أصدر الملك المغربي محمد السادس بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لاعتلائه كرسي العرش المغربي عفوا ملكيا استفاد منه أكثر من ألف سجين من بينهم عدد من نشطاء حراك الريف المتواصلة مظاهراته منذ تسعة أشهر. وفضلت وزارة العدل المغربية في بيان أصدرته التكتم على عدد هؤلاء وهوياتهم واكتفت بالقول إن الأمر يخص المعتقلين الذين «لم يرتكبوا جرائم ولم يتورطوا في أعمال شغب خطيرة واعتبارا لظروفهم العائلية والإنسانية». ولكن مصادر حكومية مغربية لم تشأ الكشف عن هويتها، أكدت أن الأمر يخص حوالي 40 ناشطا فقط من أصل قرابة مائتي ناشط تم اعتقالهم منذ شهر ماي الماضي وأن ناصر الزفزافي القيادي المعروف في هذا الحراك مستثنى من قرار العفو الملكي. وإذا كان القرار لاقى استحسان المخزن فإن الكثير من متتبعي تطورات حراك الريف يطرحون تساؤلا حول ما إذا كان القرار سيلهب الحسيمة ومدن منطقة الريف الأخرى خاصة وأن من بقي طليقا من النشطاء يصرون على إطلاق سراح كل المعتقلين بدون استثناء بقناعة أنهم مسالمون ولم يقترفوا جرما يبرر اعتقالهم منذ نهاية شهر ماي وبدون أي محاكمة، أم أنه قرار سيكون له تأثير إيجابي لتهدئة النفوس ويقنع المتظاهرين بالعودة إلى منازلهم؟ وإذا كانت وزارة العدل المغربية فضلت التزام الصمت بخصوص أسماء المستفيدين من هذا العفو من النشطاء، فإن أحداث منطقة الريف فرضت نفسها بقوة في خطاب الملك محمد السادس حتى وإن لم يذكرها بالاسم وراح يلقي باللائمة على المسؤولين المحليين والمركزيين الذين اتهمهم بالتقاعس في التعاطي مع أعقد أزمة يواجهها منذ توليه مقاليد السلطة في المغرب قبل قرابة العقدين. وحاول الملك محمد السادس من خلال تلك الإيحاءات تنزيه نفسه من كل التجاوزات التي تعرض لها نشطاء حراك الريف، شأنه شأن قوات الأمن التي حيا دورها وقال إنها قامت بدورها في حماية الأمن العام. وهو موقف مغاير تماما لموقف سكان هذه المنطقة الذين اتهموا قوات الأمن باستعمال القوة المفرطة ضدهم وتعرضهم لحملة اعتقالات وتعسف نددت به أيضا مختلف المنظمات الحقوقية الدولية التي طالبت بتحقيقات لمعرفة المتسببين في الإصابات الخطيرة التي تعرض لها لمتظاهرون ومازال بعضهم يرقد بين الحياة والموت في عدد من مستشفيات مدن المنطقة وحتى بالعاصمة الرباط.