يرتبط موسم الصيف بالحرارة؛ ما يدفع بالعائلات إلى البحث عن أماكن للتسلية والراحة، على اعتبار أن الفترة لها صلة وثيقة برغبات الناس في تنويع الأذواق؛ إذ لم تخرج العائلات الباتينية عن هذا المسعى، باحثة هي الأخرى عن التنوع في إرضاء رغباتها في ظل الفرص المتاحة للترويح عن النفس، والتي تعززت بها الولاية، فضلا عما تزخر به من معالم تاريخية وسياحية تبقى في حاجة ماسة إلى تثمين. وتُعد الشواهد المادية التي تزخر بها ولاية باتنة والمتمثلة في الآثار التي تعود إلى عدة حقب تاريخية، رمزا لهيبة وشخصية أهل المنطقة، لما تحمله من دلالات ترسخت الماضي ومازالت إلى اليوم، فالمواطن الباتني بإمكانه الاستمتاع بقيمة هذه الكنوز الأثرية، التي تزخر بها ولاية باتنة، والتي تتوفر أيضا على مناطق سياحية، لو استُغلت أحسن استغلال لحوّلتها إلى قطب سياحي بامتياز؛ فالجهود منكبة على تطوير السياحة وعصرنتها، وذلك من خلال تخصيص غلاف مالي يقدَّر ب 40 مليون دج لإنشاء وإعادة تأهيل 04 مسالك سياحية عبر الولاية، وذلك على مستوى وادي الشعبة، سعيدة بنقاوس، شابورة بكيمل والمحمل بثنية العابد. فالواقع السياحي الحالي يشير، استنادا إلى تقارير المجالس المنتخبة، إلى أن قدرات الاستيعاب الحالية التي تصل إلى 776 سريرا لا تلبي الطلب السياحي المتزايد على المنطقة بعد تحسن الوضع بالمنطقة. وكان ملف الاستثمار السياحي وآفاق تطويره وعصرنته، فُتح للنقاش في العديد من المناسبات خلال زيارات سابقة لمسؤولي وسفراء بعض الدول الأوروبية بالجزائر. والواضح في الشأن المحلي أن عوائق بعث السياحة بالأوراس تُطرح بشكل ملفت لعدة اعتبارات؛ بدءا برحلة البحث عمن يخدم السائح، إلى توفير المرافق وعصرنتها وفق متطلبات العولمة والتطور الحاصل في الميدان، لأن مشكلة الثقافة السياحية مطروحة، ويبقى الرهان على فرص الاستثمار التي وفرتها السلطات المحلية للقطاع الخاص؛ إذ إن الاستثمار بولاية باتنة من بين الملفات التي أولتها السلطات المحلية أهمية بالغة خلال السنوات الأخيرة، حيث أضحى من ضمن الأولويات، لاسيما في ظل المشاكل التي شهدها القطاع بفعل بيروقراطية الإدارة التي كانت بمثابة مانع أعاق نشاط المستثمرين وحال دون تجسيد مشاريعهم. ومقارنة بوقت سابق، يجد الباتنيون هذه الصائفة متعة حقيقية في وجود مرافق سياحية ولو على قلّتها، وأمكنة للتسلية أفرغت ممرات بن بولعيد من محتواها، والتي ظلت المتنفس الوحيد للعائلات طيلة الصيف، خاصة تلك الفئات المحدودة التي يتعذر عليها الاستمتاع بفرص المخيمات الصيفية والتنقل إلى السواحل الجزائرية؛ إذ أصبحت العائلات تجد ملاذها بحديقة التسلية بجرمة وحديقة الحروف بحي الاخضرار والمركّب الثقافي الرياضي بكشيدة. وفي هذا السياق، سطرت مديرية الشبيبة لولاية باتنة برنامجا ثريا يتضمن في محتواه، تحديد ميولات وتلبية رغبات أفراد المجتمع في المجال الثقافي والرياضي. ويُعد البرنامج فرصة رائعة لكل أفراد العائلة للخروج والتمتع بنشاطاته التثقيفية والترفيهية. ويشغل مساحة مهمة في انشغالات العائلات. حيث انطلق تنفيذ البرنامج الصيفي بعد عيد الفطر المباشرة، إلى جانب جهود بعض الجمعيات النشطة التي عملت على أن تتحول المدينة إلى مهرجان ثقافي ورياضي لا ينقطع، ويتنوع بتنوع فصول السنة في أجواء المهرجانات الثقافية والرياضية التي تشكل حدثاً ظل منتظراً على جدول الفعاليات المتزايدة باستمرار، خصوصا في هذه الصائغة التي تقاطعت فيها السهرات الرمضانية بفضل برنامج دار الثقافة والمسرح الجهوي، مع الحدث السنوي لمهرجان تيمقاد الدولي في طبعته 39 الذي انطلق في 6 جويلية إلى غاية 13 من نفس الشهر. وأخذت البرامج المقترحة في الحسبان عدة أنشطة فنية وثقافية متواصلة للشباب طيلة فصل الصيف؛ تنشيطا لأحياء مدينة باتنة، مع تنظيم زيارات ميدانية للشباب إلى المواقع السياحية والتاريخية، إضافة إلى أنشطة رياضية وثقافية، وسهرات فنية بالقطب الثقافي الرياضي في شكل حفلات نشطتها كوكبة من نجوم الأغنية الجزائرية ووجوه فنية من المنطقة. ولم يعد هناك ما يبرر تجارب فاشلة في احتواء الفعل الثقافي والرياضي، في وجود كل أسباب نجاح التظاهرة المقامة هذه الصائفة؛ من مؤسسات ثقافية وساحات عمومية، فضلا عن حدائق التسلية بجرمة وفسديس، وهو ما ساهم في إثرائها في فترة الصيف وتمديد الموسم الثقافي الرياضي إلى تطلعات القائمين على هذا النشاط، فضلا عن فضاء سياحي للتسلية بقرية حملة، وموقع غوفي الذي يستقطب زيارات سياحية، كما جرت العادة. حديقة «لامبي بارك» للتسلية بباتنة.. فضاء ترويحي بامتياز في ظرف سنوات قليل تبوأت حديقة التسلية والترفيه «لامبي بارك» الواقعة على بعد 20 كلم شمال عن مدينة باتنة، مكانة خاصة، إذ أصبحت قبلة العائلات الباتنية والزوار القادمين من الولايات المجاورة، خاصة في شهر رمضان المبارك، مستقطبة أزيد من 4 آلاف زائر يوميا؛ حيث تتوفر على خمسة مسابح وسبعة ملاعب مطاطية مائية، وتوفر أجواء الراحة والتسلية خاصة منها تلك المزالق المائية المثيرة. كما تضم حديقة ‘'لامبي بارك» العائلية التي افتتحت في شهر جوان 2008، ما يناهز 24 لعبة ووسيلة ترفيه للأطفال والكبار، منها الترامبولين «المرجحات» والألعاب المنفوخة وغيرها، موزعة على وسط طبيعي ملائم يتربع على 22 هكتارا من الأراضي المؤجرة لدى بلدية جرمة. ويسهر القائمون عليها على ضمان الراحة وتوفير كل الخدمات الضرورية للزوار؛ من مواقف للسيارات ومطاعم ومحلات «البيتزا». المنتزه السياحي بحملة متنفس طبيعي يتواجد هذا المنتزه السياحي بالمكان المسمى أمقر أغزران بأعالي «كوندورسي» بباتنة، وهو مشروع سياحي ضخم، حسب مالكه السيد العابدي لمنور، الذي يراهن على عملية توسيعه، والتي ستكلف، حسب المتحدث، 25 مليار سنتيم، لتوفير كل متطلبات الراحة للزبائن، وفي مقدمتها تزويد المنتزه بالطاقة الكهربائية. ويعرف هذا المنتزه إقبالا كبيرا للعائلات منذ بداية الصيف بعد استتباب الأمن بالمنطقة، ويتوفر على فضاءات كبيرة للتنزه والراحة، كما يوفر الخدمات لزواره من إطعام ومواقف آمنة للسيارات. ويمتد هذا المنتزه على مساحات مهمة مترامية وسط تضاريس طبيعية غنية بثروتها النباتية والحيوانية، وفي مقدمتها أشجار الأرز الباسقة، والتي تتوفر على شتى الإمكانات والوسائل التي تساعد على جلب واستقطاب اهتمام هواة الطبيعة وخاصة المرتفعات. ويشكل هذا الموقع السحري منطقة عذراء لم تعبث بها يد بشر، حيث تبدو أشجار الأرز الأطلسي والبلوط الأخضر وبعض أنواع الأشجار الأخرى كالقيقباء والنباتات والأزهار وغيرها، وكأنها تعيش إلى حد الآن في هدنة مع الإنسان. وما يشد الانتباه بهذا الفضاء السياحي طاولات الشواء الطازج وكل المستلزمات التي تحتاجها العائلات هناك من وسائل للراحة والأمن وغيرهما، حيث تتجلى مظاهر الفرحة والابتهاج للزوار. إلى جانب ذلك تتواجد بالمنطقة غابات مجاورة لهذا الفضاء المخصص للعائلات، زادت المنتزه بهاء، والتي تشكل بقراها ومشاتيها الجبلية وينابيعها المائية المتدفقة هي الأخرى، واجهة متقدمة للسياحة الجبلية، حيث يستمتع الزائر بما أبدع فيها الخالق من مناظر طبيعية خلابة وجبال وكهوف ووديان يمتد فيها البصر بعيدا، فضلا عن ينابيع مائية تنافس قارورات المياه المعدنية في لذتها، والتي تستهوي الكثير من المواطنين ممن يريدون التنويع في مذاق وعذوبة المياه، ما يدفعهم إلى القيام بجولات في مختلف المناطق الجبلية؛ بحثا عن منابع جديدة تتدفق منها مياه أكثر برودة وعذوبة. حديقة التسلية قادري بفسديس فضاء يستهوي العائلات الباتنية تشهد حديقة التسلية قادري بفسديس بباتنة، خلال فصل الصيف، انتعاشا سياحيا، حيث عرفت إقبالا منقطع النظير خلال شهر رمضان الماضي وأيام الحر التي شهدتها المنطقة هذا الصيف. ويجد زوارها من الولاية وخارجها بالولايات الشرقية المجاورة وولايات الجنوب من العائلات من ذوي الدخل الضعيف والمتوسط، كل التسهيلات والأجواء الملائمة للترويح عن النفس، علما أن أبوابها مفتوحة على مدار السنة لكل العائلات. وكانت هذه الحديقة التي تتربع على 15 هكتارا، قد سجلت ما يزيد عن 5000 زائر يوميا جاءوا من مناطق مختلفة للاستمتاع بهذا الصرح السياحي الذي تدعمت به الولاية وروعيت في إنجازه المواصفات العالمية؛ إذ تتوفر على مطعم وفندق بسعة 70 سريرا، إضافة إلى موقف سيارات محروس من قبل عون أمن ليلا نهارا على مساحة تفوق الهكتار، إلى جانب ذلك فإنها تضمن خدماتها للأطفال الصغار من خلال فضاءات اللعب والتسلية. ويسهم دورها في بعث الحركة السياحية بالمنطقة على غرار المرافق التي تدعمت بها الولاية خلال السنوات الثلاث الماضية، وحديقة أخرى للتسلية في بلدية جرمة، والقطب الثقافي الرياضي بحي كشيدة، استطاعت هي الأخرى التنفيس عن مواطني الولاية وزوارها من الولايات المجاورة وحتى المهاجرين هذه الصائفة، الذين انبهروا بالخدمات المقدمة. وحسب مسيرها مالكها السيد قادري ساعد، فإن مشروع إقامة هذا المرفق السياحي أُنجز في ظرف قياسي تبعا لمتطلبات الراهن السياحي بالمنطقة بالنظر إلى ما تزخر به الولاية ككل من معالم سياحية وأثرية، واستجابة لانشغال المواطنين خاصة ذوي الدخل الضعيف والفئات المتوسطة للرد على طلباتهم في فصل الحر بصفة أخص، ولضمان استمرارية نشاط الحديقة. أضاف المتحدث أن أشغالا أخرى سيُشرع فيها لاحقا باستغلال أزيد من 09 هكتارات أخرى. كما يطمح صاحب الحديقة لتوسيع فضاءات اللعب للأطفال بتثبيت ألعاب أخرى على غرار ألعاب السيارات والأخطبوط والطائرات وفضاءات التزحلق والعجلة الكبرى؛ إذ حسب المتحدث، فإن الأسعار لم تخرج عن كونها رمزية، مع الإشارة إلى أن الفئات المحرومة والمعاقين يستفيدون من خدماتها مجانا طوال السنة. إلى جانب ذلك، تنظم سهرات طوال الشهر يحييها فنانون من المنطقة. ولضمان وقت مريح بهذا المرفق السياحي بدون مخاطر في مناخ طبيعي صحي، تم خلال السنوات الأخيرة غرس أكثر من 2000 شجرة زيادة على تلك المتوفرة. وقد نوّه «قادري» بضرورة الاستثمار في هذا المجال لتطوير السياحة في الولاية، لكن مع مراعاة التجديد في الأفكار والتقنيات المستخدمة لضمان وصول الرسالة وتعميم الفائدة، والتركيز على تذليل العقبات والعراقيل؛ كإشكال النقل الذي توفره الحديقة مجانا لضمان نقل المواطنين عبر أحياء باتنة من وإلى الحديقة. وأكدت بعض العائلات ممن التقتهم «المساء» أن قضاء السهرات في هذه الحديقة أفضل بكثير من المكوث بالبيت؛ كونها تتمتع بسحر خاص بها، ساهم في ترسيخ تقاليد جديدة لبعث السياحة بالمنطقة.