شدّد رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال أمس، على ضرورة تطوير الأداء والتنظيم ومراجعة التشريعات المتعلقة بالعملية الانتخابية، مع توسيع مجال التكوين إلى كافة المتدخلين للتوصل إلى توحيد فهم جميع الشركاء حول معايير الشفافية والحياد. وإذ جدد بالمناسبة حرص الهيئة بمناسبة الانتخابات المحلية القادمة، على القيام بواجبها الدستوري في حماية صوت المواطن من أجل تكريس حرية الاختيار التي تعتبر حسبه الطريق الأسلم نحو انتخابات شفافة ونظيفة، تفضي إلى بناء ديمقراطية ضامنة للاستقرار السياسي، دعا دربال الأحزاب السياسية إلى تفعيل دورها الرقابي خلال الانتخابات، مسجلا بأسف عدم تجاوز نسبة رقابتها للتشريعيات الماضية 29 بالمائة. وذكر السيد دربال خلال إشرافه على افتتاح الدورة الثانية العادية لمجلس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بفندق الأوراسي بالعاصمة، أن التجربة الأولى التي خاضتها الهيئة بمناسبة الانتخابات التشريعية للرابع ماي الماضي، كشفت لها جسامة المسؤولية الوطنية والتاريخية الموكلة لها، مع تسجيلها لبعض الملاحظات التي ينبغي حسبه أخذها بعين الاعتبار لبلوغ الأهداف المرجوة من الهيئة ومن تكريس المعايير المطلوب توفرها لإنجاح العملية الانتخابية، لافتا في هذا الصدد إلى ضرورة تطوير الأداء والتنظيم ومراجعة التشريعيات والقيام بمهمة التكوين ومواصلة الحوار المستمر مع الشركاء المعنيين بالانتخابات. في سياق متصل، ذكر المتحدث بأنه سبق للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات أن أشارت إلى ضرورة إعادة النظر في أمور عديدة على مستوى التنظيم، كمراجعة النصوص التنظيمية وطريقة هيكلة الإشراف على مراكز ومكاتب الاقتراع والتدقيق أكثر في اختيار الأشخاص المسخرين لذلك، مع التكفل بتطوير أدائهم وتكوينهم. كما دعا في نفس الصدد إلى إعادة النظر في كيفيات اختيار وتأهيل الموظفين المحليين الموكل لهم الإشراف على الانتخابات، من أجل آداء منسجم وواضح وموحد، مبرزا من جانب آخر أهمية التكوين لتوحيد الفهم والتصور وتوحيد تفسير النصوص وتطبيقها على أرض الواقع. في حين اعتبر رقابة العمليات الانتخابية «ليست فسحة، بل هي عمل سياسي يعتمد على قواعد وإجراءات لا تشمل يوم الانتخاب فقط، بل تسبقه وتزامنه وتتعداه، أكد السيد دربال بأن مراقبة الانتخابات وحماية صوت الناخبين هي واجب ومسؤولية تقع على كل الشركاء في العملية الانتخابية، بما فيها الأحزاب السياسية المدعوة لتفعيل دورها في هذا المجال ورفع مستوى تواجدها في مكاتب الاقتراع، مسجلا بأسف بأن نسبة تواجد هذه الأحزاب في إطار مراقبة الاقتراع المتعلق بالتشريعيات الأخيرة لم يتعد 29 بالمائة. الأعضاء مطالبون بالتواجد اليومي وتعيين مقرر في كل مداومة ومن ضمن التدابير التي من شأنها تحسين آداء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات وزيادة فعاليتها في المواعيد الانتخابية القادمة، ذكر رئيسها بضرورة التواجد اليومي ومتابعة كل الأعمال والمهام محليا، من خلال المداومات الولائية، فضلا عن تعيين مقرر على مستوى كل مداومة، بهدف تسجيل كل المجريات في الوقت المناسب وبالكيفية المطلوبة التي تزيد الهيئة حسبه منعة ومصداقية. دربال الذي اعترف بعدم قدرة الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لحد اليوم من توفير جميع مستلزمات العمل من الناحية اللوجيستية، جدد في المقابل عزمها على الاستمرار والإبقاء على نفس الروح من الحياد والجدية والتضامن والتضحية، مشيرا إلى أن موعد الانتخابات المحلية القادم، يتطلب بذل جهود أكبر ومتابعة ميدانية دائمة وإمكانيات كبيرة وجاهزية عالية على المستوى الوطني. كما أكد في نفس الصدد حرص الهيئة العليا على قيامها بواجبها الدستوري في حماية صوت المواطن من أجل تكريس حرية الاختيار وسلامة الخيار، معتبرا ذلك الطريق الأسلم نحو انتخابات شفافة ونظيفة، تفضي إلى بناء «ديمقراطية قوامها احترام صوت المواطن ورأيه وموقفه، وهي في تقديرنا ضمانة من أهم ضمانات الاستقرار السياسي في بلادنا». وبعد أن أشاد بالجهود التي بذلها أعضاء الهيئة في التشريعيات الأخيرة، أوضح دربال أن التجربة المكتسبة جعلت من الهيئة «أكثر قدرة على التعامل مع الأحداث طيلة العملية الانتخابية، مشيرا إلى أنه تمت «معالجة قانونية وفورية ل570 إخطارا وصل الهيئة يوم الاقتراع فقط، منها 38 إخطارا تم رفعها إلى النائب العام. تقرير بعثة الاتحاد الأوروبي ليس «سوداويا» كما فند رئيس الهيئة العليا ما تم الترويج له بشأن صياغة وفد الملاحظين التابعين للاتحاد الأوروبي لتقرير «أسود» حول الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشيرا إلى أن تقرير الاتحاد الأوروبي الذي تحصلت عليه الهيئة وفق طرق غير رسمية، خلافا لتقريري مبعوثي هيئة الأممالمتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، تضمن ملاحظات موضوعية، تصب في مجملها حول ضرورة ترقية آداء الهيئة وإسهام أكبر للمجتمع المدني في مجال التحسيس والتوعية في أوساط فئات الشعب بأهمية العملية الانتخابية، من أجل كسب مشاركة أكبر في مثل هذه المواعيد المكرسة للديمقراطية. وفي تصريحه للصحافة على هامش الاجتماع، اعترف السيد دربال بأن الوقت لا يسمح بتغيير كل التدابير وإدخال تعديلات كثيرة على الإطار التنظيمي والتشريعي للعملية الانتخابية، كما اعتبر الإمكانيات المتاحة والميزانية الممنوحة للهيئة لازالت غير كافية، نوه في المقابل بالتجاوب السريع والإيجابي لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية لمقترحات الهيئة، لاسيما تلك المتعلقة بإدخال تحسينات على الإطار التنظيمي للعملية الانتخابية، لافتا في هذا الصدد إلى أنه من ضمن التحسينات التي سيتم اعتمادها في المحليات القادمة، اعتماد استمارات مختلفة لجمع التوقيعات من قبل الأحزاب السياسية والقوائم الحرة، والتخلي عن الاستمارة الموحدة، تفاديا لظاهرة بيعها مثلما تم تسجيله في الانتخابات الماضية. من جهته، كشف نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، موسى يعقوب أن اللجنة الدائمة للهيئة أعدت مذكرتين حول الفرق الكامن بين الإخطار والإشعار، وكذا أدوات ممارسة العمل الرقابي في العملية الانتخابية، معلنا عن برمجة الهيئة لأربع ندوات تكوينية جهوية لفائدة أعضائها، تنظم الندوتين الأوليتين في 10 سبتمبر المقبل بمستغانم وسكيكدة، بينما تنظم الندوتين الأخريين في 13 سبتمبر المقبل بالجزائر والوادي.