وجّهت منظمة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش»، انتقادات حادة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي بسبب سياسة التهجير الممنهجة التي اعتمدتها في السنوات الأخيرة بهدف إخلاء مدينة القدس الشرقية من سكانها الأصليين من الفلسطينيين. وأدانت المنظمة غير الحكومية لجوء سلطات الاحتلال إلى إلغاء إقامات آلاف الفلسطينيين في الجزء الشرقي من المدينة المقدسة بهدف تهويدها ونزع الطابع العربي الإسلامي عنها. وأكدت «هيومن رايتس ووتش» أن إسرائيل انتهجت نظاما مزدوجا في القدس الشرقية حيث تفرض إجراءات شاقة وفي كثير من الأحيان مستحيلة على الفلسطينيين مقابل احتفاظهم بممتلكاتهم التي توارثوها أبا عن جد منذ مئات السنين، وتفرض قيودا لا متناهية على من يفقدها من أجل استعادتها. وفي منحنى بياني أعطت المنظمة الحقوقية الدولية صورة تقريبية لنتاج هذه السياسات الاستيطانية بعد أن عمدت منذ احتلالها لمدينة القدس الشرقية بعد حرب جوان 1967 وإلى غاية نهاية سنة 2016، إلى إلغاء قرارات الإقامة لقرابة 15 ألف فلسطيني في القدس الشرقية ضمن سياسة تهجير قسري غير معلنة، وتنفيذا لعمليات استيطان «ذكية» ودون إثارة الرأي العام العربي والدولي ضدها. وأضاف تقرير المنظمة أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفتعل الأساليب الشيطانية والذرائع الواهية لتبرير قراراتها كان آخرها حرمان فلسطينيين اثنين وذويهما من الإقامة في المدينة المقدسة بعد أن وجهت لهما تهمة مهاجمة مواطنين إسرائيليين عقابا لهما على فعلتهما وأرغمتهما بعدها على مغادرة مدينتهما، كما ألغت قرار الإقامة لثماني عائلات مقدسية بين شهري مارس وجويلية الماضي. وأكدت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة الحقوقية الأمريكية، أن حكومات الاحتلال تدّعي اعتبار مدينة القدس كمدينة موحدة ولكنها في الواقع تمارس تمييزا عنصريا بين المستوطنين اليهود والسكان الأصليين من الفلسطينيين من خلال استصدارها لقوانين تطبّق لصالح هؤلاء وأخرى لردع هؤلاء. ففي مقابل رفض تجديد الإقامة لمئات الفلسطينيين وهدم منازلهم والقيود المفروضة على البناء في المدينة وتقييد نمو السكان الفلسطينيين فقد تعمّدت تسهيل إجراءات منح عقود التوسع الاستيطاني وزيادة البناءات الاستيطانية للمتطرفين اليهود في القدس الشرقية المحتلّة. وفي أول رد فعل لها رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بتقرير منظمة «هيومن رايتس» الذي قالت إنها كشفت عمق نظام التمييز العنصري الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية التي تشجب الترحيل القسري للسكان مهما كانت دواعيه. وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن التقرير يعكس جزءا ضئيلا من حقيقة المعاناة والظلم والتمييز الواقع على المقدسيين منذ احتلال مدينتهم المقدسة، في نفس الوقت الذي تساءلت فيه أين المجتمع الدولي ومنظماته الأممية المختصة من تلك الحقائق الدامغة الصادرة عن منظمة مختصة بوزن «هيومن رايتس ووتش»، أين قادة الدول التي تدّعي الحرص على مبادئ حقوق الإنسان والشرعية الدولية من هذه الحقائق؟