صادق نواب المجلس الشعبي الوطني أمس، بالأغلبية على مشروع تعديل الأمر المتعلق بالنقد والقرض، مزكين بذلك أحكام المادة 45 مكرر التي ترخص لآلية التمويل غير التقليدي، مع الإبقاء على المدة المحددة «لطبع النقود» والمقدرة بخمس سنوات رغم الانتقادات التي أثيرت حولها، والتي رد عليها وزير المالية عبد الرحمان راوية بالتأكيد على أن الإبقاء على فترة 5 سنوات جاءت لتفادي أية قراءات سياسية، نافيا أي احتمال لبلوغ نسبة تضخم 10 بالمائة مع تطبيق هذه الآلية التي ستوجه حسبه أساسا لدفع النمو وامتصاص البطالة... أعطى غالبية نواب الغرفة السفلى موافقتهم على آلية التمويل غير التقليدي التي تقتضي طبع النقود لسد عجز الخزينة العمومية على مدار الخمس سنوات القادمة، وذلك بعد جلسات مناقشة استمرت لأربعة أيام كاملة، عرفت مداخلات العديد من النواب الذين انصبت انشغالاتهم حول مخاطر هذه الآلية وتأثيراتها الاقتصادية.. وعقب المصادقة على مشروع قانون النقد والقرض في الجلسة العلنية التي ترأسها السعيد بوحجة رئيس المجلس الشعبي الوطني وحضرها 366 نائبا، مع تسجيل التصويت ب43 وكالة أيضا، أكد وزير المالية محمد راوية أن للحكومة مبرراتها في الإبقاء على بعض البنود المتضمنة في هذا القانون، لاسيما تلك المتعلقة بمدة طبع النقود التي ستمتد لخمس سنوات كاملة، مشيرا إلى أنه لو حددت مدة أقل لأعطيت قراءة سياسية لآلية التمويل غير التقليدي، (في إشارة للمواعيد الانتخابية).. وجدد الوزير التأكيد بالمناسبة على أن هذه الآلية الجديدة التي ستسمح بتوفير أموال لسد عجز الخزينة، ستوظف في دعم المشاريع التنموية، خصوصا في قطاعي الصحة والتربية وإعادة شراء ديون مؤسستي «سونلغاز» و»سوناطراك» لإعادة إنعاش مشاريعها وكذا امتصاص البطالة، مضيفا أن قيمة الكتل النقدية من هذا التمويل «ستحدد تماشيا مع الحاجيات». ونفى راوية الإشاعات التي تتنبأ بلوغ نسبة تضخم في حدود 10 بالمائة بعد تفعيل آلية التمويل غير التقليدي، مؤكدا أن التوقعات ترتقب نسبة تضخم ب5,5 بالمائة في 2018 أي بنفس النسبة المنتظرة في نهاية 2017 ثم 4 بالمائة في 2019 ثم 3,5 بالمائة في 2020. وجدد بالمناسبة التذكير بأن الدولة ستتابع باهتمام تأثير آلية التمويل غير التقليدي على التضخم، وعيا منها بضرورة اجتناب كل العوامل المولدة لهذه الظاهرة. وعن حجم النقود التي سيتم طبعها، قال الوزير إن الدولة حددت أهدافا للفترة القادمة يجب بلوغها، وسيتم اللجوء إلى التمويل غير التقليدي كلما دعت الحاجة لذلك، موضحا بأن اللجوء إلى هذه الآلية سيتم بعد استنفاذ كل الموارد المالية المتاحة. وإذ عاد راوية في حديثه إلى بعض الأرقام المتعلقة بالعجز المالي المقدرة سنة 2017 ب570 مليار دينار، مؤكدا تسجيل زيادات في التحصيل الضريبي تتراوح بين 10 و11 بالمائة عما هو معتمد في قانون المالية الحالي، مع ترقب تحسن أكبر في التحصيل للسنوات القادمة، الوزير أكد في رده على أسئلة الصحفيين أن هذا الإجراء المصادق عليه سيطبّق بالتزامن مع مواصلة برنامج إصلاحات هيكلية اقتصادية وميزانياتية هدفها - مع نهاية المدة المذكورة - إعادة توازنات الخزينة العمومية وتوازنات ميزان المدفوعات.. ويتعلق الأمر حسب الشروحات التي قدمها الوزير بتغطية حاجيات تمويل الخزينة وتمويل تسديد الدين العمومي الداخلي، خصوصا عبر سندات القرض الوطني للنمو الذي اعتمد في 2016 وكذا سندات الخزينة العمومية لإعادة شراء الدين البنكي لشركة «سونلغاز» وسنداتها لصالح «سوناطراك» لتغطية الفارق في أسعار الوقود المستورد والمياه المحلاة. كما تسمح هذه الآلية بالترخيص للخزينة العمومية بتمويل الصندوق الوطني للاستثمار عن طريق مساهمة الدولة في مشاريع طويلة المدى. للإشارة، تم تعديل الأمر الصادر في 2003 المتعلق بالقرض والنقد من خلال المادة 45 مكرر التي تنص على أن يقوم بنك الجزائر، ابتداء من دخول هذا الإجراء حيز التنفيذ، بصفة استثنائية وخلال مدة أقصاها خمس سنوات، بالشراء المباشر للسندات الصادرة عن الخزينة العمومية قصد تغطية حاجيات تمويل الخزينة وتمويل تسديد الدين العمومي الداخلي وتمويل الصندوق الوطني للاستثمار. ويسمح اللجوء إلى هذه الآلية التي يرافقها برنامج إصلاحات هيكلية اقتصادية وميزانياتية، ومواصلة سياسة ترشيد النفقات وتحسين العائدات الجبائية، بإعادة التوازنات الاقتصادية والمالية مع نهاية المدة المحددة ب5 سنوات.