شكلت إشكالية "ترجمة النص المتخصص" محور يوم دراسي وطني احتضنته كلية الآداب واللغات بجامعة وهران ونظمه "مخبر الأنساق، البنيات، النماذج والممارسات" وعرف مشاركة أزيد من 30 باحثا وأستاذا قدموا من مختلف جامعات الوطن. وجاءت هذه الندوة حسب المنظمين لمناقشة أهم الإشكاليات التي طرحتها الفجوة بين النظرية والتطبيق في مجال الترجمة، والتعريف بأحدث نظريات الترجمة، واستثمار ما توصلت إليه العلوم الأخرى لتطبيقها على الظاهرة الترجمية، كما تطرق المشاركون إلى تشخيص أهم الصعوبات التي يواجهها المترجم أثناء اشتغاله على النصوص المتخصصة، الأدبية منها والعامة. وأوضح الأستاذ الزاوي عبد الرحمان، رئيس اللجنة العلمية المنظمة للفعالية أن الدراسات الترجمية التي احتلت مكانة مركزية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي، جعلت الظاهرة الترجمية في مقدمة انشغالات الباحثين في علوم اللغة وفي العلوم الأخرى، ناهيك عن اعتبارها الجسر الذي يمد أواصر مختلف التخصصات العلمية، فمنهم من درسها من منطلق هيرومنطقي فلسفي، ومنهم من ركز على الجانب اللغوي المحض، ومنهم من انكب على دراسة الجانب المعلوماتي والتقني، وبالرغم من وفرة النظريات التي حاولت إنارة الطريق للمترجم لسبر أغوار النص، وإخراجه من العتمة إلى الوضوح، إلا أن الإشكالية الأساسية لازالت مطروحة ليطرح سؤال جوهري "كيف يمكن لمختلف هذه النظريات أن تساعد المترجم إبان اشتغاله على النص موضوع الترجمة؟"، بعبارة أخرى "كيف يمكن استثمار مختلف هذه النظريات في العملية الترجمية؟". وتم خلال الملتقى التعريف بالترجمة مع ذكر أهم خصائصها، مع كيفية تطبيق تقنيات الترجمة في نص متخصص، إلى جانب نظريات الترجمة في ترجمة النص المتخصص وتعليمية الترجمة المتخصصة، حيث تناول الأستاذ الدكتور عبد الكاظم العبودي، المختص في الفيزياء الحيوية والإشعاعات النووية موضوعا حول "متاهات التأويل الاصطلاحي في الترجمة العلمية الفيزياء الحيوية نموذجا-"، وتعرضت الدكتورة فاطمة حمدي، من المركز الجامعي "الحاج موسى أخاموخ" بولاية تمنراست بالدراسة والتحليل لبعض من "آليات صناعة المصطلح العلمي وتوليده في اللغة العربية"، معتمدة أساسا على بعض القواميس المؤسسة للغة العربية على غرار "لسان العرب" لابن منظور. وعن الترجمة الإعلامية، تحدثت الأستاذة ريمة كمال من جامعة ميلة في مداخلة بعنوان "تقنيات ترجمة العناوين الصحفية من اللغة الانجليزية إلى العربية "وكالة أنباء رويترز "نموذجا". كما كان للترجمة الآلية نصيب من اليوم الدراسي، حيث تطرقت الأستاذة عبد الباقي زهرة، من جامعة الشلف في مداخلتها إلى "الترجمة الآلية والترجمة الآلية بمساعدة الكمبيوتر"، فيما تناول الأستاذ عالم أحمد، من جامعة تلمسان "المحيط الإعلامي الآلي للمترجم". كما استعرضت مداخلة الأستاذة سناء الزاوي من كلية العلوم الاجتماعية بجامعة وهران "الاقتباس والترجمة في النص المسرحي"، حالة النصوص الواردة للجنة القراءة بالمسرح الجهوي لوهران، التي كانت النموذج الذي اشتغلت عليه بالقرائن، مشيرة إلى تلك المقاربة بين النص المسرحي الأصلي والنص المترجم أو المقتبس، معتبرة أن النص المسرحي المقتبس عن النص الأصلي يمر بقناة الترجمة ومن ثم الاقتباس ليكون مطابقا لبعض المعايير الاجتماعية والبيئية، فهو يخضع بذلك لعملية تحوير وتكييف. للإشارة، المبادرة تعد الثالثة من نوعها، حيث سبق للمخبر أن نشط أياما دراسية على مستوى مقره في إشكالية الترجمة بين التطبيق والتنظير، وكذا إحياء ذكرى روح فقيد جامعة وهران، الكاتب والصحفي والناقد، بختي بن عودة بالتعاون مع المسرح الجهوي "عبد القادر علولة" بوهران.