يعرض الوزير الأول، أحمد أويحيى، اليوم، مخطط عمل الحكومة أمام أعضاء مجلس الأمة، في رحلة متجددة لتأكيد دعم البرلمان للمحاور الكبرى التي تضمنها هذا المشروع ونيل الضوء الأخضر، الذي يمكن الجهاز التنفيذي من المضي قدما في تطبيق خطة عمله الرامية إلى تجاوز الوضع المالي والاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد وكذا مواصلة مسار الاصلاحات والتنمية، بأريحية تامة وسند مؤكد من الهيئة التشريعية جلسات مناقشة مشروع مخطط الحكومة التي يشرع فيها المجلس اليوم مباشرة بعد الاستماع لعرض السيد أويحيى، تستمر يوم غد الثلاثاء، بتقديم مداخلات الأعضاء ورؤساء الكتل البرلمانية الثلاث (جبهة التحري الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي والثلث الرئاسي) على أن يتاح المجال للوزير الأول للرد على الانشغالات المثارة في النقاش ثم تلاوة لائحة المجلس حول مخطط عمل الحكومة يوم الخميس القادم. وقد نال مخطط عمل الحكومة تزكية الغرفة البرلمانية السفلى، بمصادقة أغلبية نواب المجلس الشعبي الوطني الخميس المنصرم على المشروع، في ظل رفض نواب المعارضة السياسية في المجلس للخطة، حيث اعترض البعض على الحلول الجديدة التي تقترحها الحكومة لتجاوز أزمة شح الموارد المالية، ومنها اللجوء إلى نمط التمويل غير التقليدي، الذي رأى فيه بعض المعارضين "مخاطرة ستتسبب في إغراق البلاد في التضخم وتسبب انهيار الدينار وتدني القدرة الشرائية للمواطن" فيما لم تتوان بعض أطراف المعارضة "الراديكالية" في الطعن في كل السياسات لمنتهجة من قبل الحكومة منذ سنوات وتقديم اتهامات لاذعة للسلطة" الأمر الذي دفع الوزير الأول إلى الخروج عن صمته، والرد بقوة على الأطراف المثيرة لهذه الاتهامات، واصفا إياهم ب«حرفيي المعارضة"، مستنكرا ممارسة البعض منهم لما أسماه ب«النفاق السياسي". أما في رده على من اعتبرها معارضة متحضرة، في إشارة إلى النواب الذين عبروا عن موقفهم المتحفظ عن مخطط الحكومة بأسلوب متحضر، فقد عرض السيد أويحيى كل الأوراق التي تضمن الضوابط في تنفيذ الحلول المقترحة من قبل الحكومة ولاسيما منها تلك المتعلقة بتأطير وتنظيم ومراقبة تنفيذ التمويل غير التقليدي، حيث أكد بأن هذا الإجراء الحصري الذي تم تحديد آجاله ب5 سنوات، تساوقا مع المهلة المدروسة المرتبطة باستكمال الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية التي تعتبر الحل المستديم للوضع المالي والاقتصادي المتأزم، سيتم متابعة تطبيقه من قبل هيئة مستقلة تعد تقارير فصلية عن سير الإجراء وتسلمها لرئيس الجمهورية، مجددا التأكيد على أن التمويل غير التقليدي الذي يضمن السيادة المالية والاقتصادية للدولة، سيجنب الجزائر أزمة خانقة. واغتنم الوزير الأول مناسبة رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني واقتراحاتهم، لتقديم عرض واف حول الوضعية المالية للبلاد، مبرزا حاجة خزينة الدولة إلى موارد مالية لتسديد ديون بعض المؤسسات الكبرى والمقاولين الذين لم يتلقوا مستحقاتهم، فضلا عن دعم التوازنات المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يغطي من جهته موارد صندوق التقاعد. وفي سياق رده، قدم السيد أويحيى القيم الحقيقية للقروض والضرائب غير المحصلة من قبل الدولة، نافيا أن تكون هذه القيم بالحجم "المبالغ فيه" المثار في التقارير التي اعتمدتها أطراف المعارضة السياسية، في إطار مقترحاتها التي تدعو إلى ضرورة تحصيل هذه الموارد واعتمادها لتغطية العجز الذي تعاني منه الخزينة العمومية. كما شكلت مناقشة مشروع مخطط عمل الحكومة في المجلس الشعبي الوطني، فرصة للوزير الأول للإعلان عن بعض الاجراءات الجديدة التي ستلجأ إليها الدولة في إطار قانون المالية لسنة 2018، ومنها إدراج الصيرفة الإسلامية في عمل البنوك العمومية وكذا الخزينة العمومية، كما أشار إلى أن ميزانية التسيير لن يطرأ عليها أي زيادة في 2018، فيما لن يمس الدعم العمومي خلال الفترة نفسها. للتذكير، فإن مخطط عمل الحكومة المصادق عليه بالغرفة البرلمانية السفلى يتضمن 5 محاور أساسية، تتعلق بترشيد الحوكمة وتعزيز الإصلاحات السياسية التي عمقها دستور فيفري 2016، فضلا عن ضمان التوازن المالي للبلاد في ظل الأزمة الاقتصادية ومواصلة تمويل البناء الوطني، والاستمرار في السياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية، ودعم السياسة الخارجية للدولة ومواصلة ومكافحة الإرهاب وتقوية مجال الدفاع الوطني.