من قتل الرئيس ياسر عرفات؟ سؤال أعيد طرحه أمس عشية مرور الذكرى الرابعة لرحيل قائد الثورة الفلسطينية ورمز كفاح الشعب الفلسطيني ضد احد اكبر الأنظمة الاستيطانية التي عرفها العالم لما بعد الحرب العالمية الثانية. وأعاد ناصر القدوة احد اقرب المقربين من الرئيس الراحل طرح هذا الاستفهام ولكنه شدد التأكيد هذه المرة على أن يد جهاز الموساد الإسرائيلي كانت وراء عملية الاغتيال. وقال القدوة الذي يشرف حاليا على تسيير إدارة مؤسسة الرئيس عرفات أن كلما مر يوم إلا وصدرت تصريحات من هنا وهناك أكدت ذلك وبروز مؤشرات تؤكد أن الرئيس لم يمت بصورة طبيعية ولكنه تعرض لمحاولة اغتيال. وذهب القدوة إلى ابعد من ذلك عندما أكد بقوله إننا نسجل في كل يوم خطوة إضافية باتجاه تأكيد فرضية تسميمه. وقال القدوة في تصريحات ساخنة عشية إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال الرئيس الراحل أننا خلال سنة أو سنتين سنتعرف على نوعية السم الذي دس للرئيس الراحل والطريقة التي سمم بها" . ولكن المسؤول الفلسطيني السابق لم يعط أية توضيحات حول تمكن الموساد من الوصول إلى الرئيس الفلسطيني الراحل والطريقة التي تم تسميمه بها وخاصة وأنه بقي محاصرا طيلة اشهر ولم يكن إلا المقربون يتواصلون معه في سجنه. وشدد القدوة ابن أخت الرئيس الراحل التأكيد على أن إسرائيل تبقى المسؤول الأول على اغتيال عرفات ضمن خطة مسبوقة تم التحضير لها جيدا قصد التخلص من القيادة السياسية للشعب الفلسطيني. وأثار القدوة الذي اشتغل لعدة سنوات مع الرئيس الراحل هذه التساؤلات في وقت مازالت فيه الأسباب الحقيقية لوفاته غامضة بعد أربع سنوات عن رحيله في الحادي عشر نوفمبر من سنة 2004 رغم تأكيدات العديد من المسؤولين الفلسطينيين بأنه اغتيل بالسم وأن إدارة الاحتلال تورطت في هذه العملية الدنيئة. ورفضت مصالح المستشفى العسكري الفرنسي الذي نقل إليه الرئيس الراحل بعد تدهور حالته الصحية الكشف عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاته في نفس الوقت الذي التزمت فيه السلطة الفلسطينية صمتا كاملا رافضة الكشف عن مضمون التقرير الطبي الذي وضعه الأطباء المعالجون. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي " الحي الميت" ارييل شارون الذي دخل في غيبوبة اشهرا بعد رحيل الرئيس عرفات فرض حصارا عسكريا على الرئيس الراحل في إقامته الرئاسية بمدينة رام الله بعد أن رفض الرئيس عرفات الإذعان لضغوطه برفض عودة اللاجئين والحدود المفروضة ومصير القدس الشريف. ويحيي الفلسطينيون اليوم الذكرى الرابعة لرحيل الرئيس الرمز في أجواء من الحزن ولكن بطغيان سؤال تقاسمه الجميع: من قتل عرفات وهل مات مسموما ؟ وتجمع آلاف الفلسطينيين في ساحة المقاطعة ( الرئاسة الفلسطينية) بمدينة رام اللّه بالضفة الغربية والتي كانت آخر مكان يغادره عرفات إلى المستشفى الباريسي، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة هناك قبل أن يعود إليها ويدفن في ساحتها بحضور مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وبمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم الذين كانوا يرون فيه رمز كفاحهم ومنقذهم وملهم ثورتهم القادر على أن يحقق لهم حلمهم بإقامة الدولة الفلسطينية التي أعلن عن ميلادها في الجزائر قبل عقدين من الزمن في الخامس عشر من نوفمبر سنة 1988 . للتذكير فإن الساحة التي دفن فيها الرئيس الراحل أصبحت تذكارا وضريحا ومتحفا ومسجدا لتخليد ذكرى رجل تزوج القضية الفلسطينية وآمن بها ورفض كل المساومات والخذلان للتضحية بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني رغم قناعته أن ذلك سيكلفه حياته في يوم من الأيام. وصدق تكهنه في نهاية المطاف ولكنه رحل شهيدا ليبقى في الذاكرة الجماعية لكل الفلسطينيين بل والعرب جميعا لأن الشهداء لا يموتون.