انتهت عهدة المجلس الشعبي لبلدية باب الزوار، شرق العاصمة، ولا شيء تحقق في الأفق، وارتاح له مواطنو المنطقة الذين حدثونا بكل أسف أن كل عهدة تنسخ «أختها» والنتائج المحقّقة في الميدان لا تعدو أن تكون مجرد «مساحيق» أو «مهدئات» اجتماعية واجترار للرداءة التسييرية، دليلهم في ذلك أنّ بلدية لها من الموارد المالية الضخمة، بحجم باب الزوار، وموقعها الاستراتيجي الهام، لم ترق إلى مستوى المدن المتوازنة، فلا توجد أحياء بمواصفات حقيقية، ولا محيط نظيف، ولا حركية اجتماعية وثقافية ورياضية تشرف المنطقة، فيما يرد بعض المنتخبين أنّ الأمر لا يتعلق بعهدة واحدة تتحقّق فيها كلّ المتطلبات، ويجب إزالة كلّ النقائص، خاصة بسبب مخلّفات العهدات السابقة. «لم نر شيئا في الميدان»، «دار لقمان على حالها»، «المواطن في آخر اهتمامات المسؤولين».. هي عبارات تشاؤمية، تترجم إحساس شريحة كبيرة من مواطني بلدية باب الزوار، الذين لم يرضوا بما تحقق في الميدان خلال هذه العهدة الانتخابية التي توشك على الانتهاء، ولايزالون يطمحون لإيجاد مجلس بلدي متجانس ومتكامل، يخدم الصالح العام، ويعمل على إشراك المواطن والمجتمع المدني في العملية التسييرية، وفق التوجّه الوطني الجديد، الذي يدعو إلى فكرة «التشاركية» وفتح أبواب التواصل والاتصال مع القاعدة لمعرفة الانشغالات والاحتياجات الحقيقية. كما يؤكد بعض المواطنين الذين التقيناهم أن «البارومتر» الحقيقي لتقييم أداء المنتخبين المحليين في باب الزوار أو غيرها، هو قدرة المجلس على افتكاك المشاريع، وقوة الإقناع التي يتحلى بها الأعضاء لدفع السلطات العليا إلى توفير مختلف ضروريات الحياة والهياكل العمومية، ومنها خدمات البريد التي لازالت دون الصفر، وما هو متوفر لا يعدو أن يكون مجرد مكاتب ضيقة وطوابير لا تنتهي بكل من الجرف و5 جويلية، كما أنّ مكتب «سوريكال» يخضع للترميم منذ أكثر من سنة ولا يعلم المواطنون متى يعاد فتحه. مجتمع مدني مهمش ولا وجود لمبدأ «التشاركية».. حسب ممثلي المجتمع المدني فإن هذه الفكرة مغيبة تماما في بلدية باب الزوار، كون معظم الجمعيات لم تجد الرعاية والسند والدعم الحقيقي من طرف المجلس، فلا توجد إلى حد الآن أي جمعية تحصلت على مقر محدد لتمكين المواطنين من التفاعل معه رغم وجود عشرات المحلات والمقرات الشاغرة التي تغزوها النفايات والحشرات ويسكنها الحمام والعناكب، حسب تعبير ممثل اتحاد الحركة الجمعوية محفوظ حويلي أحد الناقمين على هذه الوضعية، الذي حدّثنا بكلّ حسرة عن واقع جمعيات المجتمع المدني التي لم يبق منها إلا الاسم، ولم تجد من يدعمها ويقوي شوكتها ويوفر لها المناخ المناسب للعمل والإبداع؛ «المسؤولون يريدون من الجمعيات أن تنشط بدون مقر ولا دعم مالي ولا تسهيلات إدارية»، ليضيف: «العديد من الجمعيات المحلية التي كانت ضمن اتحادنا انفضت وركنت إلى الخمول بسبب غياب استراتيجية جادة لاحتواء ممثلي المجتمع المدني وتفعيل دورهم، وجعلهم سندا في عملية التحسيس والتوعية وتكوين مواطنين متحضرين بمعنى الكلمة»، وما يوجد فعلا من جمعيات يدعوها منتخبو البلدية إلى المشاركة فقط في مناسبات «تهريجية» أو «زردات» لكسب ود أصحابها، وعدم اللجوء إلى «التخلاط».. وفي رأي السيد حويلي فإن العيب والقصور موجودان في مثل هذه الجمعيات، التي يحرّك بعضها الطمع والشهرة والبحث عن الحظوة الاجتماعية، وهي مآرب شخصية بعيدة عن العمل التطوعي الذي يبنى عليه قانون الجمعيات. وينصح محدثنا المنتخبين المقبلين على العهدة القادمة، بالتطبيق الحقيقي للسياسة الوطنية، الداعية إلى تجنيد المجتمع المدني في العملية التنموية في كل مجالات الحياة، وذلك بتوفير مقرات أو دار للجمعيات، وتوفير لها بعض ضروريات الاتصال واستقبال المواطنين والتفاعل معهم، ومنه رفع انشغالاتهم وتصنيفها، ولم لا تكوين هذه الجمعيات لتقوية معارف أعضائها، ومدها بأحسن الطرق وأنجعها، خاصة علوم الاتصال الجماهيري وفنون العمل التحسيسي والتوعوي. اكتظاظ المؤسسات التربوية مشكل لم يحلّه المجلس يؤكد ممثلون عن سكان باب الزوار أن من بين المشاكل التي لم يستطع المجلس البلدي الحالي حلها ولاتزال إلى حد الآن كل المؤسسات التربوية تواجهها، اكتظاظ المؤسسات التربوية. هذه المعضلة التي أثرت على مردود أبنائهم، فلم ينفع معها نظام الدوامين، حسب «عمي محمد»، الذي أكد أن المجلس البلدي الذي لا يستطيع أن يحل مشكل الهياكل التربوية ويرضى بالحلول الترقيعية، فهو مجلس فاشل، ولا يستحق أن تجدّد الثقة فيه إن أراد ذلك، ودليله في ذلك أن البلدية التي استحدثت بها أحياء سكنية جديدة مثل «عدل» بموقعيها والتي تضم أزيد من 4 آلاف مسكن ورضي منتخبوها بحشر كل التلاميذ القدامى والجدد في قاعات يصل عدد التلاميذ بها إلى قرابة الخمسين، عاجزة عن توفير غيرها من المشاريع المحلية التي تفيد سكان البلدية. ويستدل محدثنا على هذه النقائص المسجلة في التعليم المتوسط والثانوي، باستغلال محلات «الرئيس» وتحويلها إلى ملحقة بثانوية «أحمد بجاوي» التي غصت أقسامها بالتلاميذ. الأسواق الفوضوية قائمة ومحلات جديدة «تحت الطاولة» كما يطرح مواطنون آخرون مشكل التسوق وفوضى العرض واحتلال الأرصفة والطرقات لسنوات عديدة، وفشل الأسواق الجوارية التي أنجزتها ولاية الجزائر بأحياء الجرف وإسماعيل يفصح و5 جويلية، ولم تستطع جر التجار النشطين الذين عادوا إلى احتلال الأماكن العمومية وساهموا بقسط كبير في تلويث البيئية وعرقلة حركة المرور، وإزعاج سكان العمارات المجاورين. وقال محدثونا إنه بعد إنجاز الأسواق المغطاة التي قامت ببنائها مؤسسة «باتيمتال» لم يتم استغلالها إلى حد الآن، وهي موجهة أساسا للتجار الفوضويين النشطين بمختلف الأحياء المسجلين لدى مصالح البلدية، حيث بقيت هذه المحلات التي أنفقت عليها الدولة أموالا باهظة بدون استغلال، كونها غير مزودة بمختلف الضروريات، فضلا عن أن بعض المحلات - يؤكد محدثونا - تم منحها «تحت الطاولة» لأشخاص لا علاقة لهم بالنشاط التجاري، وآخرين لا يقطنون بإقليم البلدية، الذين سيقومون، لا محالة، بكرائها لأبناء البلدية، موجها أصابع الاتهام إلى المصالح البلدية، التي يفترض أن تغربل ملفات طالبي المحلات بالأسواق الجديدة. نقص في النظافة وأوعية عقارية غير مستغَلة لم يخف سكان البلدية مشكل المحيط الملوث، ونقص المساحات الخضراء، وبقاء جيوب عقارية غير مستغلة تغزوها الردوم والنفايات، مثلما هي الحال بتلك الموجودة بحيي 5 جويلية والصومام وغيرهما. يقول (أحمد .ك) إطار متقاعد، إن مصالح البلدية لم تفكر حتى في تحويلها إلى أسواق مؤقتة، وتحرير الطرق والشوارع الأخرى، كما هي الحال بحي إسماعيل يفصح، لأن الأمر يتعلق بقوّة المجلس أو ضعفه في طرح تسجيل المشاريع والدفاع عن مصالح المواطنين، وأن المجلس عندما لا يكون متجانسا ومتكاتفا لا تقوم له قائمة، ولا ينتج عنه شيء اسمه «التنمية المحلية». ويؤكد المصدر أن المنتخبين الذين لا يستطيعون أن يفرضوا مقترحاتهم ولا يعرفون ما يحدث فعلا بإقليم البلدية ولا يحرجون مسؤوليهم على مستوى الدوائر والولاية، ليس بإمكانهم حل الكم الهائل من المشاكل المطروحة، ومنها تلك المطروحة في قطاع البيئة، «إذ رغم جهود عمال النظافة إلا أن وجه الأحياء يبقى غير لائق بسبب إهمال المواطن، وغياب سياسة التغريم والردع التي لا تطبّقها الإدارة، ومنها شرطة العمران وحماية البيئة التي لا نرى لها أثرا في الميدان». نواب البلدية يوضحون مواطن النقص من جانبهم، أكد بعض المنتخبين ل «المساء»، أن كلا منهم مكلف بقطاع معين، ويعمل على ترك بصمته بالقدر الذي استطاع عليه. ففي مجال التكفل بانشغالات المواطنين في المجال الاجتماعي، ذكر عبد القادر بن شقال عضو المجلس البلدي المكلف بالشؤون الاجتماعية والصناعات التقليدية، أنه من بين الأعضاء الأكثر استقبالا للمواطنين واستماعا لانشغالاتهم، خاصة المتعلقة بالسكن والشغل والتضامن، وهي الأمور التي تملك البلدية بشأنها جزءا من الحل، مفسرا ذلك بطالبي السكن- وما أكثرهم! - الذين يستقبلهم «المير» أو يتم تحويلهم إلى مصلحة الشؤون الاجتماعية، إذ غالبا ما يظنون أن مشكل السكن يحل داخل دار البلدية، فيما تعد البلدية طرفا من الأطراف المشكّلة للجنة التوزيع التي يرأسها الوالي المنتدب. أما في مجال المساعدات المرتبطة بمختلف المناسبات، كقفة رمضان، الدخول المدرسي وختان الأطفال المعوزين، فذكر السيد بن شقال أنها تسير في إطار القانون، وبإشراك جمعيات الأحياء التي تعرف المواطنين المعوزين المستحقين لهذه الإعانات، لكنها في الغالب غير كافية. محدثنا أكد أنه لم يتلق خلال هذه العهدة أي انتقادات أو احتجاجات حول طريقة توزيعها، لأن المعايير واضحة وقوانين الاستفادة محدّدة. وتأسف بشأن ملف السكن، كون ملفات السكن المودعة تناهز 5 آلاف ملف، لم تستفد بشأنها بلدية باب الزوار من حصة تخفّف من المشكل، مشيرا إلى أنّ ولاية الجزائر منحت البلدية حصة ب 100 مسكن لكن على الورق فقط. ولم يخف السيد بن شقال أن مصالح الولاية ساهمت في هذا المجال في إطار برنامج إعادة الإسكان بترحيل سكان الأقبية، الذين ينتظرون الفرج لأزيد من 20 سنة، متمنيا أن تستمر العملية لتمكين العائلات التي تعاني من مشكل الضيق، من الاستفادة من مساكن لائقة، ومؤكدا أن هناك بعض الشقق التي تضم أزيد من ثلاث عائلات وتنتظر الفرج منذ عدة سنوات. بعض المشاريع تجسدت في انتظار أخرى.. من جانبه، أوضح عضو المجلس البلدي المكلف بالبيئة ونظافة المحيط آكلي طواهري، أن الجهود المبذولة في هذا المجال، ظهرت ثمارها في عدة أحياء، مثل سوريكال، 5 جويلية، الجرف، إسماعيل يفصح ورابية الطاهر التي استفادت من مشاريع إصلاح الطرقات، وحل مشكل التطهير بنسبة 80 بالمائة بمختلف أحياء البلدية، وتجديد الأرصفة وتسييج المساحات الخضراء لحماية النباتات. وتعمل البلدية بالتنسيق مع مؤسسة تنمية المساحات الخضراء «أوديفال» على نزع الأشجار المعمرة التي لا تناسب المحيط، خاصة الكاليتوس، التي صارت تحجب عن السكان أشعة الشمس وتطال أغصانها النوافذ والشرفات، كما هي الحال في حي رابية، الذي قام به سكان العمارات بغرس أشجار لتزيين المحيط لكنها أخلت بالمحيط. وذكر السيد طواهري أن العديد من الأحياء استفادت أيضا من ملاعب جوارية منها ملعب بحي رابية، وآخر بحي الجرف، واثنان بحديقة تيتو. وتمت برمجة أربعة بأحياء أخرى، مشيرا إلى إشراك الجمعيات الفاعلة والناشطة بالبلدية في عملية التحسيس والتوعية وتجسيد الحملات التطوعية، لكنه يعترف بالمصاعب التي تواجهها الجمعيات في القيام بمهامها المنوطة بها، ومنها مشكل المقر الذي يعصف بكل الجمعيات ويجعلها هيكلا بلا روح. وفي هذا الإطار قال محدثنا بأنه لو يصبح رئيسا للبلدية سيقوم بإنشاء دار للجمعيات كي لا تتحجج الخاملة منها، وتكون ملتقى حقيقيا للمجتمع المدني وإضافة تنموية حقيقية.