ينظّم المجلس الأعلى للغة العربية ملتقى وطنيّا عنوانه «اللّغة العربية والترجمة» يومي الفاتح والثاني من نوفمبر المقبل بقاعة علي معاشي قصر المعارض، الصنوبر البحري بالجزائر العاصمة (على هامش المعرض الدولي للكتاب). وجاء في إشكالية الملتقى أن اللغة العربية تعرف في الوقت الراهن، تحديات كبيرة ورهانات كثيرة تتمثل في التأقّلم مع التحولات العميقة التي يعرفها العالم على مستوى الاقتصاد والمعرفة والتعليم وغيرها من مجالات الابتكار البشري، مما يستدعي الاستثمار في الرأسمال المعرفي، وتكوين الإطارات ذات الكفاءات العالية التي تتحكّم في المعارف الجديدة وفي اللغات الأجنبية. وفي هذا السّياق تلعب الترجمة دورا أساسيا، باعتبارها وسيلة من الوسائل الهامة في نقل تلك المعارف من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية. كما أن الترجمة بصفتها انفتاحا على الثقافات الأخرى ونقلا لمعارفها وثقافاتها، ليست غريبة عن ثقافتنا وحضارتنا العربية والإسلامية، إذ بفضل «بيت الحكمة» و»مدرسة طليطلة للمترجمين» وغيرهما من المؤسّسات التي تمّ إنشاؤها في العصور الذهبية للحضارة الإسلامية، اكتسب العرب العلوم والمعارف التي تمّ إنتاجها في الإغريق والهند وفي بلاد فارس. وقد تٌرجمت آنذاك هذه المعارف إلى اللغة العربية، واستفاد منها الغربيون وطوّروها بالتأسيس لعدة حركات فكرية ارتبطت بعصر النهضة وبالعصور الحديثة، وكوّنوا لأنفسهم أسباب القوة الصناعية والعسكرية، وبالتالي هيمنوا على العالم العربي والإسلامي، الذي عرف تقهقرا وضعفا في عدة مجالات. وقد حاولت حركة النهضة في القرن التاسع عشر بعث حركة الترجمة في بعض البلدان العربية، لكن لم يُكتب لهذه الحركة تحقيق كلّ أهدافها لأسباب متعددة، منها الاحتلال الغربي للعديد من الدول العربية بسبب هيمنة اللّغات الأوروبية، وتعميق الفجوة بين اللغات الغربية واللغات المحلّية، ومنها اللغة العربية. وفي ميدان الترجمة تضافرت عوامل متعددة، لكي يعرف هذا النشاط المعرفي مستوى كبيرا من الضعف وعدم الاهتمام في العالم العربي. وفي حقل الترجمة تواجه الجزائر تحديات ورهانات كبيرة ترتبط بالتنمية الاقتصادية، وهذا بالرغم من كل المجهودات الذي بذلتها وتبذلها الدولة في ميدان التكوين الأكاديمي للمترجمين وفي تأسيس أقسام الترجمة ومدارس الدكتوراه التي تعنى بهذا التخصص، وفي تحرير حقل نشر الكتب التي لها دور كبير في تنشيط الحركة الترجمية، إلاّ أنّ هناك العديد من النقائص التي لا بد من تجاوزها. وضمن هذا التوجه ينظم المجلس الأعلى للغة العربية هذا الملتقى الوطني الموسوم (اللغة العربية والترجمة) لمعالجة وضع الترجمة ببلادنا، ودراسة مختلف السبل للنهوض بهذا النشاط. بالمقابل، يضم الملتقى المحاور الآتية: أهميّة الترجمة من وإلى اللغة العربية، دور الترجمة في تعزيز وإثراء الثقافة الوطنية، تجربة الجزائر في مجال الترجمة، تاريخ الترجمة في العالم العربي والترجمة إلى اللغة العربية والمعاجم، ومشكل المصطلح بين التعريب و الترجمة، والترجمة والتنمية اللّغوية والترجمة والازدهار اللّغوي، فيما عُين الأستاذ الدكتور صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، الرئيس الشرفي للملتقى، في حين سيكون الأستاذ الدكتور عبد الحميد بورايو رئيسا للجنة العلمية، أما باقي أعضاء اللجنة فهم: أ.د مفيدة بلهامل، أ.د أحمد قسوم، أ.د الحبيب مونسي، الأستاذ عبد الكريم شريفي، أ.د محمد أوسكورت، أ.د محمد داود، الأستاذ محمد ساري وأ.د عبد القادر بوزيدة. وتتشكل اللجنة المنظمة من المنسق الأستاذ عبد الرزاق بلغيث وآخرين، من بينهم أعضاء من اللجنة العلمية، بالإضافة إلى المترجم حاج أحمد بلعباس والمترجمة رائدة بوربابة. وحُدد تاريخ آخر أجل لاستقبال الملخصات ب 30 سبتمبر المقبل، في حين سيتم إبلاغ المعنيين بالقبول في الثالث من أكتوبر. أما إرسال المداخلات المقبولة فسيكون في 15 أكتوبر.