تتواصل سلسلة الاستقالات أو الإقالات التي يشهدها البيت الأبيض منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم شهر جانفي الماضي في مؤشر واضح عن حالة الاضطراب التي تتخبط فيها الإدارة الأمريكية الحالية. ففي ظرف ثمانية أشهر، عرف البيت الأبيض بين إقالة واستقالة مغادرة تسعة مسؤولين كبار من بينهم من هو معترض على حكم ترامب ومنهم من لم يتوافق مع فكره أو اضطر مرغما لترك منصبه، آخرهم ستيف بانون كبير المستشارين الاستراتيجيين للرئيس الأمريكي الذي أقيل أول أمس من منصبه. وبينما شكر الرئيس الأمريكي في تغريدة له أمس، عبّر موقع التوتير مستشاره المقال على خدماته خاصة خلال الحملة الانتخابية التي قادها أمام منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، اكتفى البيت الأبيض بالإعلان عن رحيل بانون دون تقديم أي تفاصيل إضافية. وقال مصدر من البيت الأبيض إن بانون «طُلب منه الاستقالة لكنه رفض فتمت إقالته». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» وصفته سابقا بأنه «الرئيس بانون» واعتبرته المتحكم الأول والأخير في سياسات البيت الأبيض. وأضافت أن بانون لا يعتبر نفسه مستشارًا للرئيس ترامب فقط، بل يتصرف كما لو كان الرئيس الفعلي للولايات المتحدة. وتأتي إقالة ستيف بانون البالغ 63 عاما والمثير للجدل لتؤكد حالة الارتباك التي تعاني منها إدارة ترامب التي تواجه حالة طوارئ بسبب المظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها الشوارع الأمريكية منذ تولي ترامب الرئاسة والتي عادة ما تؤججها تصريحاته أو تصرفاته سواء في الداخل أو الخارج. ويبدو أن أحداث العنف التي شهدتها ولاية فرجينيا مؤخرا، التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في حادث دهس خلال تظاهرة ضد العنصرية والتطورات مع كوريا الشمالية قد زادت من محاصرة رئيس يقود إدارة تتواجد في وضع لا يسر. وزادت من متاعب ترامب الذي بدأ عهدته الرئاسية باتهامات بالاستفادة من تدخل روسي خلال حملته الانتخابية لتمكينه من الفوز على منافسته كلينتون. وأطاحت قضية التدخلات الروسية في الانتخابات بأول سكرتير لمجلس الأمن القومي في إدارة ترامب، ودفعت دوائر اليمين القومي المحيطة بالرئيس إلى إقالة الجنرال ماكماستر الذي تولى مجلس الأمن القومي بعد استقالة مايكل فالين، وبعد أن كان الرئيس في بداية عهدته لا يتوقف عن مدح جيمس كومي مدير «الإف بي أي» فاجأ الجميع بإقالة هذا الأخير. ولكن هاجس قضية التدخل الروسي في الانتخابات ليس الوحيد الذي يثقل كاهل رئاسة ترامب، حيث كان الاعتقاد السائد في الأسابيع الأولى لتوليه السلطة أنه يعاني من عوارض عدم الخبرة كونه لم يسبق أن تولى منصبا تشريعيا أو تنفيذيا ولم تتح له قبل فوزه في الانتخابات التعرف على آلية عمل الدولة الأمريكية. لكن بعد مرور أكثر من نصف العام على ولايته، تبدو مشكلة الرئيس الأمريكي أكبر بكثير من عدم الخبرة كونه كما يقول المتتبعون يستخدم لغة لا تليق برئيس الولاياتالمتحدة ويتخذ قرارات يراها البعض تفتقد للخبرة والحنكة السياسية ويصفونها بالارتجالية. للإشارة، فإن بانون يعد تاسع الراحلين عن البيت الأبيض منذ شهر جانفي الماضي بعد كل من سالي ييتس التي فصلت من منصبها كقائمة بأعمال وزير العدل في 30 جانفي بعدما وجهت محامين في وزارة العدل إلى عدم الدفاع عن أول أمر تنفيذي أصدره ترامب بخصوص منع مواطني سبع دول أغلبها إسلامية من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية. واستقال مايكل فالين من منصبه كمستشار للأمن القومي الأمريكي للرئيس ترامب بعد أيام عصيبة من التحقيق في قضية التدخل الروسي. كما استقال أيضا كل من مايكل دوبك مدير الاتصالات بالبيت الأبيض ورينس بريبوس كبير الموظفين للبيت الأبيض. أما بريت بهارارا مدعي نيويورك فقد أقيل من منصبه بعد رفضه طلب وزارة العدل تقديم استقالته مع 45 مدعيا آخر. وأقيل أيضا كل من جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفدرالية على خلفية التحقيقات في قضية التدخل الروسي وانطوني سكاراموتشي بعد أيام قليلة من تعيينه كمدير للاتصالات.