طغت حالة الانقسام الداخلي التي تنخر الجسد الفلسطيني على أجواء اللقاء الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع سفارة دولة فلسطينبالجزائر بمقر جريدة المجاهد أمس بمناسبة إحياء الذكرى العشرين لإعلان الدولة الفلسطينية في ال15 نوفمبر 1988 والذكرى الرابعة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في ال11 نوفمبر 2004. وشكل اللقاء الذي حضره السفير الفلسطينيبالجزائر محمد الحوراني والأمين العام لحزب جبهة التحرير عبد العزيز بلخادم إلى جانب سفراء عرب ونواب جزائريين وممثلين عن المجتمع المدني الجزائري فرصة للتأكيد على أهمية وحدة الصف الفلسطيني في مثل هذا الظرف الذي تمر به القضية الفلسطينية التي لا تزال من دون تسوية منذ عقود. وذهب السفير الفلسطيني محمد الحوراني إلى تحميل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مسؤولية تعطيل حوار القاهرة الذي كان من المفترض أن ينطلق في التاسع من الشهر الجاري بالعاصمة المصرية بحضور مختلف الفصائل الفلسطينية لاحتواء الأزمة الداخلية التي طال أمدها. وقال الدبلوماسي الفلسطيني أنه يجب على حركة حماس أن تدرك مسؤولياتها وتبذل جهدا للموافقة على الورقة المصرية لتسوية الأزمة الداخلية الفلسطينية للشروع في حوار وطني جاد ينهي حالة الانقسام التي تنخر الجسد الفلسطيني منذ أزيد من عام. كما طالب قيادة حركة حماس بمراجعة مواقفها والعودة مجددا إلى طاولة الحوار من منطلق أنه يجب عليها الخضوع لمتطلبات استعادة وحدة الشعب الفلسطيني للتفرغ إلى القضية الأم وهي القضية الفلسطينية واستمرار الاحتلال الإسرائيلي. وهو الأمر الذي جعل السفير الفلسطيني يؤكد على أهمية الوحدة كشرط أساسي لإعطاء دفع قوي لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحقيق حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفي سياق تأكيده على تمسك حركة فتح بالحوار كسبيل وحيد لتسوية كل المشاكل العالقة في الساحة الفلسطينية قال محمد الحوراني أنه يجب على حركة حماس أن تدرك أن الأفضل للشعب الفلسطيني هو أن يلتحم في إطار واحد يمثله في المحافل الدولية في دعوة صريحة لحركة حماس للانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية. يذكر أن السلطات المصرية كانت قد قادت مساعي حثيثة من اجل حمل الفرقاء الفلسطينيين على الجلوس الى طاولة حوار واحدة، ولكن تلك المساعي اصطدمت في آخر لحظة باشتراط حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إطلاق معتقليها لدى السلطة الفلسطينية مقابل المشاركة في حوار القاهرة. من جهة أخرى أشاد السفير الفلسطيني بخصال الراحل ياسر عرفات وقال أن غيابه كان فادحا وشكل خسارة كبيرة للقضية الفلسطينية، لكنه اكد ان الشعب الفلسطيني لا يزال حيا ومتمسكا بكل حقوقه المشروعة. وكان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ولد في مدينة القدس الشريف في الرابع أوت سنة 1929 ووهب حياته من اجل التعريف بالقضية الفلسطينية وإيصال صوتها الى مختلف أنحاء العالم حيث أسس رفقة كوكبة من رموز كفاح الشعب الفلسطيني حركة التحرير الفلسطينية "فتح" لتكون صوت هذا الشعب في المحافل الدولية. وتوفي ياسر عرفات في ال11 نوفمبر 2004 بعد أن فرضت إدارة الاحتلال عليه حصارا بمقر إقامته بالضفة الغربية من دون أن يحقق حلمه في رؤية الدولة الفلسطينية المستقلة ودفن بمقر ساحة مقاطعة السلطة الفلسطينية بمدينة رام الله وهي أقرب مكان الى القدس الشريف استجابة لرغبته. وفي سياق الحديث عن الوضعية الحرجة التي يمر بها البيت الفلسطيني جراء استمرار حالة الانقسام الداخلي دعا الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم الذي حضر اللقاء بصفته وزيرا ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية كل الأطراف الفلسطينية إلى ترك خلافاتهم جانبا والالتفاف حول القضية الرئيسية من اجل تمكين الفلسطينيين من نيل حقوقهم المشروعة في الحرية والاستقلال. وضرب المسؤول الجزائري المثال بالثورة الجزائرية التي بنيت على قاعدة "لا يمكن أن نختلف قبل بلوغ الهدف وهو تحرير أرض الجزائر من المستعمر الغاشم" وهي الرسالة التي أراد بلخادم إيصالها للأشقاء الفلسطينيين بأن وحدة الصف تبقى السبيل لتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه طبقا للمثل القائل "ما ضاع حق وراءه طالب". وذكر بلخادم الذي أعلن عن احتضان الجزائر في الأيام القليلة المقبلة لقاء حول حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بموقف الجزائر الداعم والثابت لقضايا التحرر وتصفية الاستعمار في العالم. وقال أن أرض الجزائر ستبقى دائما داعمة للفلسطينيين من اجل تحقيق هدفهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وتم بالمناسبة عرض صور اللحظات التاريخية التي ميزت الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية في الجزائر في ال15 نوفمبر عام 1988 وكانت الجزائر أول دولة تعترف بالدولة الفتية على لسان وزيرها للخارجية آنذاك ورئيس المجلس الدستوري الحالي بوعلام بسايح.