرات البلاد الطبيعية من بترول وغاز. وفي أزيد من ساعة ونصف رصد أحمد رزاق مصير مجتمع كان يظن أنّ النفط ثورة لا تفنى أبدان لكن ما حدث أو سيحدث هو العكسن حيث أصيب المجتمع المصغر في (العائلة) بصدمة عنيفة وذعر كبير لاسيما مع غياب مصادر دخل أخرى على غرار الفلاحة والزراعة وغيرها. وتمكنت الشخصيات المجسدة للقصة من إسقاط الفوضى التي تعيشها داخل البيت برفقة قابض الضرائب "زهير" والطبيب البيطري" الذي جاء لعلاج الوالدة "أمينة" على واقع الجزائر، حيث الإنهيار الاقتصادي وركود الحياة الاجتماعية والفقر المسيطر على الوضع. واعتمد المخرج في تقديم صورة الجزائر ما بعد البترول على خطابات مباشرة وسطحية بدلالات كبيرة تحملها الكلمات الشعبية البسيطة الموظفة منها اللاذعة والمتداولة في الشارع الجزائري صنعت تفاعل الجمهور معها، لكن تعبر بصدق عمّا يعيشه الجزائريون في ظل "التقشف" وانهيار أسعار النفط. وفي السياق جرى عرض "كشرودة" في ديكور بسيط يعكس حالة الفقر والتعاسة، وتؤثثه سيوغرافيا وقّعها مراد بوشهير الذي استعمل فيها قشّا رثان ومنزلا باليان ومقاعد خشبية قديمة وغيرها من العناصر التي تختزل واقعا مريرا سيكون حسب العمل أمرّ في المستقبل.